اسرائيل اليوم : لا يمكن التسليم بـ"وحدة الساحات": على إسرائيل أن تقرر

حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 




عادت إسرائيل، أول من أمس، إلى المعضلة المعروفة: كيفية الرد على نار الصواريخ من غزة دون الانجرار إلى تصعيد غير مرغوب فيه.
أساساً المعضلة واضحة. من جهة، نار منفلتة واستفزازية من "الجهاد الإسلامي"، في وضح النهار، هدفها الضرب لأجل القتل (فقط بالحظ انتهى الحدث بثلاث إصابات فقط، واحدة منها خطيرة). من جهة أخرى، أُطلقت نار فقط في حدود الغلاف، ردا على موت السجين المضرب عن الطعام، خضر عدنان، وفي ظل نقل رسائل من جانب "حماس"، حيث إنها ليست مسؤولة عن النار لكنها تعرف بها، بأنها غير معنية بالتصعيد.
في القيادة السياسية – الأمنية في إسرائيل لم يكن، أول من أمس، جدال حول ضرورة الرد. بل حول شدته. رد هزيل جداً سيبث ضعفاً وسيشجع "الجهاد الإسلامي" ومنظمات أخرى على مواصلة إزعاج سكان الغلاف. رد حاد اكثر مما ينبغي وبالتأكيد رد يؤدي أيضا إلى مصابين في الجانب الفلسطيني قد يؤدي إلى رد مضاد، بل ربما إلى انضمام "حماس" إلى المعركة. مثل هذا التراشق لكرة الطاولة من شأنه أن يخرج بسرعة عن السيطرة، بينما على الجدار يسخن الفرع اللبناني لـ"حماس" القوة، بل ربما تنتظر ميليشيات شيعية في سورية اللحظة المناسبة للعودة إلى ضرب إسرائيل.
وقفت إسرائيل في معضلة مشابهة، الشهر الماضي، عندما واجهت التحدي في أثناء عيد الفصح من غزة ومن الشمال. القرار في حينه بالرد باعتدال نسبي (مع التأكد من أن هجمات سلاح الجو لا تؤدي إلى قتلى) نبع من جملة ملابسات: "انعدام المصابين في كل أحداث النار، والصدع الداخلي في إسرائيل نتيجة للتشريع القضائي، ومعلومات استخبارية صلبة عن نية ايران توحيد الساحات والتداخل المتفجر لرمضان والفصح. كما أن حقيقة أن التصعيد في حينه أرجعه الفلسطينيون إلى أحداث الحرم أدت إلى لجم الجانب الإسرائيلي، الذي كان يصعب عليه أن يحصل على الشرعية الإقليمية والدولية لعملية رد واسعة في هذا التوقيت.
يخيل أن الملابسات، الآن، مختلفة قليلا. صحيح أن الصداع بقي كما كان – حتى وان كانت تجري في الخلفية كل الوقت اتصالات لحلول متفق عليها – وكذا الدافع الإيراني موجود كما كان دوما لكن غياب الصلة الدينية المباشرة مثلما كان في رمضان يحرر قليلا اللجام عن إسرائيل. بالمقابل، أُضيف إلى المعادلة عنصر لم يكن موجودا في الشهر الماضي، السجناء الأمنيون، الذين سارعوا إلى جعل عدنان رمزا وقد يستغلون الفرصة كي يشجعوا الاضطرابات. "حماس"، الحساسة جدا لسجنائها، امتنعت لهذا السبب عن تقييد "الجهاد الإسلامي" في رده، أول من امس، وستقرر استمرار خطواتها ضمن أمور أخرى وفقا للضغط الذي سيمارس عليها أيضا من وراء قضبان السجن.
لكن حتى لو ردت إسرائيل، الآن، باعتدال، كما هو متوقع، فسيكون هذا شراء للهدوء لزمن قصير. فانعدام نجاحها في الفصل بين الضفة وغزة يجر ردودا شبه تلقائية من القطاع لكل حدث عنيف في الضفة، ويضمن نارا تأتي في غضون وقت قصير. هذا واقع لا يمكن لإسرائيل أن تسلم به، وبالتأكيد بعد الفترة الهادئة نسبيا السنة الماضية. وبالتالي فمن الأفضل لو عملت إسرائيل ما امتنعت عن عمله منذ عقد ونصف: تفكير استراتيجي حقيقي حول المستقبل الذي تريده مع غزة على المدى القصير، المتوسط، والبعيد وما هو مطلوب عمله لأجل الوصول إلى هناك. إذا امتنعت عن ذلك مثلما فعلت حتى الآن، فستواصل الحكومة لعبة التظاهر، وفي نهاية الأمر ستضطر إلى معركة تسعى لأن تمتنع عنها في ظروف بدء أقل جودة.

عن "إسرائيل اليوم"