يديعوت : لا تسمحوا لغزة بأن تملي المعادلة

حجم الخط

بقلم: يوسي يهوشع

 

 


توفي الشيخ خضر عدنان، القيادي في "الجهاد الإسلامي"، أول من امس، في السجن في إسرائيل بعد إضراب عن الطعام استمر 86 يوما. أشعل موته من جديد قطاع غزة، وهذه المرة، بخلاف حملة "بزوغ الفجر"، اختارت "حماس" هي الأخرى الدخول إلى المعادلة.
بعد إطلاق ثلاثة صواريخ في ساعات الصباح الباكر، تفجرت في أرض مفتوحة، جاءت دعوة الجيش لسكان الجنوب الدخول إلى المجالات المحصنة، وبعدها أطلقت صلية ثقيلة انتهت مع إصابات مباشرة في "سديروت"، أحدهم اصابة خطيرة.
الصلية، التي جاءت في منتصف النهار، الساعة التي كان فيها الكثير من الأولاد في طريق العودة إلى بيوتهم من أطر التعليم، أعادت سكان غلاف غزة إلى الواقع البشع، حيث صوت الصواريخ ومخلفات الصواريخ الاعتراضية من "القبة الحديدية"، وأعادت الشعور بالقلق وبالإحباط. في غزة أيضا يشخصون ضعفا، فلم يختاروا ناراً رمزية في الليل أو في ساعات الصباح، بل صلية في وضح النهار وذلك لأجل خلق معادلة جديدة.
ردع دولة إسرائيل يوجد في وضع تآكل متواصل. فسياسة الاحتواء والردود المقنونة على أحداث أمنية أدت إلى رد غير متوازن من جانب منظمات "الإرهاب" في غزة على موت سجين امني مضرب عن الطعام، مات في السجن بعد أن رفض تلقي العلاج الطبي في إسرائيل. دولة إسرائيل لا يمكنها أن تدير استراتيجيتها عبر أحداث تكتيكية. لا يحتمل أن يبتز نشيط "إرهاب" دولة كاملة لتحريره من السجن عبر إضراب عن الطعام.
سيقرر الرد الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ من غزة بقدر كبير الواقع الأمني لحكومة نتنياهو للفترة القريبة القادمة. رمضان خلفنا، واشهر الصيف أمامنا، والمنطق الذي كان متبعا حتى الآن حيال غزة يتغير، ليس إيجابا. إلى جانب رد قوي، على القيادة السياسية أن تتذكر تجربة الماضي لكل حكومات إسرائيل على أجيالها بأن مشكلة غزة لا تحل بالقوة فقط. يجب أن يستخدم أيضا العقل السليم. وإذا كانت منظمات "الإرهاب" تريد أن ترسم معادلة جديدة مع إسرائيل، فهذا هو الوقت لإملائها، انطلاقا من القوة وليس انطلاقا من سماع صافرات إنذار تصعد وتهبط.
ثلاثة مواضيع ينبغي أن تقلق قيادة جهاز الأمن: الأول – القبة الحديدية. فبعد سنوات اعتدنا فيها على نسب اعتراض تقترب من المئة في المئة، سجلت، أول من امس، إصابات مباشرة في "سديروت" وإصابات بالجسد وبالروح. صحيح أن "القبة الحديدية" لا تسجل مئة في المئة نجاحا، لكن نسبة الاعتراض المتدنية، أول من امس، ينبغي أن تقلق جهاز الأمن. في صلية الصواريخ التي أطلقت في الظهيرة نحو غلاف غزة شُخص 26 صاروخا، 16 منها تفجرت في أرض مفتوحة، واعترضت 6، و4 أخرى تفجرت في ارض مبنية، وكان يفترض أن تعترض. عمليا هذه نسبة نجاح 67 في المئة لـ"القبة الحديدية" في صلية أُطلقت في وضح النهار من غزة – معطى متدنٍ بالنسبة لقدرات "القبة الحديدية" في التصعيدات الأخيرة. في الجيش الإسرائيلي يحققون في أداء منظومة الدفاع الجوي التي عرضت في حملات الماضي قدرات غير مسبوقة. ومع أن هذه ليست معطيات قابلة للمقارنة، إذ إن الفوارق العددية كبيرة جدا، أمام نحو 1100 إطلاق من غزة في حملة "بزوغ الفجر"، نحو 400 منها إلى أراض مفتوحة، عرضت "القبة الحديدية" نسبة نجاح 96 في المئة في الاعتراض، المعدل الأعلى حتى اليوم في إطار حملة عسكرية. منذئذ، بدا انخفاض ما في معدل نجاح في القبة في التصعيد الأخير في الشمال، الذي ضم إطلاق 34 صاروخا من لبنان، كان يفترض بالمنظومة أن تعترف بـ 28 صاروخا، والسماح لـ 6 أخرى أن تتفجر في أراض مفتوحة. عمليا، لم تعترض ثلاثة صواريخ، ومعدل النجاح في الاعتراض بلغ 92 في المئة.
الموضوعان الثاني والثالث هما جبهتا "يهودا" و"السامرة" وحدود الشمال. بينما يركز الجيش اهتمامه على تبادل النار على الحدود الجنوبية، كل الوقت توجد عين مفتوحة تنظر نحو هاتين الجبهتين خشية أن يجرنا جنوب لبنان والضفة مثلما في أيام المعركة التي كانت في رمضان الماضي إلى القتال في ثلاث جبهات.
اليوم (أمس)، يزور سورية الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بعد اقل من أسبوع من زيارة وزير الخارجية الإيراني لبنان حيث كان قريبا جدا من الحدود. أطلقت إسرائيل، مرتين، حسب منشورات أجنبية، في أثناء الأيام الأخيرة إشارة تفيد بأنها لا تعتزم وقف الهجمات في سورية ضد أهداف ايران و"حزب الله"، وقد فعلت ذلك في حلب وقبلها في حمص. فقد كان هذا قرارا سليما بث لـ"محور الشر" بأنه لا توجد نية للتراجع أمام التهديدات الأخيرة والمطالبة بوقف المعركة بين الحروب. هكذا ينبغي العمل الآن في غزة، وإعادة الردع الذي تآكل مثل القرار الذي اتخذ عشية حملة "بزوغ الفجر"، عندما ضغط "الشاباك" والجيش للخروج إلى حملة لأجل تعزيز الردع الذي تضرر في حملة "حارس الأسوار".
المعضلة هنا هي هل سيعزل "الجهاد الإسلامي"، مرة أخرى، ولا يجبى ثمن من "حماس" مثلما قبل سنتين بالضبط أم هذه المرة نقول للسنوار أيضا، الذي عرف بإطلاق النار، بل اقره بل وأخذ المسؤولية عنه للمرة الأولى منذ "حارس الأسوار": إلى هنا. انت صاحب السيادة أيضا وستدفع الثمن؟
إن إدخال "حماس" إلى المعادلة من شأنه أن يجر ردا في ساحات أخرى ليس فقط في الضفة بل أيضا في لبنان مثلما رأينا في الفصح الأخير مع فرع المنظمة هناك ومثلما رأينا في "حارس الأسوار".

عن "يديعوت"