وزير المالية ووزيرة جودة البيئة سيقدمان في القريب مشروع قرار لمعالجة مشكلة إحراق النفايات وراء الخط الأخضر. النفايات التي يتم إحراقها في الضفة الغربية هي مصدر لتلويث الهواء بشكل خطير، الذي يضر بمئات آلاف السكان الإسرائيليين والفلسطينيين.
تركز الخطة، التي بلورتها وزارة المالية ووزارة جودة البيئة، في المرحلة الأولية على 33 موقعا إشكاليا بشكل خاص، إلى جانب خطوات لجمع منظم للنفايات وتوسيع تنفيذ القانون. سيمكن مشروع القرار من توسيع صلاحية قانون البيئة في إسرائيل ليشمل "المناطق" أيضا. سيخدم هذا الوضع توجه حكومة اليمين، التي تدفع قدماً بزيادة سيطرة إسرائيل على المنطقة.
عُرضت أسس مشروع القانون في لقاء طارئ عقدته بلدية رأس العين، الأسبوع الماضي، ركز على إحراق النفايات في "المناطق".
حسب مشروع القرار سيتم في المرحلة الحالية تحويل ميزانية بمبلغ 20 مليون شيكل لصالح جمع النفايات في 25 قرية فلسطينية في مناطق مختلفة في الضفة الغربية وخاصة في مدينة أريحا.
تصل هذه النفايات إلى 33 مكباً للنفايات، توجد فيها مشكلة كبيرة بشكل خاص بسبب عمليات الحرق الضخمة وبوتيرة عالية.
مصدر الميزانية هو صندوق الحفاظ على النظافة التي تديره وزارة جودة البيئة. ستستخدم الميزانية لتمويل نقل النفايات إلى مواقع منظمة لمدة ثلاث سنوات.
في مشروع القرار كتب أيضا أنه باستثناء الميزانية من أجل إخلاء النفايات في القرى المذكورة فيه سيتم تشكيل طاقم يشمل عدة وزارات ويقدم للحكومة خطة شاملة لعلاج المكاره البيئية التي تتجاوز الحدود.
إحدى المهمات الأساسية للطاقم ستكون الدفع قدما بإقامة منشآت لمعالجة نفايات السكان الإسرائيليين والفلسطينيين وراء الخط الأخضر، بما في ذلك منشآت لإعادة تدوير النفايات واستخراج الطاقة (إنتاج الكهرباء من حرق النفايات).
من أجل زيادة نجاعة نشاطات تنفيذ القانون إزاء من ينتهكون البيئة تقترح وزارة المالية ووزارة جودة البيئة إجراء تغييرات في القوانين العسكرية التي تسري وراء الخط الأخضر، التي يتم تطبيقها من خلال أوامر قائد المنطقة.
ضمن أمور أخرى تم الاقتراح بأن يتم بوساطة هذه الأوامر تطبيق قوانين الحفاظ على النظافة، التي تمكن من فرض غرامات ومصادرة سيارات تم ضبطها أثناء نقل النفايات إلى مكب غير قانوني.
تم أيضا اقتراح تغيير لوائح المجالس المحلية (في المستوطنات)، بصورة تمكن من تطبيق عدة قوانين بيئية تسري داخل الخط الأخضر. يذكر مشروع القرار قانون الهواء النقي وقانون معالجة النفايات الإلكترونية. وحسب مصدر مهني كبير في وزارة جودة البيئة فإن خطوات تنفيذ القانون هذه حيوية، لكنها غير كافية طالما أنه لم يكن هناك تعزيز كبير لوحدة الرقابة التي تعمل في الإدارة المدنية.
أوضحت وزيرة جودة البيئة، عيديت سلمان، بأنها تطمح إلى نقل صلاحيات إدارة شؤون البيئة – وراء الخط الأخضر والتي توجد الآن في يد الإدارة المدنية – إلى وزارتها.
يبدو أن الحديث يدور عن خطوة مطلوبة من ناحية بيئية، لكن توجد لها بالطبع أهمية في تعميق سيطرة إسرائيل في المنطقة.
"نريد التوصل إلى تنظيم للبيئة"، قالت سلمان في محادثة مع "هآرتس". "مشروع القرار / جزء من ذلك. بوساطته يمكننا التقدم في المكان الذي يوجد فيه من نتكلم ونعمل معه. نحن بحاجة أيضا إلى المساعدة الدولية". "لا يمكننا أن نحل محل السلطة الفلسطينية"، قال المدير العام في الوزارة غاي سميث. "يمكننا أن نعالج بالأساس في المكان الذي توجد فيه مشكلات حاسمة".
تدل الخطوة الحالية على أن وزراء اليمين أيضا أدركوا أنه لا يكفي اتهام الفلسطينيين، وأنه لا يوجد أمام إسرائيل أي خيار باستثناء أن تكون مشاركة في الحلول. "ننوي إقامة موقع آخر منظم للنفايات بتمويل من ألمانيا شرق السامرة"، قال بني الباز، الضابط في هيئة أركان جودة البيئة في الإدارة المدنية في المؤتمر الذي عقد في رأس العين. "هو سيعطي الجواب على نفايات 700 ألف مواطن في المنطقة. أحد اسباب أن هذا الموقع لم يتم إنشاؤه حتى الآن هو معارضة المستوطنين في أن يخدم مكب النفايات فقط السكان الفلسطينيين. وقد طالبوا بأن تنقل إلى هذا المكب أيضا نفايات المستوطنات".
