تلقّى صيدلاني ألماني في مدينة بوخوم غرب ألمانيا شكوى من إحدى زبوناته تقول فيها أنها لن تشتري الأدوية منه مستقبلاً، احتجاجاً على توظيفه سيدة ترتدي حجاباً إسلامياً، على حد تعبيرها.
ولم يكتف الصيدلي “ينس بويث” بكتابة ردٍّ لاذع على الشكوى، بل نشر الرسالة والرد على صفحته بموقع فيسبوك، ليحصل المنشور على قرابة 21 ألف مشاركة منذ يوم الاثنين الماضي، وتتحدث مختلف وسائل الإعلام المرئية والمقروءة عن مساندته السيدة المحجّبة التي تعمل لديه وتوبيخه للزبونة.
وقالت الزبونة، التي لم يكشف الصيدلاني عن اسمها، أنها فزعت لدى رؤيتها موظفةً تلبس حجاباً إسلامياً تعمل في الصيدلية، قائلة إنها لا تقبل أن توحي الموظفة عبر ارتدائها الحجاب أن الزبونة التي لا ترتدي الحجاب تقدّم نفسها كأداة جنسية وأن زوجها سيصبح مثاراً جنسياً لمجرد رؤيته بعض الشعرات، لافتة إلى أن الاندماج في المجتمع لا يكون على هذا النحو.
وذكرت في نهاية الشكوى أنها ستستلم أدوية سبق وأن دفعت ثمنها، على أن تشتري من صيدليات منافسة في المرات القادمة، مختتمة بعبارة ساخرة “مع تحيات خالية من الحجاب”.
وأوضح الصيدلي بويث في مقدّمة ردّه على الزبونة أنه على الرغم من معرفته السابقة بها كزميلة في المدرسة، إلا أنه سيخاطبها بلغة رسمية وكان بوده عدم مخاطبتها بـ “عزيزتي السيدة.” في مستهل الرسالة لو كان وجد بديلاً مناسباً.
وأشار إلى أنها بالتأكيد كانت تنتظر منه كصاحب متجر رسالة نمطية يرجو منها أن تتفهم الموضوع أو أن يعتذر لها أو أن يقوم بفصل الموظفة أو أن يعرض عليها أن تتمّ خدمتها من قبل موظف أخر، مؤكداً أنه لن يفعل ذلك.
وقال “بويث” إن الحياة قصيرة جداً لتنتقد أو تمارس الضغط على الآخرين، مؤكداً أنه يوظف لديه رجالاً ونساء مسيحيين ومسلمين وملحدين، ونساء ورجالاً طويلي وقصيري القامة، وأناساً من ذوي البشرة الداكنة ومن لديهم شعرٌ أشقر وأسود ومن ذوي الشعر الطويل والقصير والصلعان!، لافتاً إلى أن موظفيه لديهم اهتماماتٌ مختلفة وهم من مختلف قطاعات المجتمع.
غير مرغوب بك!
وأكد الصيدلي للزبونة أنه سعيدٌ لأنها اختارت الشراء من صيدلية أخرى، لأنها أصبحت زبونة غير مرغوبة بها، موضحاً أنه نظراً للواجب القانوني الملقى على عاتقهم بتزويد المواطنين بالأدوية سيرحبون بها في الحالات الطارئة ويتعاملون معها بمهنية وبود، متسائلاً ” أليس ذلك رائعاً؟”، في إشارة إلى حسن تعاملهم معها رغم شكواها المسيئة.
وبيّن بويث أنهم سيعيدون لها ثمن الأدوية التي قد اشترتها مسبقاً وتود استلامها، إن أرادت شراءها من صيدلية ” خالية من الحجاب”، مؤكداً أن الاندماج قد يكون على غير هذا النحو على الأقل كما تعتقد هي، داعياً إياها إلى الاندماج في المجتمع مستقبلاً والكف عن حبْك المكائد.
وقال الصيدلي لصحيفة “راينشه تسايتونغ” اليوم الخميس 28 يناير/ كانون الثاني 2016 أنه يعمل في 4 صيدليات بمدن غلسنكيرشن وبوخوم وإيسن بولاية شمال الراين فستفاليا 60 شخصاً، وهم كما شأن زبائنه من قطاع عريض من السكان لذا اكتسب منشوره طابعاً عاطفياً.
مضيفاً أنه يستخدم موقع فيسبوك على نطاق محدود وللأمور الخاصة وجاء رده عفوياً، وفوجىء بشدة من ردّات الفعل بعد تلقيه الكثير من المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني، إلى جانب 1000 طلب صداقة على موقع فيسبوك. ولفت إلى أن أغلبية المستخدمين أشادوا بمنشوره، واستلم رداً سلبياً واحداً فقط.
وأضاف أن الزبونة بعثت برسالة أخرى تؤكد فيها على أنها تريد البقاء بعيداً عن صيدلياته، وتحظر عليه استعمال نصوص رسائلها مرة أخرى، إلا أنها بقيت تخاطبه باحترام.
وقال مواطنون ألمان في لقاءات مع تلفزيون sat1nrw المحلي أنهم يجدون ما فعله الصيدلي “بويث” صائباً، وإن على الجميع الحصول على فرصة بغض النظر عن لون بشرته وارتداء السيدة للحجاب أم لا، وإن جميع المقيمين على الأراضي الألمانية لهم الحقوق ذاتها.