العلاقة الزّوجية علاقة سَكَن تكامُليّة تقوم على المودة والمُسامحة وحفظ حقوق الرّجل والمرأة والطّفل، وهي ليست علاقة ندية أو استثمارية نفعيّة، فأساس الأسرة هما الزوجان، وصلاح العلاقة بين الزوجين صلاح للأسرة، والمجتمع، وشريعتنا اهتمَّت ببناء الأسرة اهتماماً كبيراً، لأنّها نواة المجتمع وأساسه، فبصلاح الأسرة يصلح المجتمع، والعكس صحيح، وكل علاقة زوجية تمر بعوائق ومشكلات، قد تؤثرعلى العلاقة الزوجية، وتكون نذير خطرعلى استمرارية الزواج بين الطرفين.
- الحياة الزوجية شرعت لكي تستمر وتستقر
نجاح العلاقة بين الأزواج يسهم في تكوين مجتمع مثقف وناضج يغير مسار المستقبل، فالزواج رباط وثيق، وميثاق غليظ، والحياة الزوجية شرعت لكي تستمر وتستقر وحصول الوئام والألفة بين الزوجين، وأبدية العلاقة الزوجية ضرورة لإشباع حاجات الطرفين من السكن والمودة والرحمة وما يتفرع عنها من حب ورعاية واحتواء وارتواء، وهامة أيضاً لنمو الأبناء فى جو أسرى دافئ ومستقر ومطمئن، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فغالباً ما يحدث خلل في منظومة الحياة الزوجية يكون سببه مشكلة في أحد الزوجين أو كليهما، يؤدي إلى فساد العلاقة الزوجية
- أسباب إنهيار العلاقة الزواجية
يقول د. أحمد عبد الخالق تنهار الكثير من الزيجات لعدة اسباب :
• عدم التوافق
يعتبر الزواج السريع السبب الرئيسي لفساد العلاقة الزوجية، بسبب عدم التوافق وعدم تفهم كل منهما للآخر، يؤدي إلى غياب الحوار والتواصل الفعال والبناء بين الزوجين، وعدم القدرة على مناقشة شئونهم الداخلية بمرونة في جو هادئ ونظيف، وقد يؤدي إلى رغبة أحد الطرفين في فرض سيطرته على الآخر، والتحكم في اتخاذ القرارات، وإلغاء الرأي الآخر، هذا كله يؤدي لوجود جو غير صحي و مليء بالمشاحنات والمشاكل يؤدي بدوره إلى إفساد العلاقة الزوجية.
• عدم وجود الاحترام
تبنى العلاقة الزوجية على الحب والتفاهم والاحترام والود بين الزوجين، فلا حياة زوجية بدون احترام، وأداء الحق لشريكه الآخر بسماحة وطيب نفس حيث يساعد في تحقيق حياة زوجية سليمة ومستقرة بالنسبة لهم ولأبنائهم والاحترام يكون بكل صوره تجاه الآخر، من خفض جناح، ومرونة، وحسن إنصات، وأدب في الحوار، وتحفظ من إظهار حدة أو شدة أمام الصغار، وعدم وجود الاحترام يؤدي لفساد وإنهيار أي علاقة زوجية.
• افتقاد الصدق والثقة
الزواج الناجح يبنى على الثقة والصدق بين الطرفين وإفتقادهما يزعزع العلاقة الزوجية بشكل قوي جداً فينهار جدار الثقة، ويتعرض لشرخ يهدد العلاقة بين الطرفين، قد يكون بسبب الكذب المتكرر ثم يتطور إلى الخيانة بأشكالها المتعددة، فالصدق والثقة هما الملاذ الآمن للخروج من أي مشكلة يمكن أن تعصف باستقرار هذه العلاقة، فالثقة تعطي مساحة للصدق وعدم الكذب الذي يؤدي حتماً إلى الشك في حالة اكتشافه، وبالتالي يدمر هذه العلاقة، وللأسف عند فقدان الثقة، يدخل الشك ويظل المسيطر على هذه العلاقة حتى تنهار وتنتهي.
• الفتنة بين الزوجين
بالصور العديدة كالمشي بين الزوجين بالنميمة، وكلام السوء، وتدخل الأهل والأقارب لتخبيب المرأة على زوجها بذكرمساوئه، أو تحريضها على الخلع والطلاق أو المطالبة بما لا يحق لها، أو نشوزها والخروج عن طاعته وفساد الرجل على زوجته بذكر مساوئها وسوء أخلاقها، أو ذم أهلها وتحريضه على فراقها، سواء كان من قبل أهل الزوج أو الزوجة أو غيرهما.
