معاريف: في التاريخ لم يصمد أي احتلال ومصير فلسطين سيكون كمصير الجزائر أو فيتنام

thumb
حجم الخط

القدس المحتلة / رفع المعسكر الليبرالي ومعسكر اليسار الاسرائيلي العلم الابيض. فانتصار نتنياهو في الانتخابات الاخيرة لم يكن مجرد انتصار سياسي، بل انتصار ايديولوجي أدى في 2015 الى ثورة اليمين المتطرف. وتحقق الحكومة هذه الايام رؤيا بينيت، مجلس “يشع″ هو “ان شئتم” من خلال بناء بلاد اسرائيل الكاملة، توسيع المستوطنات، تفضيل العنصر اليهودي في هوية اسرائيل على حساب الديمقراطي ونشر كراهية العرب والاجانب.

 هذه ثورة نحو نظام غير ديمقراطي، قومي وعنصري متطرف، منقطع بعد السماء عن الارض عن وثيقة الاستقلال، ونحو هوية ثنائية القومية جديدة في دولة أبرتهايد. 

هذا كابوس لكل شخص ليبرالي، ديمقراطي ومحب للسلام. هناك من يتحدثون عن نهاية الرؤيا الصهيونية.


رغم ذلك، انا ابقى انسانا متفائلا. ليس انطلاقا من العمى أوة النكران، بل انطلاقا من فهم السياقات التاريخية والايمان بقوة القيم الليبرالية. وحتى في وضع اليوم، تجدني مقتنعا بان في غضون بضع سنوات غير كثيرة ستقوم الى جانبنا دولة فلسطينية، مجرد قيامها سيعطي أملا لهويتنا الديمقراطية في ظل التنكر للاحتلال المسرطن. لا ريب عندي بانه بعد أزمات دستورية شديدة وفترات ظلامية، ستتغلب الديمقراطية الاسرائيلية، وستهزم رؤيا نتنياهو، بينيت، ريغف و “ان شئتم”.


في التاريخ الحديث، لم يصمد أي احتلال لشعب آخر. فقد قضى الاستعمار نحبه. كل من سيطر على الشعب اليهودي اختفى. ومصير فلسطين المستقلة سيكون مشابها لمصير الجزائر أو فيتنام.

 فقوة ارادة الشعوب تفوق في نهاية المطاف على كل قوة عسكرية. وبالنسبة للديمقراطية الاسرائيلية، هناك في التاريخ نماذج كثيرة عن الديمقراطية المهزومة من داخل نفسها، ونحن في الطريق الى هناك. دولة يلاحق فيها الفنانون بسبب ارائهم، يخاف فيها القضاة من ردود فعل الجماهير وتخشى الاقليات على مصيرها توجد في الطريق الى انتحار الديمقراطية. 

الى جانب ذلك، في اسرائيل يوجد الكثيرون ممن هم اصحاب قوة كبيرة ومتعلقون بحرية الفرد والتعبير. العلماء، الاكاديميا والصناعة بحاجة لتلك الحرية. الاقتصاد الاسرائيلي بحاجة للسوق الحرة كي يزدهر. قادته هم الجسر للعالم، وهم الذين سيقاتلون مع حلول الوقت للحفاظ على الديمقراطية. النجاة لن تأتي من السياسة، بل من المجتمع المدني.


فنانون كعاموس عوز، دافيد غروسمان، موشيه ايفجي وغيلا الماغور هم اصحاب قوة اكبر بكثير في الاسرائيلية من كل قادة الدعاية والسياسة الكفاحيين.


كما ان قادة جهاز الامن بحاجة للديمقراطية؛ فالجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب وقوته في حرية اختيار الجيل الشاب. هم ايضا لن يسمحوا للديمقراطية بان تتفكك في لحظة الاختبار. وحتى ذلك الحين بانتظارنا المعاناة من تدهور شديد: عنف فلسطيني، اقليمي على نطاق واسع من جهة، وهجوم متزمت عنيف وعنصري من جانب جيوش وحدة اليمين من جهة اخرى، في ظل استمرار الحكم الذي يندمج عناصر الديكتاتورية والثيوقراطية. كل هذه ستجعل الحياة هنا لا تطاق.


ولكن مصير مثل هذه الحركات القومية المتطرفة ان تتفجر، ومصير القوى الليبرالية ان تنجو وتتغلب. هكذا بحيث أني ابقى متفائلا، ربما الاخير من بين رفاقي. سيكون هنا، في المستقبل المنظور، سلام بين دولتين وديمقراطية منتعشة. لقد تعلمت من متفائل خالد آخر، يحقق تفاؤله في الواقع: شمعون بيرس، الذي قال لي ذات مرة: “صحيح، اليوم نحن في الاقلية، ولكن لدينا حليف واحد: المستقبل”.
 

معاريف 1/2/2016