عندما أعلن نتنياهو انه سيذهب بعيدا في استخلاص نتائج العملية عند الحدود المصرية ، لم يرق الى الذهن العربي او العالمي الإنساني و لا حتى الإسرائيلي انه سيذهب الى تصحيح مسار دولته الطويل و العريق في قمع تطلعات الشعب الفلسطيني المستندة الى القتل و الهدم والقمع و البطش و التشريد و القلع و الحبس ، سياسة يومية متصاعدة و ممنهجة ، فهذا لا يمكن و لا بأي حال من الأحوال ان يستمر الى الابد .
القضية الفلسطينية التي تحتل وجدان الشعوب العربية من المحيط الى الخليج ، و كذلك شعوب العالم ، ليست قضية عابرة ، ليست قضية زلزال يضرب سوريا ، و لا غلاء أسعار في مصر ، و لا انهيار عملة في لبنان ، و لا التخلص من رئيس مناكف في ليبيا او العراق ، و لا أزمة امير يرث عرش ابيه في الخليج ، و لا قضية جوع في الصومال ، او شح مياه في الأردن ... الخ ، و لكنها قضية صراع مستشر بين شعب هجر من ارضه ليستوطنها احتلال عسكرتاري مدعوم عالميا من قوى الشر والاستكبار و العنصرية و التخلف.
على مدار قرن كامل تنظر هذه الشعوب الى شقيقها الأصغر "الشعب الفلسطيني" ان يتوقف استهدافه والاستفراد به مقدمة لانصافه و نيل الحد الأدنى من حقوقه ، فتكتشف انه مع مضي الوقت يزداد اضطهاده و عذابه ، حتى وصل الامر الى مصادرة عاصمته و النيل من مقدساته الإسلامية و المسيحية على حد سواء ، بل و إمكانية ابادته ، و الإعلان عن ذلك علانية جهارا و نهارا على لسان عدد من الوزراء و المسؤولين ؛ الغارات على غزة ، محو حوارة و الشيخ جراح و مخيم جنين بعد صبرا و شاتيلا و قانا واليرموك و قبلها البقعة و الوحدات و قبلها دير ياسين و كفر قاسم و الدوايمة ... الخ .
انتظرت الشعوب العربية عبر أربعة أجيال ان ينصف السلام المزعوم بين النظام العربي و هذه الدولة السفاحة ، ان ينصف بعض الانصاف ، هذا الشعب ، في معادلة "الأرض مقابل السلام" ، لكن هذا تحول الى مجرد أحلام ليس لها أي أساس مادي على ارض الواقع.
اكتشفت الشعوب العربية ، بما فيها المتاخمة لفلسطين ، والتي وقعت أنظمتها الحاكمة اتفاقيات كامب ديفيد المصرية او وادي عربة الأردنية ، انها اشبه ما تكون بين الذئب و الخروف ، لم يتوان افغدور ليبرمان عندما كان وزيرا للدفاع قبل حوالي عشر سنوات ان يهدد بقصف الاهرامات المصرية و تدمير السد العالي ، كان ذلك ابان الثورة المصرية ضد حسني مبارك ، قبل عشر سنوات ، لكن قبل ثلاثة اشهر اعلن وزير المالية سموترتش ان الأردن هي أراضي إسرائيلية ، و ان الشعب الفلسطيني مجرد وهم تم اختراعه قبل مئة سنة.
حتى"السلام" الذي وقعته منظمة التحرير في حديقة البيت الأبيض قبل 30 سنة ، أوصلت الرئيس الفلسطيني في آخر خطاب له في الأمم المتحدة قبل أسبوعين ان يستصرخ العالم : إحمونا . و من هنا جاء الجندي المصري .