حتى العبادات يمكننا أن نغفل عنها إذا لم نراعِ الإقبال عليها، وبعد شهر من الاجتهاد والسعي يجب أن نعمل بنصائح المداومة على الطاعة بعد رمضان.
لن تتمكن نبتة من النمو إلا إذا سقيتها واعتنيت بها، وكذلك الطاعة والعبادات التي نظن أننا اجتهدنا فيها بكل ما نملك في شهر رمضان، معتقدين أن استمراريتنا عليها لا مفر منها، ثم لا يمر سوى بضعة أيام لنعود إلى سابق عهدنا غافلين عن الذكر وهاجرين للقرآن غير منتظمين في الصلوات.
وقبل أن ينتابكم الشعور بالذنب وجلد الذات، ابدأوا في فعل كل ما يلزم من أجل المداومة على الطاعة بعد رمضان حتى تصبح جزءا من روتين يومكم العادي، وتزيدون عليها باجتهاد وسعي حقيقي.
فضل المداومة على العمل الصالح والطاعة
يمكن أن يشعر كثيرون أن العبادات في شهر رمضان أكثر سهولة، كونه شهر روحاني نسعى جميعا إلى التقرب من الله، وتعمه أجواء الطاعة من الذكر وتلاوة القرآن وصلاة التراويح والقيام، فالكل يسعى أن يغتنم فضل الشهر الكريم بكل السبل، حتى الصدقات والزكاة وصلة الرحم.
بينما تصبح المداومة على الطاعة بعد رمضان أكثر صعوبة عند البعض، في حين يذكر الأئمة والفقهاء أن من علامات قبول الطاعة هو الاستمرار عليها، ولذلك إذا شعرت بالفتور وأن إقبالك على العبادات متكاسلا، حتى الفرائض منها، في حين أن ما بعد رمضان شهر شوال وبركة الأيام الست وفضل صيامها التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر"
مع فتور العزيمة والرغبة في إتيان العبادة على العبد أن يتذكر أن أيام الله كلها نفحات وبركة، وعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالي يطلع على عباده في الثلث الأخير من كل ليلة، ويسأل هل من مستغفر ليغفر له؟ هل من داعي ليستجب له؟ هل من سائل فيعطيه؟ فالاستجابة والقبول لا يرتبطان بشهر رمضان فقط.
واجبنا بعد رمضان
القدرة على الاستمرار في العبادة والطاعة، تأتي من القناعة الداخلية بأن شهر رمضان هو باب جديد للتوبة والاستغفار ينفتح على أعمال أخرى صالحة تدوم لرمضان الذي يليه وللأعوام القادمة، واقتصار الطاعة على وقت معين لن يجعلها دائمة، كما في قوله تعالي في سورة الحج: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ".
ويمكن أن تكون المداومة على الطاعة بعد رمضان أكثر سهولة، من خلال اتباع سُنة رسول الله، فمن علامات القبول أن يتبع المسلم الحسنة بالحسنة، ويمكن لمجموعة من النصائح أن تعينكم وتُيسر الاستمرار في العبادة، منها:
- الحفاظ على فرائض العبادات.
- تحديد أوراد يومية ثابتة من القرآن الكريم.
- أذكار الصباح والمساء.
- الصلاة على النبي يوميا.
- قيام الليل.
- الحرص على صلة الرحم.
- الصدقات والزكاة.
اغتنام فضائل الشهر الكريم وبركته تكتمل بالقدرة على المداومة على الطاعة بعد رمضان كونها من علامات القبول، ورغم صعوبة يحب الله العبد الأواب، الذي يسعى ويجتهد محاولا التقرب إلى الله وطاعته.