تجذبك أشكالها وألوانها للوهلة الأولى، مجموعة من الحلوى التي تُباع للأطفال داخل محلات البقالة في غزّة اختلفت في الطعم والشكل والمفهوم، فتارةً تجدها مغلفة بعلب شبيهة بعلب التجميل والمكياج وهذا النوع من الحلوى تُقبل عليه الفتيات الصغار، وتارةً أخرى تجد أصابع العلكة تُشبه في شكلها السجائر، فترى الطفل حين يشتريها وقبل أنّ يتذوقها يقوم بوضع طرفها في فمه وكأنه رجل كبير يشرب السجائر وهو بذلك يقلد الكبار على طريقته وبيد الكبار الذين أدخلوا هذا النوع من الحلوى له.
ما ذُكر أعلاه هو نموذج مصغر لما يُباع من الحلوى في الأسواق لأطفالنا والذي ربما يكون سبباً في اكتساب الطفل مفاهيم مغلوطة وخاطئة تؤثر عليه على المدى البعيد.
مراسلة وكالة "خبر" استطلعت آراء المواطنين الكبار والصغار عن الحلوى التي تُباع وطبيعة شكلها وطعمها وكانت كالتالي:
اعتدال عثمان، تُبدي قلقها الكبير من تلك الحلوى التي تُباع للأطفال في بداية حديثها، وتقول: "إنَّ الحلوى التي تغزو الأسواق الفلسطينية معظمها مستوردة من الصين وهي من أكثر البلدان التي جلبت الدمار للعالم، ومن أكثر بلدان العالم التي يُشك في منتجاتها الغذائية، فالمكونات التي تدخل في تركيب الأغذية لديهم ربما تكون غير محللة في ديننا الإسلامي أو تدخل في تركيبها بعض المواد المضرة التي لا يتحملها جسم الطفل، وما يُثير القلق أنَّ هناك بعض الحلوى مكتوب عليها غير مسموح تناولها من قبل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات، والأطفال حين يشترون تلك الحلوى لا يتبعون الارشادات ولا يقرأون ما يُكتب على تلك العلب، حتى أنَّ الكثير من الأهل لا يلتفتون لقراءة ما يُكتب، ولنتخيل أنَّ تلك الحلوى يدخل في تركيباتها مكونات يُمكن أنّ تُسبب حساسية للأطفال أو تسمم أو تُصيبه ببعض الأمراض على المدى البعيد".
وعن أشكال الحلوى التي تؤثر على مفهوم الأطفال في حياتهم، قالت: "تحدثت عن الطعم وما تحتويه من مواد ضارة تؤثر على صحة الطفل، فما بالك بأشكال تغليف هذه الحلوى فحدث ولا حرج، تجد هناك حلوى عبارة عن قنابل مسدسات أو علب كبريت أو عبارة عن علب المكياج وغيرها من الأشكال لترغيب الطفل على المدى البعيد في اقتناء تلك المنتجات الحقيقية بصورتها الضارة والخطرة على حياته، لذلك أنصح الأمهات والأباء عند إعطاء طفلهم مصروفه اليومي ضرورة متابعة ما يقوم بشرائه وتوجيهه للأفضل، فالطفل يحتاج للتوجيه والمتابعة".
تجار يجهلون مضار بعض المنتجات
إسماعيل رزق، قال: "للأسف لا يقتصر الأمر على الحلوى فقد تعدى ذلك، لأنَّ بعض الألعاب الصينية المستوردة تُعلم الأطفال على العنف في المدى القريب والبعيد، وبعض التجار لا هم لهم سوى الكسب والربح، حتى لو كان على حساب حياة أولادنا".
وتابع: "في المناسبات والأعياد ترى الأسواق تعج بأشكال الحلوى الغريبة بألوانها الملفتة للكبار والصغار، والألعاب التي يتهافت عليها الأطفال لاقتنائها، والتي يكون سعرها ليس مرتفعاً، فيستطيعون شرائها من عيدياتهم دون أنّ يراهم والديهم".
ووجه رزق حديثه للتجار الذي يستوردون كل شيء ضار على صحة الكبار والصغار، أنّ يتقوا الله في تجارتهم وليتخيلوا أنَّ الضرر قد طال أبنائهم، فماذا سيقولون حينها.
الطفلة "إيلين" ذات العشرة أعوام التي كانت تتواجد في أحد محلات البقالة، وتُصر على البائع أنّ يُعطيها الحلوى الموضوعة على الرف العلوي، تلك الحلوى عبارة عن كرات من الحلوى متعددة الألوان ومغلفة على شكل سلة جميلة، وتقول "إيلين" لمراسلة "خبر": "أحب شراء هذه الحلوى، لذيذة وتحتوي على نكهات كثيرة من الفواكه، صحيح أنّها صغيرة وقليلة داخل العلبة، لكني أشتري تلك الحلوى لأحصل في النهاية على العلبة التي تغلفها".
يختلف معها "أمير" الذي كان يتواجد بالقرب منها ليحصل على بعض من المصاص وكيس الشيبس محلي الصنع، والذي يحتوي على أطعمة وألوان مختلفة، فيقول: "لا أحب شراء الحلوى الصغيرة التي تُحبها إيلين، فهي تنتهي بسرعة، العلبة تكون فارغة من الداخل بالكاد يوجد بها عشر حبات من الحلوى، فانّا أشتري المصاص وأعشق تناول الشيبس بطعم الخل والملح والكاتشب، وقليلاً ما أشتري منتجات أخرى".
