استعرض رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة سامي العمصي، اليوم الخميس، واقع العمال الفلسطينيين، عشية يوم العمال العالمي.
وقال العمصي في تقريرٍ صدر عنه: "نصف سكان القطاع يعيشون بلا دخل يومي، نتيجة استمرار فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ ستة عشر عامًا".
وتابع: "مع كل احتفاء عالمي بيوم العمال العالمي، يتجدد الحديث عن الفصول المؤلمة لمأساة العمال الفلسطينيين وخاصة عمال قطاع غزة وهم يعيشون تحت وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ستة عشر عامًا في أبشع جريمة عقاب جماعي لم يشهد العالم مثلها".
وأكّد على أنّ استمرار الحصار "الإسرائيلي"، وارتفاع نسبة البطالة لنحو 50% الذي يعني أن نصف سكان القطاع يعيشون بلا دخل يومي، فضلا عن ارتفاع نسبة الفقر لقرابة 60% وتعطل نحو ربع مليون عامل، يعمق الكارثة الإنسانية في غزة، ويزيد من معاناة العمال.
ونعى العمصي المسن أمين أبو وردة "59 عامًا" من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، الذي استشهد ظهر اليوم أثناء عمله في "إسرائيل" بعد تعرضه لاعتداء من مستوطنين متطرفين.
وبشأن القطاعات المتضررة في قطاع غزّة، قال العمصي: "لا زال الاحتلال يستهدف الاحتلال قطاع الزراعة، الذي يشكل 25% من الاقتصاد الفلسطيني وحقق على مدار الأعوام الماضية اكتفاءً ذاتيًّا، وحافظت الأسعار في السوق المحلي على استقرارها".
وأوضح أنّ الاحتلال يستهدف القطاع من خلال تجريف الأراضي المستمر الواقعة قرب السياج الفاصل وحرق ورش المبيدات السامة و فتح السدود والعبّارات وقصف الأراضي الزراعية وإطلاق النار اليومي عليهم خلال التوجه إلى أعمالهم.
وأشار إلى قيام الاحتلال نهاية ديسمبر/ كانون أول الماضي بفتح العبارات والسدود شرق مدينتي خان يونس ودير البلح فغمرت المياه نحو 300 دونم زراعية، بهدف ضرب القطاع الزراعي، وإلحاق ضرر مباشر بأراضي المزارعين، وهي جريمة تتكرر كل عام وتتسبب بمتوسط خسارة سنوية تبلغ مليون ونصف المليون دولار للمزارعين.
وبيّن أنّ قطاع الخياطة يضم 291 مصنعًا تشغل أكثر من 8 آلاف عامل، ويشهد القطاع انتعاشه نتيجة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الاقتصاد في غزة، أدت إلى ترتيب وضبط الاستيراد من خلال وضع "كوتة" للمصانع، ما أدى إلى قدرة المصانع المحلية على العمل، مُطالبًا باتخاذ الوزارة إجراءات إضافية لدعم المنتج الوطني المحلي.
ولفت إلى أنّ قطاع النقل العام والذي يعمل فيه 20 ألف سائق يعملون على تحميل الركاب ونقل طلبة المدارس والجامعات تلقى خسائر كبيرة نتيجة استمرار الأزمات ما بين حصار وحروب، ولا زال يعاني نتيجة ارتفاع أسعار السيارات وعدم سماح الاحتلال بإدخال مركبات جديدة.
وتابع: "في حين شهد قطاع السياحة الذي يعمل به 5 آلاف عامل انتكاسة وخسائر كبيرة نتيجة صعوبة ارتيادها في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية، بينما لا زال قطاع الإنشاءات متضررًا من جراء الحصار والذي كان يشغل 40 ألف عامل، ونتيجة عدم تحريك عجلة الإعمار منذ عام كامل، وهو ما ينذر بتداعيات خطيرة".
