قالت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الجمعة، إن حركة "حماس" اختارت إصدار بيان باسم الغرفة المشتركة للمقاومة بغزة، لإظهار دورها في اتخاذ القرار بالقطاع، ولكسب نقاط لصالحها فلسطينيًا كمنظمة لا تزال ترفع راية المقاومة، ولذلك إطلاق الصواريخ من القطاع بعد استشهاد الشيخ خضر عدنان، تم بالتنسيق بين الحركة، والجهاد الإسلامي.
وبحسب الصحيفة العبرية، إن تقديرات يحيى السنوار قائد حركة حماس بغزة، ومحمد الضيف قائد الجناح العسكري للحركة، كانت صحيحة ونجحت في تقدير الموقف بأن الرد الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ سيكون محدودًا ومختصرًا، وهذا ما حدث، في وقت كانت تعتبر فيه حركة الجهاد الإسلامي أنها ملزمة بالرد على استشهاد عدنان.
وقالت إن الجولة الأخيرة استمرت 27 ساعة، وانتهت باتفاق وساطة المخابرات المصرية، وخلالها تم إطلاق أكثر من 100 صاروخ وقذيفة هاون، وأصيب 3 إسرائيليين بجروح فعلية، واستشهد فلسطيني في القطاع وأصيب 5 بجروح.
وأوردت الصحيفة، أن الحكومة اليمينية الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو، لم تصدر بيانًا كما جميع الحكومات السابقة عن توقف الجولة، في وقت تابع فيه الإسرائيليين إعلان حماس والجهاد بغزة، ولكن ضمنيًا تم تأكيد ذلك من إعلان الجيش الإسرائيلي بالعودة للإجراءات الطبيعية.
وخلال تواجد الحكومة الحالية في المعارضة كثيرًا ما هاجمت حكومة بينيت - لابيد، واتهموها بالضعف تجاه حماس، ووعدوا بأن الأمر سيكون مختلفًا بالنسبة لهم، لكن بعد مرور 4 أشهر من حكمهم، وقعت جولة أولى بإطلاق الصواريخ من غزة ولبنان وسوريا، والثانية من غزة، وبقيت الأمور على حالها بدون أي تغيير على عكس وعودهم، وهاجم الجيش الإسرائيلي 16 هدفًا لحماس وحرصت إسرائيل على أن يكون محسوبًا.
ولم تخرج عن سياساتها السابقة ولذلك لم تفرض أي قيود على دخول العمال من غزة، والذين يجلبون 140 مليون شيكل للقطاع كل شهر، وهي قضية تعتبر عنصرًا هامًا في محاولة تحقيق الاستقرار النسبي بغزة، وعلى الرغم من الخطاب الناري للحكومة اليمينية إلا أنها تحاول عدم إزعاج حماس المستفيد الرئيسي من الترتيبات الاقتصادية الحالية.
وبينت "هآرتس" في تقرير تحليلي لمراسلها العسكري عاموس هرئيل، أن المأزق في غزة ليس جديدًا، والمعارضة الحالية تهاجم الحكومة اليمينية التي تظهر بالفعل ارتباكًا وعجزًا، مشيرةً إلى أن الحكومة السابقة شنت عملية "الفجر" ضد الجهاد الإسلامي، وكانت ناجحة تشغيليًا ولكنها حققت أهدافًا محدودة، والدليل على ذلك أن حركة الجهاد الإسلامي عادت لإطلاق الصواريخ مجددًا بعد أقل من عام.
وترى الصحيفة العبرية، أن الحلقة الأضعف في الحكومة الحالية هي القوة اليهودية بزعامة إيتامار بن غفير، والذي يعرف أن فرص حصوله على أي خدمة سياسية لنفسه من الائتلاف الحكومي ضئيلة، وأن الهجمات التي تقع خاصة في الداخل والقدس، والفجوة بين وعوده الانتخابات وعدم الوفاء الفعلي بها، يتسببان في إضعافه، وهذا ما قد يدفعه إلى الانسحاب من الائتلاف في حال زادت الهجمات التي ستزيد من خسائره السياسية، وهذا ما دفعه بعد التصعيد من غزة لإطلاق تصريحات مهينة لنتنياهو الذي لم يكلف نفسه عناء دعوته إلى المشاورات الأمنية التي جرت أثناء التصعيد، إلى جانب مقاطعة جلسة الكنيست والتوجه مع أعضاء حزبه إلى سديروت لدعم الإسرائيليين هناك، إلا أن هذا العرض الإعلامي يشير إلى أنه من المبكر أن يلجأ بن غفير إلى الانسحاب ونتنياهو لا يزال بحاجة إليه، والمواجهة العلنية بينهما خدمتهما إلى حد ما.
وأضافت الصحيفة: "لكن متاعب نتنياهو وشركائه لا تنتهي عند هذا الحد، وأضيف إلى التدهور الأمني مع غزة، الاضطرابات الهائلة التي سببتها خطة النظام القضائي، وازدياد جرائم القتل في الوسط العربي، وتفاقم تكاليف المعيشة، وإحساس الفوضى المستمر الذي يحيط بالحكومة منذ إنشائها، كما يساهم السلوك الجامح لوزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف الذين يتورطون في أحداث جديدة وتصريحات متطرفة بشكل يومي، في هذه المتاعب".
وحذرت الصحيفة على لسان هرئيل، من أن الحكومة الحالية قد تلجأ لتنفيذ هجمات استباقية ضد الفلسطينيين للهروب من هذه المشاكل التي وقعت فيها، مثل اغتيال مسؤول كبير في الفصائل الفلسطينية، لن تكسبها إجماعًا واسعًا وتأييدًا، لكنها قد تغير الأجندة العامة لفترة من الوقت.
وبشأن الأوضاع في الضفة الغربية، تقول الصحيفة إن هناك تغيرًا ملحوظًا بانتقال العمليات من العمل الفردي، إلى مسؤولية خلايا محلية تتبع لأجنحة عسكرية لفصائل فلسطينية، مشيرةً إلى أنه قبل كانت العمليات تنفذ من قبل شبان فلسطينيين لا ينتمون لأي فصيل، في وقت كانت فيه تنشط "عرين الأسود" في نابلس، و "كتيبة جنين" في جنين.
وترى الصحيفة، أن القاسم المشترك بين الهجمات التي تنفذ وجرائم القتل المرتفعة في أوساط فلسطينيي الداخل، هو توافر الأسلحة بكثرة، والتي يمكن الحصول عليها بسهولة كبيرة ما يزيد من عدد الهجمات من جهة، وجرائم القتل من جهة أخرى.
وأشارت إلى أن انتشار الأسلحة بالضفة تزيد من عبء عمليات الاعتقال التي تنفذ بالضفة، لافتةً إلى أن الأوضاع قد تتصاعد بالضفة لأن الحساب لا زال مفتوحًا بعد استشهاد عدنان، على الرغم من التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، لكن إصرار إسرائيل على الاستمرار باحتجاز جثمانه يمكن أن يدعم ردود فعل عنيفة أخرى. كما تقول.
واعتبرت أن حادثة تهريب الأسلحة من قبل النائب الأردني عماد العدوان، بمثابة لمحة عن هذا الواقع، بأنه يعبر فقط عن غيض من فيض في مواجهة صناعة التهريب، والتي يتم إحباط تهريب المئات منها، إلا أن التقديرا بأن أعداد ما يتم تهريبه أكبر بكثير مما يتم ضبطه.