هارتس : حركة الاحتجاج الإسرائيلية والحرب الطبقية «الساخنة»

حجم الخط

بقلم: داني غوتفاين

 

 



انتهاء الهدنة للحرب الأهلية الباردة التي تجري في إسرائيل بالأشهر الأخيرة وتحوّلها إلى حرب طبقية مكشوفة، يلزم حركة الاحتجاج بإعادة تحديد أهدافها السياسية. نقطة انطلاق ذلك يمكن أن تكون تفسير عضو الكنيست آرييه درعي لسبب موافقة الائتلاف على تعليق الانقلاب. درعي قال: "لو أننا وضعنا الآن الإصلاح للتصويت فبالتأكيد وباحتمالية مرتفعة لن يكون لدينا 61 صوتاً. والأكثر من ذلك هو أننا كنا سنؤدي إلى حل الائتلاف".
يوجد في الائتلاف على الأقل أربعة أعضاء كنيست مترددين حول تأييد الانقلاب. لأن الحريديين والمستوطنين يؤيدونه من أجل زيادة حصتهم القطاعية بوساطة تغيير طريقة الحكم، من ديمقراطية إلى قطاعية، فإنه يجب الافتراض بأن أعضاء الكنيست المترددين ينتمون لليكود. محاربة الانقلاب سيتم حسمها إذاً عن طريق الضغط الذي سيستخدمه بعض مؤيدي الليكود على أعضاء الكنيست في الحزب كي لا يؤيدوا الإصلاح. لذلك، سياسياً فإن البيبيين وأكثر من أعضاء الليكود والمصوتين لهم، هم أعداء للاحتجاج وهم المستهدفون الحقيقيون له.
لأن المنطق الطبقي للاحتجاج يطمس هدفه السياسي ويعرض تطبيقه للخطر. هو بدأ كاحتجاج الطبقات الغنية، مصوتو الوسط - يسار، الأغلبية في العناقيد الاجتماعية - الاقتصادية من 8 إلى 10. في المقابل، يدعم الانقلاب باستثناء الحريديين، مصوتون لليكود متدينون والأغلبية في عناقيد 4 إلى 7. هكذا فإن الصراع بين الانقلاب والاحتجاج يعيد إنتاج المنطق الطبقي الذي يشكل السياسة الإسرائيلية.
"الديمقراطية" التي تطالب بها الطبقات الغنية تسعى إلى الدفاع عن أسلوب حياتهم "التقدمي"، الذي هو نتيجة مزاياهم التعليمية المتفوقة وانعكاس لاحتياجات سوق العمل التي يعملون فيها. هكذا مثلاً فإن طلبهم المساواة بين الجنسين تعبير عن انخفاض وزن الوظيفة للفوارق بين الجنسين في اقتصاد التكنولوجيا المتقدمة. عليه، يبدو أن التأييد المتزايد من قبل ناخبي اليمين للاحتجاج والذي يظهر في الاستطلاعات، ينبع من انضمام مؤيدي الليكود في العناقيد 8 - 10، خُمس المصوتين في هذه العناقيد، لمؤيدي الوسط - يسار من أجل الدفاع عن نمط الحياة المشترك.
إن تكتل الطبقات الغنية من اليسار واليمين من أجل دعم الاحتجاج يشير إلى انتهاء مرحلة الحرب الأهلية ضد الانقلاب. هذا التكتل يزيد قوة طابع الليكود كـ"علامة للسكان الضعفاء"، حسب تفسير البروفيسور مومي دهان، ودخول الصراع بين الانقلاب والاحتجاج إلى مرحلة حرب طبقية. "الإصلاح" الذي تطالب به الطبقات الفقيرة يعكس اعتمادها السياسي على آليات التعويض الاقتصادية التي طورها اليمين من أجل أن يستطيع تسريع تفكيك دولة الرفاه. "فقرة الاستقواء" يمكن أن تنقذ آلية التعويض من رقابة المحكمة العليا، وشرعنة إلغاء المساواة المدنية وتمكين الائتلاف من تفضيل مؤيديه والتمييز ضد معارضيه، بدءاً بتجنيد الحريديين وحتى المناقصات الحكومية.
الغضب الطبقي الذي يطرحه أعضاء الكنيست من الليكود كسبب لتأييد الإصلاح، بدءاً بسيارات المرسيدس وساعات الرولكس وحتى المواطنين من النوع (ب)، لا يعتبر دعائياً، بل يعكس التمييز الطبقي الذي يعاني منه عدد من مؤيدي الليكود. في الوقت نفسه الحماس الطبقي يخفي أن منتدى "كهيلت" يعمل في الائتلاف على تعميق تفكيك دولة الرفاه التي تضر بالطبقات الدنيا. في محاولة للتغلب على التناقض بين الخطاب الطبقي وبين السياسة الليبرالية الجديدة، تنقل أبواق نتنياهو النقاش إلى الصعيد الطائفي، من "إسرائيل الثانية" وحتى "احتجاج أصحاب المزايا" من أجل طمس عوامل التمييز الكامنة في نظام الخصخصة بهدف إحباط النضال على إلغائها.
حتى الآن الاحتجاج تجاهل التمييز الطبقي، الأمر الذي يعرض للخطر إنجازاته وفرصه. ولأنه يظهر أن الاحتجاج يشعل دعم الطبقات الغنية من اليمين، فإنه من أجل القضاء على الانقلاب يجب عليه التوجه إلى الطبقات الضعيفة في الليكود وأن يعرض عليها المساواة في التوزيع كبديل للانقلاب النظامي. حرب الطبقات التي أثارها الانقلاب النظامي تكشف أن أساس غضب مؤيديه موجه ضد عدم المساواة الذي يتم نقله وتضخيمه من جيل إلى جيل، ويعطي للأغنياء أفضليات "واضحة" مثل ملكية الشقق والممتلكات والحقوق على الأرض والفجوة بين المركز والضواحي وما شابه. لذلك، يجب على الاحتجاج أن يبدأ الحملة لدولة الرفاه مع تعديل عدم المساواة في هذه البنى التحتية. مثلاً، يجب على الاحتجاج أن يطالب باتباع ضريبة التركة التي كان إلغاؤها في 1981 إعلان نوايا نيوليبرالي لليكود إلى جانب اتباع دولة رفاه واسعة للجميع عن طريق تأمين الخدمات الاجتماعية وزيادة المساواة في التوزيع.
هذه الطلبات التي هي شرط لتجنيد الطبقات الضعيفة لمحاربة الانقلاب يمكن أن تثير المعارضة في أوساط الطبقات الغنية، التي ستضطر إلى الاختيار بين ديمقراطية تدفع قدماً بالمساواة الاجتماعية والديكتاتورية التي تدافع عن عدم المساواة الاقتصادية. الاختيار بين الأمرين يمكن أن يكون أساس الصراع بين الانقلاب والاحتجاج وفي داخل الاحتجاج وتحديد الطبيعة التي سيتم حسمها. يمكن الافتراض بأن تجربة الأشهر الأخيرة ستؤدي بالطبقات الغنية إلى اختيار المساواة في التوزيع من أجل الدفاع عن الديمقراطية. وأما الدفع قدماً في هذا التوجه للاحتجاج فهو دور اليسار.

عن "هآرتس"