الشهيد خضر عدنان

image_processing20220613-527191-7cesgm.jpg
حجم الخط

بقلم حمادة فراعنة

 

صدق من قال: أنهم يعتدون على الحجر والشجر والبشر، يصادرون الممتلكات، ينهبون الأرض، يهدمون بيوت المقدسيين والخلايلة للاستيلاء على أملاكهم في القدس القديمة والخليل القديمة، بهدف تدمير تاريخ الفلسطينيين وجعل تراثهم للإسرائيليين، وان لهم تاريخ وواقع، من خلال فرض العبرنة والاسرلة والتهويد على المقدسات الإسلامية والمسيحية وما حولها.


المستوطنون الاستعماريون الأجانب يقلعون شجر الزيتون المعمر من مئات السنين الدال على مدى اهتمام الفلسطينين وارتباطهم بشجرهم وأرضهم، والزيتون ثمرة هذا التداخل والالتصاق بين الفلسطيني ووطنه، وعنوانه، وتمسكه.
كلنا نذكر مشهد الختيارة الفلسطينية التي حضنت زيتونتها في مواجهة المستوطنين الأجانب المحميين من قبل جيش المستعمرة، وهم يُحاولوا اقتلاع شجرتها من أرضها، ووضعت حياتها ثمناً لبقاء الشجرة وحمايتها.


ها هو الشهيد خضر عدنان ، أحد قيادات حركة الجهاد الإسلامي، ابن قرية عرابة، يدفع حياته ثمناً لخياره العنيد في رفض الاذعان والظلم والتوقيف الإداري المجحف، بعد اضراب عن الطعام في عيادة سجن الرملة، لمدة 87 يوماً، اصراراً على انتزاع حريته من جلاديه قادة المستعمرة.


الشهيد خضر عدنان، لم يكن مداناً من قبل إحدى محاكم المستعمرة، لذا بقي موقوفاً بقرار من قبل مخابرات الشاباك، بلا تهمة، ولكن بفرض الاحتجاز الاحتياطي والاعتقال لمنع حريته ودوره الكفاحي بين صفوف شعبه.


حركة الجهاد الإسلامي مستهدفة بشكل خاص عن سائر فصائل المقاومة، من قبل جيش الاحتلال، فهي لا تخوض خلافات سياسية لا مع فتح ولا مع حماس، ولا تتوسل الموقع والسلطة، كما تفعل فتح وحماس، وهي ترتقي عن خلافات السلطة في رام الله وغزة اللتان باتتا اسيرتا الاحتلال، قياداتها تتعرض للاغتيال، ولا أحد يحتج كفاحياً ولا يرد، لا من غزة حيث تم اغتيال أبرز قياداتها العام الماضي، ولا من رام الله، الملتزمتان بالتنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، والتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب.


الشهيد خضر عدنان ، لم يكن المعتقل الأول الذي قضى في سجون المستعمرة ومعتقلاتها، بل لقد سجل أنه الشهيد رقم 236 من الحركة الاسيرة الفلسطينية، الذين ارتقوا وهم في سجون الاحتلال ومعتقلاته.


باستشهاد خضر عدنان، أضاء شمعة على الطريق الطويل الموصل لحرية فلسطين وتحريرها في نهاية رحلة العذاب والكفاح والانتصار.


لم ينتصر شعب، ولم يحظ بالحرية والاستقلال بدون التضحيات وتقديم قرابين البشر المسكونين بالإيمان والوعي والاستعداد للتضحية، وها هو حال شعب فلسطين، الذي تتعدد مواهبه في العطاء والتضحية وادوات العمل في مواجهة الاحتلال، يسير على طريق الانتصار كما هي الشعوب التي دحرت محتليها والاستعمار.


بن غفير اليميني الاستعماري المتطرف، وزير الأمن، يلوم محاكم المستعمرة التي أفرجت عن شباب الاحتجاجات المدنية بكفالات مالية، ويطالبها بقرارات استمرار التوقيف وممارسة القسوة بحق المقدسيين وأبناء مناطق 48، كان يعرف ان حياة الموقوف الإداري عدنان خضر في خطر وفق تشخيص أطباء عيادة سجن الرملة، ولكنه كان مُصراً على قرار عدم الإفراج عنه، وهكذا قضى خضر عدنان على خلفية قرار الأجهزة ووزير الأمن، لإنهاء حياته.


إنها جريمة مكتملة الأركان تقترفها حكومة نتنياهو، ووزيرها بن غفير، واجهزتهم بحق المواطن الفلسطيني كما تفعل بحق كامل شعبه وممتلكاته ومقدساته، وأشجار زيتونه، أنهم حقاً من المجرمين بحق الحجر والشجر والبشر، في فلسطين.