تراجع قدرة إسرائيل على التأثير في وقف اتفاق امريكي ايراني

aac57ec2b3ab917b9541a226e90c25eb.jpeg
حجم الخط

بقلم مصطفى إبراهيم

 

تتداول وسائل الاعلام الإسرائيلية أخبار القلق والخشية، وتقديرات مسؤولين إسرائيليين سياسيين وأمنيين، من تراجع قدرة الحكومة الإسرائيلية على التأثير على الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالاتفاق الأمريكي الإيراني المحتمل.

 

وتخشى الحكومة من أن أدوات الضغط التي استخدمت في الماضي في محاولة للتأثير على التفاهمات، التي تتشكل بين واشنطن وطهران بشأن ملف إيران النووي لم تعد ذات صلة بالاتصالات الجارية بينهما هذه الأيام. القلق من أنه سيكون من الصعب للغاية على إسرائيل إثارة معارضة حقيقية في الكونجرس الأمريكي للتفاهمات مع إيران، وأنه سيكون من الصعب أيضًا التأثير على موقف الدول الأوروبية فيما يتعلق بالاتصالات.

 

بعد التوصل إلى تفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران، في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 والاتفاق المؤقت الذي سبقه، حاولت إسرائيل التصرف بوسائل مختلفة لعرقلة التوصل إلى اتفاق أو تغيير محتواه. 

 

كما حاولت إسرائيل دق إسفين بين الدول الشريكة في التفاوض، وحشد الدول الرئيسية في أوروبا، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، ضد بعض التنازلات التي وافقت عليها الولايات المتحدة في المحادثات، وتلك المحاولات لم تنجح في ذلك الوقت. وتشير التقديرات في إسرائيل أن فرصة تحقيق إنجازات بوسائل مماثلة هذه المرة أقل.

 

التقدير السائد بين صناع القرار في إسرائيل، بمن فيهم الذين يعارضون بشدة التفاهمات التي يتم التوصل إليها، هو أن وضع إسرائيل في الكونجرس قد ساء في السنوات الأخيرة. وعندما تمت دعوة نتنياهو للتحدث هناك، كان الحزب الجمهوري يسيطر على مجلسي البرلمان. 

 

اليوم، يسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ، بينما الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ضئيلة. وبالتالي، سيكون من الصعب على إسرائيل أكثر من المرة السابقة محاولة إثارة معارضة كبيرة في الكابيتول هيل لتحركات إدارة بايدن.

 

كما أن الوضع داخل الأحزاب نفسها يقلل من قدرة إسرائيل على التأثير. في عام 2015، صوت أربعة فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين ضد الاتفاق النووي الإيراني. ثلاثة منهم، زعيم الأغلبية، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، والنائب اليهودي المخضرم بن كاردان، أعربوا لاحقًا عن معارضتهم الشديدة لقرار الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق في عام 2018، بتحريض وتشجيع من نتنياهو.

 

ووفقا لما نقلته صحيفة هآرتس، لكن هذه المرة ليس لديهم رغبة في التعاون معه في مغامرة جديدة، ضد بايدن.

 

كما ان الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، الذي ازدادت قوته في السنوات الأخيرة، يتبنى نهجاً أكثر انتقادًا لإسرائيل، وهو وضع يمكن أن يتفاقم إذا حدثت مواجهة مباشرة بين نتنياهو وبايدن بشأن القضية الإيرانية. 

 

العام الماضي، قاومت إدارة بايدن ضغوطاً من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين وأعضاء الكونغرس لوضع شروط جديدة لنقل المساعدات العسكرية إلى إسرائيل، لإجراء تحقيق أكثر صرامة في استشهاد الصحفية الأمريكية من أصل فلسطيني شيرين أبو عاقلة، والحد من البناء في المستوطنات بشكل أكثر صرامة. 

 

ومن المخاوف التي أثيرت في النقاش الداخلي في إسرائيل أن الصراع المباشر مع بايدن سيؤدي إلى تبني الإدارة نهج أقل تأييدًا لإسرائيل، رداً على هذه الضغوط الداخلية.

 

إضافة إلى ذلك تشير التقديرات في إسرائيل أن الساحة الأوروبية، وعدد من الدول الأوروبية كانت قريبة من الموقف الإسرائيلي في العام الماضي، على خلفية تورط إيران في الحرب في أوكرانيا. وفرضت الدول الأوروبية سلسلة من العقوبات الاقتصادية الجديدة على إيران ردا على المساعدة التي تقدمها لروسيا. 

 

لكن التقدير على الصعيد السياسي هو أن هذا الواقع لن يؤدي إلى تصلب كبير في مواقف ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في إطار المفاوضات بشأن البرنامج النووي. وبحسب هآرتس أن هناك فرق بين التعاطف مع خوف إسرائيل من إيران وخرق الموقف الغربي المشترك مع الولايات المتحدة.

 

وتعبر الدول الأوربية عن القلق من انهيار المحادثات وتدهورها إلى صراع عسكري مع إيران، مما سيجبر الولايات المتحدة على تحويل الموارد من دعم أوكرانيا إلى الشرق الأوسط. وأن الحرب مع إيران بمثابة كابوس وأوروبا ليست مستعدة لتخيله، وفقا لما نقلته صحيفة هآرتس عم دبلوماسي غربي كبير. وإن الحرب مع إيران ستضر بالوحدة الغربية ضد بوتين، وهو الأمر الأهم بالنسبة لأوروبا في الوقت الحالي.

 لذلك، حتى أولئك الذين يعارضون بعض التنازلات الأمريكية عليهم أن يقولوا نعم لـ بايدن.

 

في العام 2015، ركزت إسرائيل على العلاقة مع بعض الدول العربية الخليجية وحاولت استخدامها رافعة الضغط الأخرى، وفي حينه إدعى نتنياهو من خلال مقابلات وتصريحات صحفية بإن حكام العرب في الخليج يتفقون مع توجهه وقف الاتفاق مع إيران.

 

اليوم هناك تطور وانفراجات في العلاقات العربية مع إيران، بما في ذلك افتتاح سفارة سعودية جديدة في طهران. في مثل هذا الواقع، تقدر إسرائيل أنه سيكون من الصعب حشد دعم عربي كبير ضد تفاهمات جديدة، إذا تم التوصل إليها بالفعل في الأسابيع المقبلة.