وحول قطاع الصيد، نوّه العمصي إلى أنّ الاحتلال اعتقل أكثر من 66 صيادًا منذ عام 2022 وحتى اليوم أفرج عنهم جميعا ولا زال يحتجز 3 صيادين، وصادر أكثر من 23 قاربًا بينهم 16 قاربًا جرى تدميرها.
وأردف: "خلال هذه الفترة أصيب نحو 28 صيادًا برصاص قوات بحرية الاحتلال الإسرائيلي، كان آخرها إصابة 4 صيادين في بحر شمال القطاع في 9 مارس/ أذار الماضي، وهم: محمد عبد الرحمن بكر، ومحمود محمد سعد بكر، وخميس محمد سعد بكر، ويسري زكريا بكر".
واستكمل: "الاحتلال يريد جعل مهنة الصيد من المهن الخطرة، وذلك بهدف ضرب الاقتصاد الفلسطيني كون هذا القطاع بالغ الأهمية إذ يشكل 15% من إجمالي الناتج الاقتصادي ويشغل نحو أربعة آلاف صياد، ومئات العمال المرتبطين بالصيد".
وبشأن ملف تصاريح عمال غزّة، شدّد العمصي على أنّ الاحتلال لا زال يماطل في تنفيذ التفاهمات التي تمت برعاية وسطاء للسماح بإدخال 30 ألف عامل للعمل باسرائيل، فلا تتجاوز أعداد العمال حاليًا عن 16 ألف عامل تحت مسمى "احتياجات اقتصادية"، فيما لا زال الآلاف ينتظرون على أحر من الجمر فرصة الحصول على تصريح.
وأضاف: "منذ عودة العمال للعمل استخدم سلاح الإغلاق كعقاب جماعي لنحو 16 ألف أسرة عمالية، ولكافة المواطنين في القطاع ولشريحة المرضى التي يحتاجون إلى إجراء عمليات عاجلة في الضفة الغربية والداخل المحتل، خاصة خلال ما يسمى الأعياد اليهودية أو خلال التوترات الأمنية".
وأشار إلى أنّ الاحتلال قام بإغلاق حاجز بيت حانون/ إيرز أمام العمال لثمانية أيام في الفترة ما بين "6-13 إبريل/ نيسان الجاري" بسبب ما يسمى "الفصح العبري" وتكبد العمال خسارة بلغت نحو 40 مليون شيقل "11 مليون دولار"، كما قام العام الماضي بإغلاق الحاجز أربع مرات تكبد خلالها العمال خسائر بلغت نحو 20 مليون دولار.
وحول شهداء لقمة العيش، حمّل الاحتلال مسؤولية تصاعد حالات الوفيات في صفوف عمال غزّة بـ"إسرائيل" التي بلغت 9 حالات وفاة، والتي كان آخرها، ارتقاء الشهيد العامل الحاج أمين أبو وردة (59 عامًا) من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أثناء عمله في "إسرائيل"، بعد تعرضه اليوم الخميس لاعتداء من مستوطنين متطرفين أثناء عمله ما أدى لاستشهاده.
ولفت إلى أنّ العامل محمد الجبلي "59 عامًا" استشهد إثر تعرضه لنوبة قلبية خلال عمله في مدينة رهط بالنقب، وفي 20 إبريل/ نيسان الجاري، استشهد العامل زياد الغول مطلع مارس/ آذار الماضي إثر سقوط رافعة بناء عليه أثناء عمله بالداخل المحتل، وكذلك العامل مجدي صبحي أبو كرش (54 عامًا) الذي استشهد بصعقة كهربائية خلال عمله بالداخل المحتل في 23 يناير/ كانون ثاني الماضي.