• عدم الرضا بالشريك بسبب أنه لا يتوافق مع معايير ومقايس مسبقة
لكل انسان أحلامه في شريك حياته، فقد تتحقق أو لا تتحقق هذه ارادة الله سبحانه وتعالي له حكمه في اختياراته لنا، فلابد من الرضا بما قسم الله لنا حتى ولو كان قليلاً، وهي علامة على صدق الإيمان، التي تجعل الإنسان راضياً لا يلهث وراء الأطماع الكثيرة التي تملأ الدنيا، كما أنها تعلمه أن يكون قوياً وراضٍ بما قسمه الله له من رزق ووظيفة وأبناء وزوجة أو زوج وبيت، وتجعله متصالحاً مع نفسه كما هي، دون أن يشعر بالسخط أو الألم أو الحزن علي نصيبه من الدنيا، فكن قنوعاً تكن أغنى الناس.
• عدم الشعور بالاحتواء أو الاهتمام
فساد العلاقة الزوجية قد يكون بسبب عجز أحد الزوجين عن احتواء الاخر، وقوة الرجل تكمن في احتوائه لامرأته، والمرأة ترفض الاحتواء المبني على إلغاء شخصيتها، فهي تحب الرجل القوي الذي يستخدم أسلوبه الناعم المغلف بالحنان لغزو قلبها وهنا تسلمه ماضيها وحاضرها ومستقبلها أيضاً، فالمرأة مهما حققت أحلامها وطموحاتها فهي بحاجة للاحتواء، فهو شعور عند الرجل والمرأة وتظل المرأة تبحث عن الرجل الذي يحتضنها بنظراته، ويغلفها بمظلة حمايته إلى الأبد، وكذلك الرجل يبحث عن مشاعرالإحتواء و الحب والاهتمام به.
• الندية والأنانية
التعامل طوال الوقت بتحدٍ وندّية بين الزوجين يعجل بفساد العلاقة الزوجية فتتحول العلاقة لمشاحنات لا تتوقف، ولابد لطرف فيها أن ينتصر على الآخر، أو بمعنى آخر يجعلها دائمًا على صفيح ساخن لاختلاق المشكلات التي لا تنتهي.
• المقارنات
المقارنات بكل صورها وأشكالها، والتي قد تحول حياتك لحياة بائسة وتعيسة وتجعلك غير راضٍ عن حياتك وعلاقتك الزوجية، ومقارنة الحالة الاجتماعية والمظهر والأولاد، والتطلع إلى ما في أيدي الآخرين كما أنها تجعلك تقع في فخ الغيرة والحسد، والمقارنة مع علاقات زوجية أخرى بدافع الغيرة والضيق، أو حتى المقارنة بدافع السخرية والتنمر، سواء كانت من الزوج أو الزوجة.
• سماع نصيحة من لا خبرة له
وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يفعل ذلك، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم "لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا" أي أفسد أخلاقها على زوجها، وقد تكون النصيحة مثيرة للفتن والمشاكل حينما تكون مفروضة على الآخرين وغير منطقية أو من أجل إظهار النرجسية والأنا لدى الناصح، ولا تذهبي لطلب نصيحة عن الزواج من صديقتكِ غير المتزوجة أو غير الموفقة في حياتها الزوجية والعكس، ولكن اطلبا النصيحة والمشورة من أهل الخبرة والعلم.
• عدم التسامح والمغفرة
جميع النساء لا ينسون أي مشكلات أو أفعال ماضية، حتى ولو صغيرة وهو من أهم فساد العلاقة الزوجية حيث تظل الزوجة تذكر عيوب الماضي البعيد حتى لو اعتذر الزوج وأقر بخطئه ومع ذلك فالزوجة تظل تذكره بالماضي الأليم وتعيده بإستمرار، مما يخلق جواً من التعاسة والحزن، كما يرى البعض أن التسامح معناه تقبُّل الإهانة، ونسيان الأمر تمامًا والتعوُّد على هذا الفعل، فيجعلهم عاجزين عن النظر إلى حاضرهم ويَنشغِلون بماضيهم، وتمر السنوات في نكد ومشاحنات.