في الوقت الذي يعبر فيه المعارضين لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، ويحذر مسؤولين أمنيين والمحللين العسكريين من احتمال قرب التوصل لتفاهمات بين ايران والولايات المتحدة الامريكية، حول البرنامج النووي الايراني.
واتهام نتنياهو بانه المسؤول عن تخريب العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، وما يمثل ذلك من اخطار استراتيجية على إسرائيل، والادعاء انه لم يعد هناك أي رافعة لإسرائيل للضغط على الرئيس الامريكي جو بايدن وادارته حول التقدم في التفاهمات. وذلك بسبب العلاقة الباردة بين إدارة بايدن وإدارة نتنياهو والقطيعة على مستوى القيادة التي تؤثر بشكل أكبر على قدرة إسرائيل في التأثير على الاتفاقية وإبراز المصالح الإسرائيلية. وأنه في الوضع الراهن، إسرائيل غير مؤثرة على الاتفاقية التي تتم صياغتها ووضع بنودها.
وبينما النظام السياسي في إسرائيل منشغل في الازمة السياسية الداخلية، تجري تحولات في البيئة الاستراتيجية وتطورات مهمة في اهم الموضوعات التي حددها نتنياهو لنفسه ولمصلحة إسرائيل وأنها الأهم: وهما الموضوع الإيراني والتطبيع مع السعودية.
وما يجري من تحولات وانفراجات في المنطقة العربية، واعتبار ذلك فشل لسياسة إسرائيل الخارجية في المنطقة العربية، والتطورات وتوطيد العلاقات السعودية الايرانية، وكذلك عودة سوريا لجامعة الدول العربية ودعوة الرئيس بشار الأسد لزيارة الرياض بعد عقد من الزمان، بعد أن استثمرت نحو 6 مليارات دولار في "خطة بندر" للقضاء على نظام الأسد ودعم المعارضة. وعودة السفير المصري إلى دمشق. والتطور في العلاقة بين وإيران ومصر، اللتان تدرسان رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية.
وأن وزير الخارجية الامريكي انطوني بلينكين الذي زار السعودية لم يقوم بزيارة إسرائيل. وان الادارة الامريكية لم تدعو نتنياهو إلى زيارة واشنطن، ووزير الدفاع الأمريكي اوستن التقي وزير الامن الإسرائيلي يؤاف جالانت في السفارة الأمريكية في العاصمة البلجيكية.
ومع تسارع الاخبار عن قرب التوصل لاتفاق والقلق في إسرائيل والخشية من رفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على ايران، واعادة الأصول الإيرانية المجمدة والبالغة نحو 20 مليار دولار. والمتوقّع الإفراج عنها في المرحلة الأولى مقابل تجميد تخصيب اليورانيوم، وان تحرير هذه المبالغ ستؤدي إلى تحرير ميزانيات إيرانية إضافية لتمويل السلاح والوسائل القتالية لحزب الله وحماس والمنظّمات الأخرى في المنطقة.
وفي ظل هذه الإدعاءات الاسرائيلية، وكأن أمريكا تخلت عن إسرائيل البنت المدللة لأمريكا التي تحاول منذ فترة وتمارس ضغوط على السعودية لتطبيع العلاقة مع إسرائيل من خلال عقد صفقة، والمقولة التي يرددها بعض المحللين الاسرائيليين أن (الطريق من القدس الى الرياض يمر عبر واشنطن).
وأن قائمة المطالب السعودية الطموحة، من أمريكا تقديم ضمانات أمنية للسعودية ضد تهديدات إيران، واتفاقية تجارة حرة، وأسلحة متطورة وبيعها طائرات(F-35) بدون قيود، والمساعدة في برنامج نووي مدني ضمن المعايير المعتمدة لإيران.
بالإضافة إلى ذلك، من أجل تعزيز التطبيع مع إسرائيل، ضرورة احداث تقدماً سياسياً على الساحة الفلسطينية.
هناك مصالح للولايات المتحدة، وهي مهتمة بانخفاض أسعار النفط، وايضا الاستعداد لعام الانتخابات، وأيضا تهدئة حماس المملكة العربية السعودية ودول الخليج في العلاقة مع الصين وتدخلها المتزايد في المنطقة.
إسرائيل ليست بحاجة إلى نفوذ في الكونجرس، لضمان عرقلة التفاهمات المحتملة بين ايران والولايات المتحدة الأكثر التزاماً بأن تبقى اسرائيل متفوقة على جاراتها، بفضل الاتفاق معها فهي تمتلك افضل الاسلحة الجوية في العالم، ولديها (القبة الحديدية) ونظام حيتس الدفاعي، والحماية والدعم السياسي والمالي غير المحدود ويقدر سنوياً بنحو 4 مليارات دولار، وغيرها من المساعدات، ولديها تخمة من الأسلحة المتطورة التي تمكنها من البقاء متفوقة في محيطها.
والتفاهمات المحتملة هي جزء من القرار الأميركي بالالتزام ببقاء اسرائيل وامنها، وازدهارها هو بفضل أمريكا والاجهزة والوسائل التي توفرها لإسرائيل، وتمكنها من العيش في منطقة لم تكن في أي يوم من الايام لها.
تعود الاسرائيليين أن الالتزام الامريكي أمر مفروغ منه، وأنه ليس من حق أي دولة بالتسلح العسكري والنووي، وأن هذا حق حصري لها، حتى المطلب السعودي بالتسلح العسكري النوعي والنووي المدني اضافة للايراني، قد ينهي التفوق الاسرائيلي في الشرق الاوسط.
لذا هي تعتبر الانفراجات في المنطقة العربية، تهديد استراتيجي لها وتفوقها النوعي، وأن المطالب السعودية ليس من حقها الحصول علي الصواريخ الجديدة، والطائرات والاسلحة النوعية، هي وغيرها من الدول العربية. فهذا يعتبر تهديد لمكانة اسرائيل الاقليمية الخاصة والتي عملت على تثبيتها خلال عقود.
وسواء نجحت الانفراجات او لم تنجح في المنطقة العربية، ستظل إسرائيل بحاجة اكثر من أي وقت للمساعدة الأميركية الشاملة، من أجل الدفاع بقائها، وهي غير مستعدة لتقديم تنازلات للسعودية تتعلق بجوهر الأمن القومي الإسرائيلي، والانتشار النووي في المنطقة العربية.
إضافة إلى التنكر للحقوق الفلسطينية، وسواء كانت الحكومة اليمينية الكاملة الحالية، أو غيرها من الحكومات اللاحقة، وتقديم أي تنازلات من أجل خاطر السعودية، بشأن القضية الفلسطينية.
تدرك إسرائيل خطورة التغيير في الواقع الاستراتيجي، وانها بدون الولايات المتحدة لا تستطع الاستمرار بتفوقها النوعي.
هل سينتج عن الانفراجات في المنطقة العربية احداث تغيرات استراتيجية، وفهم امريكا واستمرار ضمان تفوق إسرائيل النوعي، وطبيعتها العدوانية الاستعمارية التي تبحث عن مصالحها على حساب المصالح العربية، والمضي قدما في المصالحات العربية؟