وبيّن أنّه في 27 ديسمبر/ كانون أول 2022، استشهد العامل خالد كمال العجلة (35 عامًا) جراء سقوطه في ماكنة طحن للحوم بمصنع إسرائيلي بمدينة عكا، واستشهد العامل عبد العزيز الدغمة (40 عامًا) من سكان عبسان الجديدة في خانيونس جنوب قطاع غزة، بفعل إصابته من قبل جرافة داخل مصنع في ريشون لتسيون جنوب( تل أبيب) في 29 آب/ أغسطس 2022. وفق العمصي
وأشار إلى استشهاد العامل أحمد عياد في 5 يوليو/ تموز 2022، جراء اعتداء جنود جيش الاحتلال عليه بالضرب المبرح أثناء توجهه للعمل في الداخل المحتل عند فتحة الجدار الفاصل بطولكرم شمال الضفة، رغم حصوله على تصريح للعلاج والعمل.
نوّه إلى استشهاد العامل محمود سامي خليل عرام (27 عاما) من سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، والذي ارتقى شهيدا في 8 مايو/ أيار 2022 في جريمة إسرائيلية بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار عليه أثناء محاولته عبور السياج الفاصل من مدينة طولكرم نحو الداخل المحتل للعمل، وكذلك استشهد العامل جمال معروف، إثر تعرضه لحادث سير أثناء عمله في الداخل الفلسطيني المحتل في 3 فبراير/ شباط.
وشدّد على أنّ حجم وعدد الضحايا العمال الفلسطينيين يتصاعد سنة بعد أخرى، إذ توفي العام الماضي أكثر من 50 عاملا من الضفة الغربية والداخل المحتل وفي 2021 توفي 66 عاملا في ورش الصناعة والتجارة والبناء والخدمات الزراعية، و65 عاملا توفوا عام 2020، و47 عاملا توفوا عام 2019، فيما توفي 39 عاملا عام 2018.
وقال: "إنّ هذه الأرقام تنبه إلى انعدام الأمن في المواقع العمل الإسرائيلية وإجراءات السلامة المهنية، ونحمل أرباب العمل الإسرائيليين مسؤولية ارتكاب هذه الجرائم عبر عدم توفير أدنى إجراءات السلامة في مواقع العمل والتمييز العنصري، بالدفع بالعمال الفلسطينيين للأعمال الخطرة دون أية إجراءات سلامة، وتنصلهم فيما بعد من كافة الحقوق والتعويضات لعائلاتهم".
وتابع: "الظروف الصعبة للشعب الفلسطيني تدفع أكثر من 100 ألف عامل من الضفة الغربية إلى البحث عن خيارات عمل مرة بالداخل المحتل، ونحو 70 ألفا يعملون في مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الاحتلال يشن حملات اعتقال متواصلة في صفوف العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية بحجة عدم حصولهم على التصاريح اللازمة، وذلك بهدف تضييق الخناق عليهم ومفاقمة أوضاعهم الصعبة".
وفي ملف الحد الأدنى للأجور، أشار العمصي إلى عقد الاجتماع الأول للجنة الأجور بغزّة برئاسة وزارة العمل ومشاركة نقابات العمال وجهات مختصة أخرى في 11 إبريل/ نيسان الماضي خطوة مهمة نحو تطبيق الحد الأدنى، وإنهاء معاناة آلاف العمال جراء تدني الأجور، مُطالبًا بضرورة وضع حد أدنى للأجور يتناسب مع الوضع القائم في قطاع غزّة مع ضرورة دراسة آلية تطبيقه.
وأكّد على أنّ تطبيق الحد الأدنى للأجور ينهي استغلال الكثير من أرباب العمل في غزة للحصار كشماعة لصرف رواتب زهيدة لعمالهم، رغم أن بعض الشركات لم تتأثر أرباحها بالأوضاع الاقتصادية في القطاع، وإنهاء معاناة عمال يعملون بأجرة منخفضة تقدر بـ 2 شيقل بالساعة، وبعضهم يعملون بأجرة يومية لا تتجاوز 20 شيكلا.
وأضاف: "الاتحاد لن يدخر جهدا في الدفاع عن حقوق العمال وإعلاء صوتهم والمطالبة بتحقيق العدالة وتطبيق الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في القطاع".