امتياز عرب، تقول: "يجب على وزارة الاقتصاد وحماية المستهلك أنّ تُراقب أولاً بأول ما يتم استيراده من مواد غذائية وخصوصاً المتعلقة بحياة وصحة أطفالنا، وضرورة أنّ يمنعوا استيراد الحلوى المصنعة في غير الدول الإسلامية والعربية، يكفينا استهانة بما يُصدره لنا الغرب، هم لا يهمهم حياة أطفالنا، لأنّ بعضها يحتوي على مواد تُسبب لهم السرطان ومواد مصنعة ومهدرجه سيئة جدا على الصحة".
خبير: الملونات المضافة لبعض الحلوى تُشكل خطراً على صحة الطفل
وعن الحلويات الملونة وتأثيرها، يقول خبير التغذية، محمد العلمي: "إنَّ الأطفال يُقبلون على شراء الحلويات الملونة بشكلٍ لافت، وتوجد على أشكال متعددة تجذب الصغار باقتنائها وتناولها، لكِن على الرغم من لذتها إلا أنّها تُشكل خطورة على صحتهم، فقد تتسبب في عدة أمراض، وتزداد خطورة هذه الحلويات عندما تكون مجهولة المصدر وطريقة التحضير".
ويُضيف، في حديثه لمراسلة "خبر": "إنَّ مجموعة من الدراسات كشفت أنَّ الحلويات مجهولة المصدر يُضاف إليها كميات كبيرة من الملونات الصناعية، بالإضافة إلى مادة الجيلاتين التي تتكون من عظام وجلود الحيوانات، وتؤدي هذه الحلويات إلى إصابة الأطفال بالعديد من الأمراض كحساسية الجلد والربو، بل وقد تتسبب في إصابتهم بالسرطان".
أما عن الملونات المستخدمة، أوضح العلمي، أنّه يمكن أنّ تشكل خطورة كبيرة فيما لو اُستهلكت بشكلٍ مبالغ فيه، حيث أثبتت العديد من الدراسات العلمية مخاطرها الصناعية، فالصبغة الزرقاء التي تُستخدم عادةً في الحلويات والمشروبات تتسبب في أورام بالكلى وتُشكل أيضاً الصبغة الصفراء رقم 5 خطراً على الأطفال، فهذا النوع من الأصباغ يُستخرج من قطران الفحم، وقد يسبب فرط الحساسية الشديدة وقد يؤثر على حركة وسلوكيات الأطفال، بينما تُسبب الصبغة الصفراء رقم 6 أورام الكلى والغدة الكدرية، وتستخدم في المشروبا والحلويات، وحلويات الجيلاتين، أما الصبغة الحمراء فقد ارتبطت بظهور بعض الأورام التي تصيب المثانة البولية".
وأردف: "أما الصبغة الحمراء رقم 40 فهي الصبغة الأكثر استخداماً، ولها العديد من التأثيرات السلبية على صحة الإنسان، بحيث قد تُسرع في ظهور الأورام التي تصيب الجهاز المناعي، وقد تسبب بفرط الحساسية وتستخدم في المشروبات والحلويات".
وقد انتشرت مقاطع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لبعض المنتجات التي صُنعت على شكل كرة بداخلها أجنة غير مكتملة، ودود وحشرات، بالإضافة لعين تُشبه العين الأدمية بداخلها جل أحمر يشبه الدماء، وقد لاقت تلك المقاطع استهجاناً وغضباً واسعاً لدى المواطنين الذين رأوا أنَّ تلك المنتجات ستؤثر سلباً على مفهوم وتربية وأخلاق ونفسية الأطفال.
أخصائي الصحة النفسية سعيد الكحلوت، كتب عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "شاهدت فيديوهات لمنتج غذائي جل أطفال على شكل عين آدمية يحيطها خطوط تشبه الدماء، يفتحها الطفل ويسيل سائل أحمر من الداخل يشبه الدم، كمختص في الصحة النفسية أطالب وزارتي الصحة والاقتصاد بالتحرك نحو سحب هذا المنتج من السوق واتخاذ الإجراءات نحو منع تصنيعه أو توريده، لما قد يُشكله من خطر سلوكي على أطفالنا ليس أوله اكتساب العنف والعدوانية".
وقد تابعت مراسلة "خبر" ردود رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول انتشار تلك الحلوى وخصوصاً التي تبدو على شكل عين بشرية، وكانت كالتالي:
وفي وقت لاحق وبعد أنّ ضجت مواقع التواصل الاجتماعي برسائل ومناشدات من قبل المواطنين تحث فيها وزارة الاقتصاد على عدم السماح للتجار باستيراد كل منتج يضر بصحة الأطفال نفسياً وجسدياً، ضبطت مباحث التموين سبعة وعشرون ألف حبة من الجلي "على شكل عين آدمية".
من جانب أخر، يُذكر أنّ طواقم معبر رفح التجاري في وزارة الاقتصاد الوطني بغزة، ضبطت قبل أيام ألعاب مخالفة لثقافة مجتمعنا الفلسطيني.
وأكّد مدير معبر رفح التجاري بوزارة الاقتصاد، شعيب الفرا، على أنَّخ تم ضبط 8 كراتين ألعاب أطفال "بوب إت" وأتلفتها كونها من السلع المخالفة.
وأوضح الفرا، أنَّ الطواقم تُتابع بشكل مستمر السلع الواردة إلى قطاع غزّة، ولن تتهاون مع أيّ سلعة تُخالف ثقافة المجتمع، داعياً التجار للالتزام بإدخال السلع الموافق عليها من قبل الوزارة وعدم تجاوز ذلك لضمان سير العمل بالشكل الصحيح.