حسب المسح الذي أجرته وزارة جودة البيئة والإدارة المدنية وراء الخط الأخضر وجد أن هناك 123 موقعا يتم فيها إحراق النفايات بشكل كبير. تتسبب هذه المواقع بتلوث الهواء بشكل كبير في عدة بؤر، إحداها في منطقة القرى التي تقع شرق رأس العين وكفر قاسم. مواقع أخرى توجد شمال شرقي القدس وقرب مستوطنات شمال البحر الميت.
هناك يتم حرق مخلفات زراعية بالأساس. موقع كبير بشكل خاص لحرق النفايات يوجد شرق مستوطنات منطقة لخيش في القرى التي توجد في جنوب غربي جبل الخليل.
في هذه القرى توجد صناعة مزدهرة لمعالجة النفايات الإلكترونية التي يتم تهريبها من إسرائيل وإعادة تدوير القطع فيها. ولكنّ جزءا من هذه النفايات يتم حرقه. المختصون يقولون إن المشكلات الرئيسة التي تؤدي إلى حرق النفايات تنبع من النقص في القدرة التنظيمية للسلطة الفلسطينية، التي تجد صعوبة في إدارة نقل النفايات ودفنها في مواقع كبيرة. إضافة إلى ذلك توجد قرى فلسطينية كثيرة في ضائقة اقتصادية وتجد صعوبة في تمويل نقل النفايات إلى مواقع قانونية.
حرق النفايات الالكترونية تحول إلى نشاط مجدٍ من ناحية اقتصادية في أعقاب الارتفاع الكبير في أسعار بعض المعادن مثل الألمنيوم. هذه المعادن يتم استخراجها بوساطة حرق النفايات وبعد ذلك يتم بيعها في الأسواق في إسرائيل. حتى الآن انتهت محاولات تنظيم هذا النشاط لمنع الحرق بنجاح جزئي فقط.
ترتبط المسؤولية عن وضع معالجة النفايات وراء الخط الأخضر بشكل كبير أيضا بنقص التنظيم البيئي في إسرائيل نفسها. يدور الحديث عن فشل مستمر في منع تسرب النفايات من إسرائيل إلى ما وراء الخط الأخضر رغم تشغيل وحدة ضبط خاصة لهذا الموضوع. المشكلة البارزة هي تهريب كمية كبيرة من النفايات الإلكترونية، التي بسبب مكوناتها تنبعث في الهواء بعد إحراقها مواد سامة مثل الديوكسينات (تركيبة كلور سامة) ومعادن سامة مثل الكروم والرصاص.
الإضعاف المتواصل للسلطة الفلسطينية من قبل إسرائيل وتقويض قدرتها على أن تتحمل المسؤولية عن جزء من الأرض، أدى إلى فقدانها القدرة الفعلية على مراقبة إخلاء النفايات. بعض نشطاء البيئة في إسرائيل قالوا بأنه حتى فترة متأخرة لم يكن للإدارة المدنية أي مصلحة في العمل ضد مواقع يتم فيها حرق النفايات، لأنها فشلت في الدفع قدما بمواقع منظمة أخرى. هكذا تحولت هذه المواقع إلى نوع من الحل المؤقت.
حرق النفايات هو ظاهرة توجد أيضا داخل إسرائيل، لا سيما قرب القرى العربية. وحسب تقديرات وزارة جودة البيئة فان حرق النفايات هو المصدر لأكثر من 70 في المئة للمواد المسرطنة التي تنبعث في الهواء، ومصدر ثلث الجزيئات التي تنبعث. يدور الحديث عن جزيئات تلويث بقطر صغير جدا، التي تخترق الجهاز التنفسي، وتؤدي إلى أمراض في التنفس والى الموت. من جمعية "مواطنون من اجل هواء نقي"، التي تعمل في السنوات الأخيرة على منع حرق النفايات، جاء رد "معالجة المكاره البيئية في مناطق يهودا والسامرة، وعلى رأسها حرق النفايات بشكل يومي، لا تحتمل التأجيل. ونحن نرحب بطرح خطة بعد سنوات من الإهمال من قبل الدولة.
مع ذلك، مئات آلاف السكان الذين يعانون من هذه الظاهرة سئموا من الوعود. الامتحان الحقيقي سيكون في تطبيق بنود الخطة، وعلى رأسها المساعدة على نقل النفايات الفلسطينية وتوسيع تنفيذ القانون. نحن أيضا نريد التذكير بأنه في موازاة عمليات الحرق في مناطق السلطة الفلسطينية فان آلاف عمليات حرق النفايات تشتعل في دولة إسرائيل في كل سنة".
عن "هآرتس"
استهجان ديمقراطي لخطة سيطرة ترامب على غزة
05 فبراير 2025