هارتس : التهديد الحقيقي لإسرائيل يوجد في المستوطنات لا في بني براك

اريس ليعال.jpeg
حجم الخط

بقلم: ايريس ليعال

 

 



في طفولتي المبكرة استيقظت ذات صباح على صوت جوقة أنشدت "أعترف أمامك، أيها الملاك الحي والقائم"، في حديقة الأطفال قرب بيتنا في شارع بن زكاي في بني براك.
كان جدي وجدتي، اللذان تربيت عندهما في تلك السنين، حريديين قوميين. أيضا عندما انتقلت مع والدي وعائلته إلى كيبوتس تابع لـ "هشومير هتسعير" واصلت المشاركة في نشاطات حركة بني عكيفا عندما كنت أذهب لزيارة جدي وجدتي.
التظاهرات في بني براك تحت غطاء محاربة الانقلاب النظامي غير مريحة بالنسبة لي. كراهية الحريديين تذكرني بالطرق الأكثر شبهاً بطرق إثارة الناخبين من خلال التمييز بين السكان.
استفاد أفيغدور ليبرمان من ذلك سياسياً على حساب العرب من جهة وضد الحريديين من جهة أخرى. أيضا قام يائير لابيد بفحص عدد المقاعد التي تستحقها هذه الحثالة.
أعرف أيضا الصفات التي التصقت بهم. كانت الحياة في الكيبوتس نزهة ممتعة في دروب كراهية الحريديين، وفرصة لرؤية كيف أن كراهية الأشخاص الذين يرتدون الملابس السوداء و"الطفيليين" الذين يجلسون ويشربون الشاي ويأكلون الكعك ويقومون بحساب أموال الضرائب التي ندفعها، أخفت عن العيون المجموعة الخطيرة وبحق على المجتمع الإسرائيلي.
في يوم القدس كان يمكن رؤية أبنائها بكامل مجدهم الظلامي وهم يقومون بضرب الفلسطينيين مع جنون في عيونهم. ولكن من جاؤوا من "المفدال" التقليدي بشكل عام تمتعوا بمحبة وتقدير العلمانيين. اعتبرهم الاستيطان العامل نوعاً من الإخوة: صهاينة، ساكني البلاد، يعملون بجدية. من داخل الثالوث اليهودي، التوراة وحب إسرائيل، كان يمكن التخلي عن التوراة والعيش معهم بسلام.
نفتالي بينيت، الذي قام بإحياء "المفدال" بالاسم الجديد (البيت اليهودي)، تم استيعابه من قبل الوسط – اليسار العلماني، ووافق عليه كرئيس للحكومة دون أي تحفظ.
معظم المتظاهرين في بني براك يشتاقون لبينيت. ولكن الصهيونية الدينية سرقت الخزينة العامة بشكل لا يقل عن قيادة الحريديين.
حلم بتسلئيل سموتريتش المسيحاني يكلف أموالاً باهظة. وخلافاً لطلبات الحريديين هو يشمل ضم "المناطق"، وحل السلطة الفلسطينية، وتأسيس دولة "الأبرتهايد" بشكل رسمي.
في عمق الروح الإسرائيلية فإن طلاب المدارس الدينية يمثلون الشتات اليهودي الذي يتناقض مع الإسرائيلية. ولكن هؤلاء الشباب المليئين بالانفعال الأيديولوجي مع القبعات المنسوجة، يمثلون تبايناً حول موضوع مفضل وهو "الرواد بناة البلاد".
يحتاج الأمر إلى الكثير من الجهد الجماعي من أجل إقناعي بالاختلافات الجوهرية بين مسيحانية سموتريتش وعنصرية إيتمار بن غفير، بين أوريت ستروك وليمور سونهارميلخ، بين الصهاينة المتدينين والكهانيين.
في المقابل، أطلقت محكمة طائفة الحريديين على مسيرة الأعلام "استفزاز فظيع تخطط له مجموعات مختلفة" من أجل الإزعاج والاستفزاز وزيادة الكراهية.
الحريديون لديهم تمييز واضح جداً بين الجمهور الذي له نمط حياة وبين ممثلي الجمهور والحاخامات الذين يهتمون بتمويل ذلك.
في الصهيونية الدينية لا يوجد فرق كهذا. في الحقيقة العيش في المستوطنة والحفاظ على النار المقدسة هما التجسيد للأيديولوجيا. لم يكن هذا القطاع ليستطيع العيش ولو ثانية دون الدعم الكبير من الحكومة. ولم يكن لينجح أيضا دون التعاطف من النوع الذي لم يمنحه العلمانيون في أي يوم للحريديين، حيث عملت حقيقة أنهم لا يخدمون في الجيش وكثيرون منهم لا يعملون على تحويلهم هدفاً سهلاً.
طرف من الأطراف التي تنظر إلى النضال المشترك ضد الانقلاب النظامي هو الحاجة إلى تأييد الاحتجاج للحفاظ على وحدته. التظاهرة التي سميت "حصار بني براك" كانت هستيريا لحظية مقتها الكثير من المتظاهرين. لا يمكن التنكر للمشكلات الصعبة التي تنبع من أنه لا يوجد فصل بين الدين والدولة. ولكن الصور من مسيرة الإعلام كان يجب أن تذكرنا بأن التهديد الحقيقي على الدولة وعلى الديمقراطية يوجد في دولة "يهودا"، وليس في شارع بن زكاي.

عن "هآرتس"