يتوقع محللون أن يرفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة مجددا، الخميس المقبل، ليمضي قدما في معركته للسيطرة على التضخم رغم دخول منطقة اليورو في حالة ركود.
ويرجّح المحللون أن يستنسخ صانعو سياسات البنك المركزي الأوروبي خطوة مايو عبر زيادة تكاليف الإقراض بـ25 نقطة أساس، ليرتفع معدل الفائدة الذي يُراقب عن كثب إلى 3.5 بالمئة.
وستكون هذه ثامن مرة على التوالي ترفع فيها المؤسسة التي تتخذ من فرانكفورت مقرا معدل الفائدة منذ يوليو الماضي، عندما أطلقت حملة غير مسبوقة لتشديد السياسات النقدية بعدما أدت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الغذائية.
تباطأ التضخم في منطقة اليورو إلى 6.1 في المئة من عام لآخر في مايو بعدما سجل ذروة بلغت 10.6 بالمئة في أكتوبر، ما يدل على تأثير جهود البنك المركزي الأوروبي.
لكن رغم أن هدف المصرف المتمثل بتضخم نسبته 2 بالمئة ما زال بعيد المنال، شدد صانعو السياسات على أنه من المبكر حاليا التخلي عن رفع معدلات الفائدة، ما يشي بأن رفع المعدلات سيتواصل في الشهور المقبلة.
وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في وقت سابق هذا الشهر إن معدلات الفائدة هذا الشهر "تقترب من المستوى المناسب" لكن "علينا مواصلة زيادتها".
ويبدو المشهد مختلفا في الولايات المتحدة حيث يتوقع أن يوقف الاحتياطي الفدرالي جولات رفع المعدلات الأربعاء بعد زيادتها عشر مرات متتالية، فيما يتابع انعكاسات التشدد على الاقتصاد الحقيقي.
على غرار مصارف مركزية حول العالم، يتعيّن على البنك المركزي الأوروبي الموازنة بين زيادة تكاليف الإقراض لتخفيف الطلب وكبح جماح التضخم وتجنّب التسبب بتباطؤ اقتصادي عميق.
أظهرت بيانات تمّت مراجعتها الأسبوع الماضي أن اقتصاد منطقة اليورو التي تضم 20 بلدا انكمش بنسبة 0.1 في المئة لفصلين متتاليين نهاية العام 2022 ومطلع 2023، وهو ما يتوافق مع التعريف التقني للركود.
ورغم أنه ما زال معتدلا، إلا أن الركود المفاجئ خلال الشتاء يفاقم المخاوف من أن المنطقة لم تتعامل مع تداعيات الحرب الروسية بشكل جيّد كما اعتقدت، وهو أمر يثير الشكوك حيال التوقعات الأكثر تفاؤلا للعام 2023.
وقال خبير الاقتصاد لدى مصرف "آي إن جي" كارستن برجسكي إنه "ثبت بأن اقتصاد منطقة اليورو أقل قدرة على الصمود مما كان يُعتقد قبل بضعة أسابيع".
لكنه استبعد بأن تردع البيانات المخيبة للآمال البنك المركزي الأوروبي في وقت ما زال يركّز بشكل كبير على خفض التضخم.
وقال خبير الاقتصاد لدى "كابيتال إيكونومكس" جاك ألين-رينولدز، إنه يتوقع أن "يلمح" البنك المركزي الأوروبي إلى زيادة إضافية من 25 نقطة أساس في يوليو وأن يشدد على أن المعدلات ستبقى مرتفعة "لوقت طويل".
ستعتمد أمور كثيرة على آخر توقعات البنك المركزي الأوروبي الاقتصادية التي سيُكشف عنها الخميس.
وتوقّع مراقبون تغييرات لا تذكر عن التوقعات السابقة والتي تستبعد عودة التضخم إلى النسبة المحددة كهدف قبل 2025 عندما يرجّح أن يسجل أخيرا 2.1 بالمئة.
ورغم أن تراجع أسعار الطاقة بشكل سريع وتلاشي الاختناقات في سلاسل الإمداد ساعدا في تخفيف التضخم في الشهور الأخيرة، إلا أن أسعار الخدمات ما زالت مرتفعة لأسباب من بينها الطلب القوي في قطاع السياحة.
كما أعرب مسؤولو البنك المركزي الأوروبي عن قلقهم من تحوّل الأجور إلى محرّك مهم للتضخم في وقت يستغل العمال نسبة البطالة المنخفضة بمستويات قياسية في منطقة اليورو للمطالبة بزيادات في الأجور من أجل التعويض عن ارتفاع تكاليف المعيشة.
وشدد صانعو السياسات بأنهم يراقبون التضخم الأساسي أو الكامن الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والكحول المتذبذبة لدى التفكير في التوقيت المناسب لتغيير التوجّه الحالي.
بقي التضخم الأساسي مرتفعا في منطقة اليورو إذ تراجع بنسبة ضئيلة إلى 5.3 في المئة في مايو، مقارنة مع 5.6 بالمئة في أبريل.
وحذرت لاغارد الأسبوع الماضي من أنه "لا توجد أدلة واضحة على بلوغ التضخم الكامن ذروته".
وأفاد خبراء اقتصاد في "دويتشه بنك" بأن البنك المركزي الأوروبي سيحتاج إلى "أدلة قوية على تباطؤ التضخم الكامن" قبل "تجاوز أو وقف" دورة رفع المعدلات التي يمضي بها.