قبل سنة ونصف السنة في ذروة حملة "الجرف الصامد" التقينا بقائد المنطقة الجنوبية في حينه، اللواء سامي ترجمان، خارج بوابة فرقة غزة.
كان هذا بعد بدء الحملة البرية، التي كانت تستهدف احباط الانفاق التي حفرتها "حماس" باتجاه بلدات غلاف غزة.
كان ترجمان من القلائل في هيئة الاركان ممن ضغطوا للانطلاق في خطوة برية منذ اللحظة الاولى، وقبل ذلك بكثير حذر من الانفاق، ولكن لم يكن هناك من يسمع. وبعد بدء الحملة ايضا اضطر لينتظر حتى اجتياز 13 "مخرباً" الجدار المحاذي لكيبوتس صوفا كي يفهم الجميع كم هو التهديد ملموس، ويجب الانطلاق على الدرب.
في ذاك اللقاء أعلن ترجمان بشكل لا لبس فيه بأنه "في المرة التالية التي نعرف فيها عن انفاق تجتاز الجدار، سنوصي بمهاجمتها بمبادرتنا ودون انتظار بدء المواجهة". وبالفعل، هذا هو الوضع الآن.
ليس سراً أن "حماس" عادت لتحفر الانفاق مع انتهاء الحملة فوراً، في ظل الفهم بأن اسرائيل تجد صعوبة في مواجهة التهديد التحت أرضي. ومع أن جهاز الامن حسّن في السنة الاخيرة قدرات الاكتشاف والعثور على الانفاق، الا انه خلافا للاحاسيس او التوقعات ليس هذا هو "القبة الحديدية" للانفاق. وبالمقابل اطلعت "حماس" أيضا على قدرات اسرائيل، وهي تتخذ من جانبها أساليب متطورة كي لا تنكشف.
وفي الوسط يوجد سكان غلاف غزة، الذين يسمعون ضجيج الحفر، يستدعون رجال الهندسة، وهؤلاء لا ينجحون في العثور على المسار ويعودون محبطين إلى قواعدهم. صحيح أنه خلافا للتقارير لا يدور الحديث عن حجم الانفاق التي عرفناها عشية الانطلاق الى "الجرف الصامد" – ففي حينه استثمرت "حماس" اربع سنوات في المشروع ولم تمر هذه المرة سوى سنة ونصف السنة – ولكن التقديرات هي أن المنظمة "الارهابية" تتقدم بسرعة. والسؤال هو هل القائد الحالي للمنطقة الجنوبية، اللواء ايال زمير، سيوصي قادته (وهم سيوصون الكابنيت) العمل ضد الانفاق ما أن يتضح المسار الدقيق له، لكن هل سيؤخذ بالتوصية؟
وستكون معضلة القيادة السياسية في مثل هذه الحالة هل العمل على الفور أم انتظار المواجهة التالية. والجواب ليس قاطعا لا لبس فيه. فخلافا للساحة الشمالية، حيث ستكون لضربة وقائية إسرائيلية ضد "حزب الله" آثار دراماتيكية، سيكون في الساحة الجنوبية الرد على عملية وقائية حيال "حماس" محتملة، ولكن العملية نفسها ستحبط كل محاولة للوصول الى تسوية، وستخلق الهدوء الذي لا يذكر مثيلاً له هناك في العشرين سنة الأخيرة.