هارتس : كيف سيرد العالم حال نجاح الانقلاب القضائي؟

يونان ليس.jpeg
حجم الخط

بقلم: يونتان ليس



كان قرار رئيس الحكومة في إسبانيا، بيدرو سانشيز، إرسال خطاب مسجل لتظاهرة ضد الانقلاب النظامي في يوم السبت الماضي أمراً استثنائياً. فهو مدروس ومنضبط. سانشيز اصبح الزعيم الأجنبي الأول الذي عبر عن التضامن العلني للمرة الأولى مع المتظاهرين في كابلان، وشجعهم على النضال ضد الحكومة. حقيقة أن سانشيز قام بإلقاء خطاب، على اعتبار أنه رئيس للاشتراكية الدولية وليس كرئيس حكومة، مكنت الحكومة من عدم تدهور الوضع الى درجة حدث دبلوماسي خطير مع مدريد.
كان سانشيز أول من وقف بصورة واضحة الى جانب المتظاهرين. ولكن في الأشهر الأخيرة حذر بعض الزعماء البارزين في العالم من سلوك الحكومة الحالية في هذا الشأن. في واجهة النضال وقف الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي هاجم خطة وزير العدل ياريف لفين أمام العدسات، وأوضح بأن نتنياهو لا يعتبر ضيفاً مرغوباً فيه في أميركا. أيضاً الرئيس الألماني، وولتر شتاينماير، والمستشار وولف شولتس، لم يخفوا القلق في خطاباتهم، في حين أن رئيس حكومة بريطانيا، ريشي سوناك، والرئيس الفرنسي عمانوئيل ميكرون حذراً من الانقلاب في الغرف المغلقة، وأقوالهم تسربت بعد ذلك الى وسائل الإعلام.
المخاوف التي أسمعوها حول المس بقيم الديمقراطية في إسرائيل تدوي بشكل جيد في مكتب رئيس الحكومة، لكن بنيامين نتنياهو لا يعتبرها في هذه الأثناء تهديداً كبيراً. مصدر سياسي رفيع قال مؤخراً بأنه حسب تقدير رئيس الحكومة فإن زعماء العالم يطرحون قضية الانقلاب في المحادثات معه كرفع عتب فقط، كما يفعلون عندما يطرحون للنقاش حل الدولتين.
في الوقت الذي فيه في إسرائيل يقدرون بأن الاتحاد الأوروبي سيجد صعوبة في اتخاذ خطوات شديدة ضد إسرائيل لأنه توجد فيه دول أعضاء ديمقراطية غير ليبرالية مثل هنغاريا وبولندا، فمن السابق لأوانه ماذا سيكون رد فعل المجتمع الدولي على الانقلاب في إسرائيل إذا خرج الى حيز التنفيذ. الولايات المتحدة ودول أوروبية يمكن أن تتخذ خطوات جوهرية في محاولة لإعادة الدولاب الى الوراء، ولكن بعض الزعماء يمكن أن يظهروا عدم المبالاة.
السيناريوهات المتطرفة التي يرسمها الدبلوماسيون الإسرائيليون تشمل، ضمن أمور أخرى، المس بالتعاون الأمني مع الولايات المتحدة، الى جانب الإضرار الشديد بالاقتصاد الإسرائيلي وبمكانة إسرائيل السياسية. إضافة الى ذلك، فقدان استقلالية الجهاز القضائي لصالح المستوى السياسي يتوقع أن يشجع على القيام بإجراءات قانونية في الخارج ضد سياسيين وضباط كبار دون صلة بموقف الدول المختلفة من الانقلاب؛ المصادقة على التشريع في إسرائيل يمكن أن تؤدي الى إلغاء اتفاقات تم التوقيع عليها مع دول مختلفة؛ والحكومة يمكن أن تجد صعوبة في تجنيد دعم دول في التصويت في الأمم المتحدة، أو في الحصول على الدعم الدولي في النقاشات حول الاحتلال، التي تجري في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
الجمعية الإسرائيلية لبحث التكامل الأوروبي قامت مؤخراً ببلورة عدة خطوات يمكن لدول العالم اتخاذها رداً على الانقلاب النظامي في إسرائيل، التي احتماليتها غير واضحة. ضمن امور اخرى، الجمعية تحذر من المس بالتصدير الإسرائيلي الى أوروبا بسبب إلغاء محتمل لاعتراف أوروبا بالمؤسسات السوية الإسرائيلية، وتحذر من توسيع المقاطعة على المنتجات الإسرائيلية ورفع سعر الرحلات الجوية الى القارة اذا تم تعليق سياسة السماء المفتوحة، وإلغاء الإعفاء من تأشيرات دخول الإسرائيليين الى أوروبا.
