رأى مراقبون أن وعود رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعدم اقامة دولة فلسطينية واستمرار الاستيطان، وبقاء القدس "عاصمة" لدولة الاحتلال "ستتصادم بالتأكيد مع السياسة الأردنية"، التي تطالب بعكس كل ما سبق، والتي تتبنى الدعوة لحل الدولتين، ووقف الاستيطان، والتمسك بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
بعد فوز نتنياهو بالانتخابات امس، ووسط ترقب لما ستقدمه حكومة يمينية اخرى، لأربعة اعوام مقبلة، فان محللين يتوقعون، في حديثهم لـ"الغد"، تراجعا لمعسكر السلام، وتقدما لليمين، وترسيخا لحضوره، ما سيؤدي بلا شك الى "احتكاكات بين الأردن واسرائيل". وحول هذا، لا يشكك الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي بأن علاقة الأردن باسرائيل ستتأثر، في المرحلة المقبلة، بسبب اكتساح اليمين، بما ان ذلك "سيوفر الفرصة لنتنياهو لتشكيل حكومة خالصة من اليمين واليمين المتطرف دون الحاجة للتحالف مع أحزاب أخرى". ويعتبر الرنتاوي أن نتنياهو سيغلق الباب أمام حل للقضية الفلسطينية، وسيتوسع بنشاطه الاستيطاني، ويدير ظهره للاتفاقيات مع الأردن حول المقدسات، "ما سيخلق بدوره بؤر احتكاك" مع الاردن. من جانب الأردن، فانه "يسعى للتمييز بين مسار علاقته الثنائية باسرائيل، من خلال مشاريع معينة مثلا، وبين مسار العلاقات الاسرائيلية الفلسطينية"، الا ان الشهية المنفتحة للاستيطان، لدى الحكومة الاسرائيلية المنتخبة حديثا، سيؤدي الى انهيار تام لعملية السلام وحل الدولتين. هذا بدوره "سيجعل الأردن مرغما على خوض مواجهات مع اسرائيل، ونتوقع ان تمر العلاقات بموجات تأزم في المرحلة القادمة"، وفقا للرنتاوي. عضو لجنة فلسطين في مجلس الأعيان محمد الحلايقة، يعتبر ان فوز اليمين المتطرف، كان متوقعا، لأن المجتمع الاسرائيلي يتجه نحو التطرف منذ سنوات، وقال ان هذه الحكومة ستكون "أشد غلوّا" في تعاملها مع القضية الفلسطينية. وأشار إلى أن الأردن تعامل مع حكومات يمينية اسرائيلية سابقا، الا انه سيكون من الصعوبة التعامل مع الحكومة الجديدة، بعناصر سياستها المعلنة، مثل رفض اقامة دولة فلسطينية، والاصرار على اعتبار القدس عاصمة موحدة لاسرائيل، واستمرار الاستيطان ومزيد من الاقتحامات وربما تقسيم الأقصى". ورأى الحلايقة في هذا كله "تحديا للأردن"، باعتباره المدافع الأول عن القضية الفلسطينية، والمسؤول عن المقدسات في القدس، واعتبر ان المملكة وكعادتها "ستستمر في حشد دعم عربي اسلامي دولي، للحد من التطرف الاسرائيلي القادم". وفي هذا الصدد، لا يستغرب الوزير الأسبق الحلايقة، "وقوع مواجهات دبلوماسية متعددة بين الأردن واسرائيل"، وزاد "للأسف فان ظهر الأردن مكشوف، فيما يتعلق بالتعامل مع القضية الفلسطينية، بسبب عدم وجود موقف عربي اسلامي في هذا الموضوع، وانشغال الدول الأخرى بالتطرف والارهاب وداعش". وخلص إلى أن "عبئا كبيرا سيقع على الأردن في المرحلة المقبلة، بتعامله مع الحكومة المتطرفة، وكذلك سيكون هناك عبء على السلطة الفلسطينية، لذا لا بد من تنسيق أردني فلسطيني في هذا الاطار". أما الكاتب والمحلل السياسي سلطان الحطاب، فيعتقد أن نجاح نتنياهو شكل صفعة جديدة للإدارة الأميركية، لأنه أسقط عملية السلام برمتها، عندما "حرّض على قتل رابين (منتصف التسعينيات)، وها هو الآن يتربع على السلطة لأربع سنوات أخرى، وسيزداد برنامجه المتطرف تطرفا، كما انه سيحاول عرقلة البرنامج النووي الايراني". بالنسبة للأردن، فالمخاطر لا زالت قائمة، فنتنياهو لن يكون مع دولة فلسطينية، وسيقضي على الآمال المتعلقة بعملية السلام، ولن يعطي الفلسطينيين أي شيء، والضغط الاسرائيلي على الأردن سيزداد، ومن المؤشرات على ذلك "دخول وزير الخارجية ليبرمان ساحة الأقصى قبل يومين". ويرى الحطاب في خطوة ليبرمان "عنوانا جديدا يؤشر الى ان الحكومة الاسرائيلية بدأت على مستوى وزرائها، وليس على مستوى المستوطنين، باقتحام الأقصى"، وهذا مؤشر جديد على "الضغط على الأردن، وتضييق المجال امام المملكة للمناورة". وعن السلطة الفلسطينية، يرى الحطاب انها "ستواجه مزيدا من الضغوط، ومنعا للأموال عنها، وقد تنفرط السلطة التي لن يكون نتنياهو آسفا عليها، لأن البديل هو ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، بشكل نهائي، كما حصل سابقا مع بقية الأراضي". ويتوقع كذلك، تصاعد العمل العدواني ضد الضفة الغربية، وان نتنياهو قد يفتح حوارات مع اطراف اخرى غير السلطة، ولا يستبعد ان يفتح قنوات مع حماس، فهو "رجل براغماتي يؤمن بالعمل المرحلي". رئيس الجمعية الاردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات، يرى ان وعود نتنياهو بعدم وجود دولة فلسطينية واستمرار الاستيطان، يدلل على شكل المرحلة االمقبلة في الملف الفلسطيني. اما موقف الأردن والمخالف لوعود نتنياهو، والداعي لانشاء دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة ووقف الاستيطان، فيتناقض ويصطدم مع ما يقوله الرئيس المنتخب، كما ان الأماكن المقدسة لها حسبة. بالنسبة لملف المفاوضات، فهناك تباين مع الفلسطينيين في الأمر، "نتنياهو كان غير واثق من تأييد المجتمع له، لكن الآن بعد نتيجة الانتخابات، فهذا سيعطيه دفعة جديدة، لسياساته وسيتوسع باستيطانه، ما سيقلق الأردن"، بحسب الشنيكات. وخلص المحلل السياسي إلى أن وعود نتنياهو "ستتصادم بالتأكيد مع السياسة الأردنية"، وان نتنياهو الذي سيتحالف مع قوى اليمين المتطرف "لن يكون لديه إطار مناورة حتى لو أراد ذلك".