أعلنت وسائل إعلام عربية، مساء أمس الأربعاء، عن مقتل والي غرب إقليم دارفور خميس عبد الله أبكر، بمدينة الجنينة غرب السودان، بعد اعتقاله من قبل قوات الدعم السريع واقتياده إلى جهة مجهولة.
ومن جانبه، أدان رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الحادث، بالقول: "أدين مقتل وتصفية والي غرب دارفور على يد مليشيا الدعم السريع المتمردة"، وفق تعبيره.
من جهتها، أعلنت مصادر من الدعم السريع أنّها تدين مقتل والي غرب دارفور والذي وصفته بـ"الحادث"، مضيفة أن مقتل والي غرب دارفور جاء في إطار الصراع القبلي، كما اتهمت الجيش بالمسؤولية عن مقتل أبكر لأنه يسلح أحد طرفي النزاع، على حد قولها.
وزعم مستشار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في تصريحات تليفزيونية له مساء أمس، أن متفلتين في الجنينة وراء مقتل والي غرب دارفور
وحسب شهود عيان ونقابة الأطباء السودانية، جاءت أنباء مقتل أبكر بعد أيام من اشتداد الاشتباكات المسلحة في مدينة الجنينة (مركز ولاية غرب دارفور)، بعدما تحولت المدينة "إلى ما يشبه مدينة أشباح جراء القتال المتواصل".
يشار إلى أن الاشتباكات المسلحة في السودان، دخلت شهرها الثالث، حيث اتسعت المواجهات في مختلف أنحاء البلاد، وأفاد مصدر طبي بوقوع عدد من القتلى والجرحى جراء قصف استهدف منطقة حي النهضة بضاحية الإنقاذ (جنوبي الخرطوم).
ومن جانبه، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالأمسعن قلقه من الوضع في إقليم دارفور بغرب السودان، وأعمال العنف التي تتخذ "بعدًا عرقيًا متزايدًا"، فيما حذرت نقابة أطباء السودان من الوضع المأساوي في الإقليم الذي امتدت إليه شرارة النزاع الدامي منذ شهرين.
ومنذ انطلاق الصراع بين القوتين العسكريتين في منتصف إبريل الماضي، تصاعدت المخاوف من تفجر الوضع في دارفور، ولاسيما أن الإقليم شهد خلال السنوات الماضية، اشتباكات قبلية متقطعة.
ويزخر إقليم دارفور الشاسع الذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبًا، بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى فضلاً عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن.
واندلع الصراع فيه عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت في حينه بامتطاء الخيل، وأدت أعمال العنف لمقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد الملايين. وعلى الرغم من اتفاقيات السلام العديدة، فلا يزال التوتر مستمرًا منذ ذلك الوقت، كالجمر تحت الرماد، ينتظر شرارة لإيقاظه.
وتصاعد العنف بالفعل خلال العامين الماضيين بشكل متقطع قبل أن يهدأ نسبيًا، ليعود إلى الاشتعال ثانية إثر النزاع الذي اندلع بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل أسابيع.
وأجج هذا الاقتتال الذي تفجر بين الجانبين منتصف إبريل الماضي، المخاوف من أن ينزلق هذا الإقليم مجددًا في أتون حرب أهلية وقبلية.
ويترأس أبكر "التحالف السوداني"؛ إحدى الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 2020، سعياً إلى وضع حد للنزاع في الإقليم امتد زهاء عقدين.
وجاء مقتل أبكر بعد ساعات من تصريحات أدلى لقناة تلفزيونية، واتهم فيها قوات الدعم السريع بـ"تدمير" مدينة الجنينة.
وقال خلال اتصال هاتفي وأزيز الرصاص يسمع قربه: "الآن أنا أتكلم معكم والهجوم مستمر"، متهما قوات الدعم بإطلاق قذائف "على رؤوس المواطنين" في الجنينة حيث كان موجوداً.
وأضاف أنّ "المدنيين يقتلون بشكل عشوائي وبأعداد كبيرة في الولاية، وأن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها استهدفت مناطق الجنينة التي يعيش فيها أفراد من قبيلة المساليت، فإن هذه الهجمات امتدت الآن إلى المدينة بأكملها".
كما وصف أبكر ولايته بأنها "منكوبة"، مضيفا: "اليوم الجنينة مستباحة كلها... كلها، كلها دمرت"، داعياً إلى التدخل الدولي فيما وصفه بالإبادة الجماعية.