معاريف : المواجهة مع غزة ستفتح على إسرائيل جبهات أخرى

حجم الخط

بقلم: تل ليف رام



في جهاز الأمن لم يعرّفوا نشيط "الجهاد الإسلامي" الفلسطيني، خضر عدنان، الذي توفي، أول من امس، في معتقل نيتسان بعد إضراب عن الطعام استمر 86 يوما، ككبير أو كشخصية مركزية في منظمة "الإرهاب". لكن أن يكون المرء كبيرا في منظمات "الإرهاب" فهو موضوع نسبي لمن ينظر إليه. في جهاز الأمن أيضا يعظمون أحيانا مكانة نشطاء "إرهاب" ويرفعونهم في درجات الكبر، بعد التصفية أو الاعتقال الناجح لهذه الشخصية أو تلك، وذلك أيضا كجزء من الرغبة كاستخدام النجاحات كرافعة. هذه المرة حان دور الفلسطينيين في تعظيم مكانة عدنان بعد موته. مركزيته كنشيط "إرهاب" بارز ومتصدر – إلى هذا الحد أو ذاك – لم تعد مهمة، كمن توفي مضربا منتظما عن الطعام يسعى الفلسطينيون لأن يجعلوه رمزاً حول إحدى المسائل الأمنية الأكثر حساسية: السجناء.
كنشيط "إرهاب" اعتقلته قوات الأمن 13 مرة وسجن 10 مرات لم يكن عدنان في مكانة كبير في المنظمة، لا في المستوى العملياتي ولا في القيادي، لا كشخصية ذات وزن خاص في قيادة المنظمة في الضفة ولا على المستوى الروحي. لكن كل هذه باتت أقل أهمية. عدنان، الذي منذ العام 2005 درج على الإضراب عن الطعام هو بالضبط رمز الكفاح الذي تسعى منظمات "الإرهاب" إلى استخدامه – وهذا بالطبع هو السبب الذي سيجعل الأيام القادمة متوترة جدا من ناحية أمنية، وإمكانية تدهور سريع في قطاع غزة أيضا شيئا يجب أن يأخذه جهاز الأمن بالحسبان.
ثمة احتمال عال جدا أن تتعاظم في الأيام القادمة محاولات تنفيذ عمليات إطلاق نار في الضفة من جانب خلايا "إرهابية" منظمة، أساساً تابعة لـ"الجهاد الإسلامي"، تسعى لأن تستغل الحدث لإحداث تصعيد اكبر في الميدان. هناك احتمال عال أيضا لعمليات ينفذها "مخربون" أفراد على شكل عمليات دهس، طعن، أو إطلاق نار، مثلما في حالات عديدة في السنة الماضية، وأساسا في ضوء سهولة توفر السلاح.
من المعقول الافتراض بأنه في قطاع غزة أيضا ستسعى منظمات "الإرهاب" لمواصلة إطلاق الصواريخ من القطاع تضامناً مع السجناء في الأيام القادمة أيضا، لكن ليس بالضرورة أن يؤدي هذا في هذه المرحلة إلى تصعيد كبير في قطاع غزة. فحتى قبل جولة تصعيد كبيرة أو جولة أخرى في القطاع، لإسرائيل و"حماس" أسباب عديدة لعدم الانجرار الآن إلى مواجهة عنيفة في الجنوب.
حتى عندما حلت الأشهر الأخيرة في ظل "الإرهاب" في الضفة وفي القدس، والتوتر الأمني والأحداث الشاذة مع "حزب الله" وإيران، بقي قطاع غزة الجبهة الأكثر احتمالاً لحملة عسكرية بقوى عالية لدرجة شبه حرب. وحتى لو لم تؤدّ جولة الضربات الحالية إلى تطور عسكري كبير، فإن استمرار التصعيد الأمني في الضفة قدر يؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة في غزة أيضا مثلما سبق أن حصل مرات عديدة منذ فك الارتباط قبل 18 سنة.
ما يبدأ بتصعيد أمني في الضفة، في السجون أو في الحرم، آجلا أم عاجلا قد يصل إلى حملة أخرى لإسرائيل في القطاع، وهذه يجب أن يكون الجيش الإسرائيلي جاهزا لها. في الأشهر الأربعة الأخيرة كان ممكنا تشخيص ميل تعاظم واستئناف نار الصواريخ من القطاع ردا على أحداث شاذة تقع في جبهات أخرى، وان كان هذا لا يزال ليس ميلا واضحا، لكنه ميل يؤشر إلى الاتجاه.
حرب في غزة أو حملة كبيرة، حتى لو لم تقع، صباح غد، هي السيناريو الأكثر معقولية الذي يواجهه رئيس الأركان، هرتسي هليفي، كالتحدي المركزي لولايته. مواجهة في غزة قد تؤدي إلى تحديات كبيرة أخرى في جبهات أخرى حيث لا شك لدى جهاز الأمن انه في كل حملة كبيرة في الجنوب ستتحدى إسرائيل تهديدات أمنية أخرى في الساحة الشمالية أيضا.
رغم ذلك فإن إمكانية أن تؤدي مواجهة واسعة في الجنوب إلى حرب في الساحة الشمالية مع "حزب الله" أيضا حتى الآن ليست السيناريو المعقول أو المتصدر، لكنه الإمكانية الخطيرة التي يتعين على الجيش وجهاز الأمن أن يكونا مستعدين لهما بالخطط، بالتدريبات وبالتأهيلات العملياتية.

عن "معاريف"