حول سؤال في أي نقطة يتم تجاوز الحدود ومتى يتحول الأمر المحتمل الى غير محتمل، هناك عدة إجابات. حدود الألم تتغير من مجتمع لمجتمع ومن انسان لانسان. الشعب اليهودي تعرض للمعاناة على مدى السنين الى أن تفاقمت هذه المعاناة في القرن العشرين. ومع ذلك فقد بقي. قررت المانيا أنه من قعر البئر التي وصلت اليها، ستخرج اكثر حكمة وأكثر حذرا وأكثر استعدادا. والدليل على ذلك ما كتبه أحد الكتاب المشهورين فيها، توماس مان: «الشخص الذي يعتقد أنه ولد ألمانيا لا يمكن القول أنا المانيا الجيدة والعادلة... كل شيء يوجد داخلي وكل شيء جربته على جلدي». هذا هو الكنز الروحاني الذي يعني أنه في كل مرحلة يجب مراقبة الحيوان الفاشي العجوز. الأمر الغريب هو أنه بالذات في ارض الشعب اليهودي الذي عانى يسمحون لهذا الحيوان برفع رأسه. ولست أنا التي أنتمي لمعسكر اليسار أقول ذلك، بل يقوله عضو الكنيست بني بيغن، الذي هو من ارستقراطية حزب السلطة. وهو يقوله علنا وبطريقة لا تحتمل تفسيرين. فبيغن اعتبر أننا أمام «ذروة جديدة من الفظاعة». وقال بوضوح كلمة «فاشية»، وطلب التحقيق في كيفية السماح بذلك. يمكن القول إن بيغن يعرف أن بداية العملية تتعلق بالكشف عن مفهومين مختلفين: اليساري واليساري الخائن. وأن هذه الهوية بادر اليها وحفظها كل من رئيس الحكومة ووزيرة العدل ووزير التعليم ووزيرة الثقافة، بمرافقة جوقة الكنيست. لذلك فان الأمر الوحيد الذي يمكن فعله الآن هو انشاء اقتران فعال: وسم جمعيات حقوق الانسان، تجنيد الفن من اجل دعاية السلطة، وتخويف المثقفين وتشويش التاريخ في كتاب المدنيات المخصص للمدارس. وكل تلك وسائل فاشية. ومن أجل تغيير اتجاه السفر قبل الهاوية يجب الطلب من كل عضو كنيست لا يتضامن مع هذه الاعمال أن يسميها باسمها. وبعد ذلك إبداء التحفظ عليها. هل تذكرون دعوة «كونوا كحلونيين»؟ على المُشرعين واعضاء الحكومة أن يكونوا مثل بني بيغن. أن لا يفقدوا الحكمة. عليهم القول بفم ملآن إنه تم تجاوز الحدود، وكفى. البحث الطبي يشير الى أن التحمل السلبي خطر كبير. فمعروف أنه اذا بدأ التلوث في الجسم، وأعطيت المضادات الحيوية بكمية غير ملائمة خلال فترة قصيرة، فان الجراثيم تطور قدرة على مواجهة الدواء. لهذا فان اعتذار «إن شئتم» يشبه وقف العلاج في منتصف الطريق. إن افتتاح فصل الاحتجاجات الصغيرة يشبه العلاج بكمية غير ملائمة. واسوأ من ذلك، اذا وافقنا على تملص بنيامين نتنياهو واييلت شكيد ونفتالي بينيت من «إن شئتم» فنحن بهذا نسمح للتلوث بالانتشار في جسمنا. ومن اجل منحهم الدور التاريخي الملائم، يجب علينا أن نأخذ منهم ومن ميري ريغف فرصة إحداث الثورة التشريعية والايديولوجية التي بدأوا فيها وتحويلهم الى مرحلة في ديناميكية تطورنا الاخلاقي كمجتمع. هذه المرحلة تغلبنا عليها وبفضلها ازدادت قوتنا. لأننا أعلنا الحرب الشاملة على الحيوان الفاشي حينما استيقظ وبدأ يتثاءب.