قد لا تكون مباراة العودة لحملة بايدن وترامب الرئاسية عام 2024 هي المنافسة التي يريدها معظم الأميركيين. لكن في جميع الاحتمالات، قد تكون هي المباراة التي سيشاهدونها. ووضع الرئيس جوزيف بايدن يبدو معقداً. فاستطلاعات الرأي تظهر أن «الديمقراطيين» لديهم موقف إيجابي من الرئيس ويوافقون على أدائه الوظيفي، لكن يفضل نصف «الديمقراطيين» تقريبا أن يكون شخص آخر هو حامل مبادئهم في جولة 2024.
وربما يمثل ذلك مشكلة لإعادة انتخاب الرئيس، باستثناء أربعة عوامل. أولها أن اضطلاع بايدن بالمنصب بنجاح ورصانة لعامين ونصف يعني أنه لا يوجد «ديمقراطي» جاد على استعداد لتحدي إعادة انتخابه. وثانياً، خليفة بايدن المحتمل هي نائبة الرئيس كامالا هاريس، لكن معدلات ما تحظى به من تأييد منخفضة جدا لدرجة أن «الديمقراطيين» يرون بايدن، على الرغم من عمره المتقدم، رهانا أكثر أمانا في مسابقة الانتخابات العامة ضد أي «جمهوري». وثالثا، بدائل بايدن المحتملة الأخرى كلها وسطية، مما يعني أن أي تحد سيعتمد على الاختلافات الشخصية وليس السياسة ويثير استياء مؤسسة الحزب.
وأخيرا، لا يرجح حدوث تحد في ظل الجدول الجديد للانتخابات التمهيدية الرئاسية. فقبل بضعة أشهر، حلت «اللجنة الوطنية الديمقراطية»، الهيئة الحاكمة للحزب، ولاية ساوث كارولاينا محل ولايتي أيوا ونيوهامبشير اللتين ظلتا لفترة طويلة أولى الولايات التي تجري فيهما منافسات العملية الانتخابية. ولطالما قذفت ولايتا أيوا ونيو هامبشير اللتان اعتبرتهما المؤسسة الديمقراطية إشكالية، بمرشحين متمردين إلى دائرة الضوء الوطنية ضد تفضيلات مؤسسة الحزب. ومع خروج ولايتي أيوا ونيوهامبشير اللتين تسببتا في هزيمة بايدن في عام 2020 بعيدا عن الطريق واستبدال ساوث كارولينا بهما.
والجدير بالذكر أن ساوث كارولاينا مثلت فوزا سهلا ونقطة تحول لبايدن في عام 2020. ومن ثم، تشعر المؤسسة الحزبية بالثقة في أنها مهدت الطريق أمام تكرار لبايدن في عام 2024. وقصة ترامب مختلفة عن ذلك تماما تقريبا. فكما في عام 2016 حين فاز دونالد ترامب بترشيح الحزب «الجمهوري» للرئاسة وواصل التقدم حتى حظي بالفوز بالبيت الأبيض، يبدو أن مؤسسة الحزب «الجمهوري» غير مرتاحة لمحاولته في عام 2024 للعودة إلى المنصب. لكن جهودهم لإيجاد بديل تنقلب رأسا على عقب بسبب سيطرة ترامب القوية على أكثرية كبيرة في صفوف «الجمهوريين».
وما زالت قاعدة ترامب متعلقة به بشدة بغض النظر عن لوائح الاتهام التي يتعرض لها. ويدينون الذين يهاجمونه؛ وتضم هذه الجبهة وسائل الإعلام وسلطات إنفاذ القانون و«الديمقراطيين»، أو حتى «الجمهوريين» الآخرين الذين يتهمونهم بخيانة المبادئ. وزعامة ترامب نابعة من التعلق الشديد بشخصه من قاعدته التي نجح في استغلال شعورها بالاغتراب والغضب، ومن هجماته القاسية التي لا تكل ضد الذين يجرؤون على تحديه.
ومع أفول نجم ديسانتس في ظل هجمات ترامب والخوف الذي يشعر به المسؤولون «الجمهوريون» المنتخبون الآخرون من تخطيه- قد يظهر عدد قليل من الآخرين كمنافسين. لكن، مثل عام 2016، على الرغم من أن بعض هؤلاء الطامحين لخوض السباق قد يتم الإعلان عنهم قرييا باعتبارهم «نكهة الشهر»، لكنهم لن يكونوا أفضل حظا من ديسانتس. وفي هذه المرحلة، قد تمنع احتمالات قليلة ترامب من الصعود كمرشح للحزب «الجمهوري».
ومن هذه الاحتمالات أن يقرر دعم شخص آخر (وهو أمر لا يمكن تصوره تقريبا) أو يعجز عن الترشح. وإذا خسر ترامب، وهذا غير مرجح، معركة أولية مؤلمة، فسيخرج البطل ملطخا بالدماء وبدون دعم من أتباعه المخلصين. وهكذا، في هذه المرحلة، يبدو 2024 وكأنه إعادة لعام 2020، لكن مع اختلاف.
فكلا المرشحين أصبحا أكبر سنا. وأصبح بايدن أكثر حذرا وأقل قربا من الجمهور، لكنه مازال يجذب قطاعا عريضا من الناخبين بسجل أعمال وجاذبيته باعتباره «جو المنتمي للطبقة العاملة من سكرانتون». ومن ناحية أخرى، ما زال ترامب يتبنى الفكرة الوهمية والخطيرة بأن الانتخابات الأخيرة كانت مزورة ويستخدم تلك الضغينة لتحفيز أتباعه المخلصين. وسيضمن سلوكه أن يكون عام 2024 أكثر خطورة على الأرجح من عام 2020.
* رئيس المعهد الأميركي العربي- واشنطن