في هذه المرحلة فإنهم في إسرائيل ينظرون بتجاهل الى إمكانية أن تقرر الولايات المتحدة والدول الأوروبية فرض عقوبات على المساعدات العسكرية في أوقات الأزمات: في الإدارة الأميركية أوضحوا في السابق بأن التهديدات التي تسمع من البيت الأبيض لا يتوقع أن تضر بالالتزام بأمن إسرائيل. إضافة الى ذلك مصدر سياسي في إسرائيل قدّر أن الدول الأوروبية لن تسارع الى تغيير علاقاتها مع إسرائيل، لأنه مؤخراً هناك الكثير مما يمكن اقتراحه اذا كانت تنوي تهدئة النفوس.
نفس هذا المصدر الرفيع قال إنه "توجد لدى إسرائيل أصول جيدة، وهي تعرف كيفية استخدامها، معلومات استخبارية هامة عن إيران، التي ساعدت بالفعل على إحباط هجمات في عدد من الدول الاوروبية ودول الخليج في السنوات الأخيرة، أيضاً أنظمة دفاع لها دور مهم في الخوف من انزلاق الحرب في أوكرانيا الى دول أخرى في أوروبا. إسرائيل تمتلك تقنيات مطلوبة جداً وأوروبا لا تريد خسارة كل ذلك". إضافة الى ذلك، في أوروبا يعتبرون إسرائيل عاملاً اقليمياً، ويسعون الى تشجيع التعاون بينها وبين جاراتها.
"توجد للاتحاد الأوروبي سياسة مرتبة جداً حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن لا توجد لديها أدوات لمواجهة إسرائيل على الصعيد الداخلي"، قالت الدكتورة مايا تصدقياهو من معهد "متفيم" للسياسة الخارجية الاقليمية. وحسب تقديرها فان احتمالية أن يعمل الاتحاد الاوروبي في نهاية المطاف ضد إسرائيل في هذا الشأن، ضعيفة. "أنا لا أريد حدوث هذه الأمور"، قالت. "الاتحاد الأوروبي توجد لديه أدوات للعمل ضد الدول التي تخرق حقوق الإنسان، لكن ليس ضد الدول غير الديمقراطية. الاتحاد له تجارة مع دول كثيرة غير ديمقراطية. ربما سنرى في المستقبل إضراراً باتفاق هورايزون (اتفاق لتمويل واسع في مجال الأبحاث والعلوم) اذا تم المس بحرية الأكاديميا، لأن التمويل سيتم بتوجيه من الحكومة".
دبلوماسي إسرائيلي قال إن "الاتحاد الاوروبي هو جسم بطيء، مقيد وثقيل. واحتمالية أن يصبح لاعباً هاماً بعد المصادقة على الاصلاح في جهاز القضاء الإسرائيلي هي احتمالية ضعيفة. الآن وزير خارجية الاتحاد جوزيف بوريل يقول بأن الأمر يتعلق بشأن إسرائيلي داخلي. وهو لا يضغط على إسرائيل في هذا الشأن. احتمالية رؤية عقوبات مهمة من الاتحاد هي احتمالية ضعيفة، لأنه من اجل التوصل الى مثل هذه القرارات فان الاتحاد يحتاج الى موافقة الـ 27 دولة الأعضاء فيه. ومشكوك فيه اذا كانت هناك أي إمكانية لحدوث ذلك".
اللامبالاة التي يظهرها الاتحاد الاوروبي غير مفاجئة. "لأنه توجد في أوروبا بلغاريا وبولندا فإنه توجد للاتحاد مشكلة معيارية في التعامل مع ما يحدث في هذا السياق في دول أخرى"، قالت تصدقياهو. "يقولون بأن الاتحاد ساذج، لكنه لم يتخيل في المواثيق التي صاغها سيناريو دولة تتراجع عن الديمقراطية بهذه الصورة. عندما يتم التوصل الى ميثاق فيجب على جميع الدول المصادقة عليه. وهي لا تريد إعطاء الاتحاد مثل هذه الأدوات لأنه لا يمكنك معرفة في أي وقت متى سيتم توجيه ذلك ضدك".

عن "هآرتس"