هارتس : “أنا ألوي أنا مسلم”.. رئيس المعارضة يسحب سلاح منافسه: كيف سيرد أردوغان؟

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم تسفي برئيل

“أيها الشباب الأعزاء، الذين ستنتخبون للمرة الأولى، لقد حان الوقت للحديث عن موضوع شخصي جداً، حساس… أنا ألوي، أنا مسلم”، أعلن رئيس المعارضة في تركيا، كمال كلتشدار أوغلو، في فيلم فيديو نشر الأربعاء الماضي وحصل حتى الآن على أكثر من 75 مليون مشاهدة (مفهوم ألوي يكتب هنا بحرف الألف للتمييز بين العلويين في سوريا والعلويين في تركيا. الحديث يدور عن تيارين مختلفين).

هذا الإعلان يعد أكثر من خروج من الصندوق، حيث إن هويته الدينية كانت معروفة. هذه هزة اجتماعية وسياسية. وهناك صحافيون سموها “إعلاناً تاريخياً”، وخصوم سياسيون مدحوا شجاعة كلتشدار أوغلو. رئيس الحزب الكردي “اتش.دي.بي” غرد وقال: “أؤيد من أعماقي هذا التصريح الجميل”. ورئيس حزب “المستقبل”، أحمد داود أوغلو، الذي استقال من الحزب الحاكم وانضم للمعارضة، أعلن: “أنا سني، لكن يجب عليّ الدفاع عن المواطنين الألويين”.

من الصعب التقدير كيف سيؤثر إعلان رئيس المعارضة على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي ستجرى في 14 أيار القادم. ولكنه سجل انتصاراً واضحاً في موضوع واحد على الأقل؛ فقد سحب من يد الرئيس رجب طيب أردوغان سلاحاً ثقيل الوزن، الذي استخدمه أكثر من مرة ضد خصمه لعرضه كأنه غير مسلم حقيقي لأنه ألوي.

أن تكون ألوياً في تركيا يعني أن تنتمي إلى أقلية كبيرة، عدد أعضائها غير معروف، لأن الانتماء الطائفي غير مسجل في بطاقات الهوية. ثمة تقدير بأن هذه الطائفة تضم 10 – 15 مليون نسمة وربما أكثر. عقيدة الألويين في تركيا تستند في جزء منها إلى أسس التيار الشيعي، الذي يعترف بالنبي محمد، ولكنه يرى في عليّ خليفته الشرعي. التفسير الكلاسيكي لا يلزمهم، وعاداتهم مختلفة. وهم لا يصومون شهر رمضان، والنساء والرجال يصلون معاً، والكحول غير محرمة بالكامل، والصلاة تجري في أماكن التقاء وليس في المساجد. ولكن الألويين غير معروفين في تركيا كتيار ديني، لذلك لا يحصلون على دعم وتسهيلات في الضرائب والرسوم، كما تحصل مؤسسات دينية معروفة مثل المساجد والكنائس.

الألويون أقلية مضطهدة ليس بسبب العقيدة فقط، هم بشكل عام في الجناح اليساري على الخارطة السياسية. وفي السبعينيات أصبحوا هدف التيارات اليمينية المتطرفة. في 1978، في حادثة سميت “مذبحة مراش” قتل نحو 107 أشخاص من أبناء الطائفة الألوية ويساريين أكراد في مدينة كرمان مرعش على يد رجال المليشيا اليمينية المتطرفة “الذئاب الرمادية”. بعد مرور 15 سنة على ذلك، أحرق نشطاء من اليمين السني فندق “مديماك” في مدينة سيواس، عندما كان ينعقد فيه مؤتمر لمثقفين ألويين. 35 من المفكرين قتلوا في الحريق، من بينهم عزيز نسيم، الذي يعدّ من الكتاب المهمين في تركيا، والذي ترجم للغة التركية “آيات شيطانية” لسليمان رشدي. يتبين من أفلام فيديو للشرطة التي تسربت لوسائل الإعلام أن الشرطة لم تفعل شيئاً لمنع إحراق الفندق وإلحاق الضرر بالمجتمعين.

عندما بدأت الحرب الأهلية في سوريا اعتبر الألويون الأتراك كطابور خامس للأسد بسبب ما اعتبر بالخطأ تضامناً بين العلويين والألويين. محلات تجارية وبيوت للألويين أحرقت على يد السنة. والألويون تم التحقيق معهم بتهمة التعاون مع النظام السوري.

خلال عشرات السنين، خشي أبناء الطائفة من إظهار هويتهم. “أن تكون ألوياً أسوأ من أن تكون كردياً أو عربياً”، شرح لي أحد أعضاء حزب “العدالة والتنمية”، “الأكراد والعرب هم على الأقل مسلمون، أما الألويون فليس لهم دين. هم عبدة أوثان”. لم يكن دقيقاً: كثير من أبناء الطائفة يحملون لقبين مُدانين، أكراداً وألويين أيضاً.

إن كشف رئيس المعارضة لهويته الألوية لن يحسن بالضرورة مكانتهم الرسمية في تركيا. فثمة شك كبير إذا كان أردوغان سيسارع إلى إعطائهم مكانة دين أو التنافس مع خصمه في القطاع الذي اعتبر ساحة بيته. بالمناسبة، كثير من الألويين صوتوا لأردوغان في الانتخابات السابقة، رغم أنه يصعب قياس نسبة التأييد في ظل غياب سجلات طائفية. ولكن النشر الكثير لتصريح كلتشدار أوغلو ودعم الجمهور له بث حياة جديدة في سياسة الهويات، وضم الطائفة كمجتمع له مكانة وقوة في المنافسة على السلطة في الدولة.

إذا كان الأكراد في العقدين الأخيرين اللذين حكم فيهما أردوغان الدولة هم القطاع الوحيد الذي استخدم هويته الطائفية لأغراض سياسية، فقد انضمت الآن الهوية الألوية التي أسسها دينية وليس عرقية إلى لعبة الحرب السياسية. وهذا قد يجبر أردوغان على صياغة جديدة أو أن يحدّث على الأقل القومية الدينية السنية في أساسها التي يدفعها قدماً. هذه الحاجة تزداد إزاء الاستطلاعات الأخيرة التي تتوقع تراجعاً كبيراً في قوة حزب العدالة والتنمية وأردوغان نفسه. بعض الاستطلاعات تتوقع أن تكون هناك حاجة إلى إجراء جولة ثانية للانتخابات الرئاسية. وفي الوقت الذي ستجرى فيه الانتخابات البرلمانية، ربما لا ينجح الائتلاف الحالي لأردوغان في تشكيل حكومة متفق عليها. المشكلة هي أن هذه الاستطلاعات تشير إلى أن معظم الجمهور لا يعتبر كلتشدار أوغلو مرشحاً مفضلاً بصورة واضحة لإنقاذ الدولة من الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها منذ خمس سنوات.

 

 هآرتس