اسرائيل اليوم : مقترح سطحي، عديم المسؤولية، ويمس بالأمن القومي

يواف ليمور.jpeg
حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 



يبدو اقتراح إشراك "الشاباك" في مكافحة الجريمة في الوسط العربي سطحيا. فهذا جهاز ممتاز، ذو عقيدة قتالية، وتكنولوجيا وأناس مختصين في الإحباط، ولا يوجد أي سبب يجعل ما ينجح بهذا الشكل في مجال "الإرهاب" الفلسطيني لا ينجح بالمستوى ذاته في مجال الجريمة الجنائية.
إذاً، هذا هو، لا، هذا الاقتراح هو بالأساس امتشاق شعبوي من تحت الإبط، كله عديم المسؤولية من الجسم الذي يفترض أن يتصدى للمشكلة – شرطة إسرائيل. ليس فيه أي حل، لا موضعي وبالتأكيد لا عمومي، والمنفعة الهامشية التي ستنشأ عنه ستكون لها أثمان مرافقة أخرى، ولا سيما في الحرب ضد "الإرهاب"، وأيضا في مجال الديمقراطية.
"الشاباك" جهاز صغير. بمثابة دورية مختارة. غايتها الحرب ضد "الإرهاب" (والى جانب هذا إحباط التجسس وبضع مهام حراسة). ليس لديه شحوم يمكن استخدامها لمهام أخرى؛ حرف لأشخاصه أو وسائله تجاه الوسط العربي سيأتي على حساب مهام أخرى – من إحباط العمليات في الضفة والجاهزية لمعركة في غزة وحتى الصراع الجاري ضد ايران على مستوى المعمورة في نقل الوسائل القتالية، وفي العمليات، وفي هجمات السايبر.
بالضرورة، سيكون أصعب على "الشاباك" التصدي لكل هذه المهام إذا ما طلب منه أن يركز على أعمال القتل في "يفيع" أو في كفر قاسم. منذ "حارس الأسوار" وان كان الجهاز اكثر نشاطا في الوسط العربي لكنه يفعل هذا بثلاثة أهداف: الأول، شراكة متزايدة في معالجة الوسائل القتالية خوفا من أن تستخدم ليس فقط في الأعمال الجنائية بل أيضا في العمليات القومية؛ الثاني، المس برموز الحكومة والحكم (عبوة في وزارة الصحة في الناصرة، وإطلاق النار على اللواء جمال حكروش)؛ والثالث، زيادة اليقظة الاستخبارية لإمكانية اندلاع مستقبلي لعنف واسع.
إن فتح قانون "الشاباك" وإضافة مهام للجهاز من شأنه أيضا أن يكون بداية منزلق سلس. في المرحلة الأولى سيكون "الشاباك" مطالبا بأن يعالج الجريمة في الوسط العربي، واستمرارا لذلك الجريمة في الوسط اليهودي، ومن يدري ماذا أيضا. كلما كان الجهاز أقوى تجاه مواطني الدولة ستتأذى حقوق الفرد وستضعف الديمقراطية. هذه آلية بنيوية، يوجد لها جملة نماذج في الماضي وفي الحاضر في العالم.
بكلمات أخرى، يدور الحديث عن حل غير صحيح للمشكلة غير الصحيحة. بدلاً من هذا، من المتوقع من حكومة إسرائيل أن تتصرف بنضج، وأن تفحص مرة واحدة وإلى الأبد المشكلة من الجذور. أن تبدأ من الأصول: من الثقافة، التعليم، البنى التحتية، في الوسط العربي يكاد لا يكون هناك مركز جماهيري أو ثقافة وقت الفراغ، مثلا. يتجول الشباب في الشوارع، ويبتعدون عن التعليم، ويتنكرون للدولة، وبشكل طبيعي يجتذبون إلى الجريمة. هذا يتطلب علاجا شاملا. مأسسة الخطط، واستثمار المال. صحيح أن هذا سيستغرق سنوات، لكن كلما تأجل الأمر ابتعد الحل.
المرحلة التالية هي فحص ما ينقص الشرطة في مكافحة الجريمة. سيكون الجواب التلقائي بالطبع ميزانيات وملاحظات، لكن الحقيقة أعمق. قبل كل شيء تنقصها قيادة نوعية. ألوية جيدون يعتزلون بالجملة، وهناك تخوف بأنه بدلا منهم سيعين ليس من هم ملائمون للمنصب بل من سيتزلفون للوزير المسؤول. فضلا عن ذلك مطلوب بالطبع إضافة أفراد شرطة، وكذا وسائل، أساسا تكنولوجية واذون لاستخدامها بشكل أوسع مما هو متاح الآن. كل هذه ستسمح للشرطة بأن تتصدى بنجاح اكبر لتحدي عائلات الجريمة العربية مثلما فعلت في العقود الأخيرة مع منظمات الجريمة في الوسط اليهودي.
كما أن جهاز القضاء يحتاج إلى إنعاش بشأن مكافحة الجريمة. من التشدد في العقاب – ابتداء من تشديد ظروف الحبس والاعتقال وانتهاء بتقييد ظروف الإفراج – وحتى التشريع الخاص (مثلا، عقاب كل من يحوز سلاحا من نوع ايرسوف). مصلحة السجون يمكنها أيضا أن تشدد ظروف حبس قادة عائلات الجريمة الذين يواصلون إدارة الأعمال كالمعتاد من السجن.
كل هذه تحتاج إلى رؤية شاملة وعمل مناسب لها. هذا ما فعله نائب الوزير السابق، اللواء المتقاعد يوآف سغلوبتس. السنة التي قاد فيها حملة "مسار آمن" كانت الوحيدة في العقد الماضي التي سجل فيها انخفاض في عدد القتلى في الوسط العربي. لم يحصل هذا صدفة: عملت كل الأجسام معاً، الشرطة، "الشاباك"، سلطة الضرائب وغيرها، وأعطى هذا غير قليل من النتائج – من اعتقال وحبس قادة وجنود كثيرين من عائلات الجريمة، عبر مصادرة وتجميد العقارات والأموال، وحتى جمع السلاح. كي تنجح مثل هذه الخطوة في المستقبل أيضا، مطلوب استمرارية ومنطق، وهما عنصران ناقصان الآن.
في الأشهر الخمسة الأولى من ولايته أثبت بن غفير أن هذا المنصب كبير عليه بعدة مقاسات. سلوكه صبياني وعشوائي، مليء بالشعارات التافهة عديمة البشرى.

عن "إسرائيل اليوم"