الارشيف الاسرائيلي

هارتس : منظمة "ليحي" اتصلت بالنازيين لعقد تحالف معهم

حجم الخط

بقلم: عوفر أديرت

- يعقوب مريدور، رئيس "الإيتسل" سابقاً: "بدأنا علاقتنا مع ألمانيا وخسرنا"
- مناحيم بيرغر، ناشط "ليحي": كان إسحق شامير من الداعين للاتصال بـ "دول المحور"

في العام 1942 قام رجال "الهاغاناة" باختطاف ناشط من منظمة "ليحي" السرية، أفرايم زتلر، خارج بيت والده في كفار سابا. "قاموا بنقله مدة ساعة، وفي غضون ذلك غطوا عينيه وكبلوا رجليه"، قال والده في وقت لاحق. "في منتصف الطريق تم تغيير السيارة. ونقل بعد ذلك إلى بيارة، وتم إدخاله إلى بيت تعبئة. هناك جعلوه يجلس على صناديق فارغة وعيناه معصوبتان".
خلال عشرين يوماً تم التحقيق مع زتلر (19 سنة) حول نشاطه في التنظيم السري المتطرف الذي كان يترأسه أبراهام "يئير" شتيرن، الذي قتل في السنة ذاتها على يد البريطانيين. محاضر التحقيق معه، التي تم الكشف عنها، الشهر الماضي، من أرشيف الدولة تشمل معلومات عن فصل مظلم، وصم التنظيم السري إلى الأبد: علاقاته مع ألمانيا النازية.
"سنتصل عسكرياً مع أي دولة عظمى مستعدة للمساعدة في إقامة مملكة إسرائيل، حتى لو كانت ألمانيا"، قال زتلر للمحققين معه المندهشين. "الشرط هو الحصول على السلاح، وأن نقوم بأعمال الشغب ضد البريطانيين. وإذا وافقت ألمانيا على مساعدتنا في القتال ضد العدو رقم واحد، البريطانيين، فسننضم إليها"، قال. "هي ليست عدوة اليهود في أرض إسرائيل"، وصف ألمانيا، وقال إنهم سيتعاونون معها إذا ساعدت التنظيم السري في "الحصول على هذه البلاد. نحن مضطرون لمحاربة البريطانيين. أؤمن بأن هذه هي الطريقة الصحيحة، فبريطانيا هي عدوتنا"، أضاف.
قيلت هذه الأقوال بعد أُسبوعين على مؤتمر فانزا في برلين، الذي ناقش فيه موظفون نازيون تطبيق الحل النهائي.
أيضاً بعد مرور 81 سنة يصعب فهم كيف أن اليهود في "أرض إسرائيل" خطر ببالهم أنه يمكنهم ضم ألمانيا النازية للنضال من أجل تحرير الوطن من نير الاحتلال البريطاني.
هذه الفكرة طرحها قبل سنتين تقريباً شتيرن، رئيس "ليحي"، الذي أيد المقاومة العنيفة لحكم بريطانيا.
كان هذا الموقف يعارض موقف معظم الاستيطان اليهودي في البلاد، الذي تنازل عن محاربة البريطانيين لصالح النضال المشترك ضد الألمان. "طريق مشروعة نهايتها الفشل هي طريق مرفوضة؛ في حين أن طريقاً معيبة نهايتها الانتصار هي طريق مشروعة تماماً"، أوضح شتيرن.

علاقة تحالف مع الرايخ الألماني
في نهاية العام 1940، التقى مبعوث "ليحي" في بيروت مع ممثل وزارة الخارجية الألمانية. شملت الوثيقة التي قدمها له اقتراح تعاون بين التنظيم السري والنازيين. ومن بين أمور أخرى كتب فيها عن "مشاركة فعالة" لـ "ليحي" في "الحرب إلى جانب ألمانيا" من خلال "المصالح المشتركة" بين "رؤية ألمانيا والطموحات القومية الحقيقية للشعب اليهودي".
وكتب في الوثيقة أن "إقامة الدولة اليهودية التاريخية على أساس قومي شمولي، والتي ترتبط بتحالف مع الرايخ الألماني، تتساوق مع موضوع الحفاظ على مواقع القوة الألمانية.
لم يكلف النازيون أنفسهم عناء الرد على هذا الاقتراح. في تلك الفترة فضلوا العلاقة الوثيقة مع الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس، الذي هرب من البريطانيين، وحاول ضم العرب لمساعدة النازيين على أمل أن يساعده هتلر على اجتثاث حكم بريطانيا في البلاد.
اهتمت "الهاغاناة" في المقابل، جداً بمحاولة التقارب بين "ليحي" والنازيين.
اثنان من الملفات في أرشيف "الهاغاناة" بعنوان "علاقة إيتسل وليحي مع دول المحور" (في الحرب العالمية الثانية) تم الكشف عنهما، الشهر الماضي، من أرشيف الدولة.
"ألم يكن يهمهم أن كل الاستيطان اليهودي، خارج العصابتين، يعارض طريقهما"، هكذا وبخ محققو "الهاغاناة" زتلر، ناشط "ليحي" المخطوف. "هل أراد الاستيطان اليهودي في فترة ما معرفة نظريتنا؟ كان من السهل عليه القول إننا قتلة"، أجاب زتلر، وبعد ذلك اعترف بأنه اعتبر "يئير شتيرن" نبياً.
كان أفرايم زتلر الأخ الأصغر ليهوشع، من الضباط التنفيذيين الكبار في "ليحي".
بعد تحقيق "الهاغاناة" معه تم إطلاق سراحه. وبعد ذلك اعتقله البريطانيون وتم طرده إلى معسكرات الاعتقال في السودان وأريتريا وكينيا. بعد إقامة الدولة عاد إلى البلاد وتجند في الجيش الإسرائيلي وشارك في معارك "حرب الاستقلال". في العام 1950 قتل في انفجار لغم.
قريباً من موعد التحقيق معه في "الهاغاناة" تم التحقيق أيضاً مع ناشط التنظيم السري، يعقوب هرشمان، الذي تم اختطافه أيضاً من قبل "الهاغاناة" وتم التحقيق معه في بيارة في الشارون.
أحد الأسئلة التي طرحت عليه تناول مبادئ "ليحي" الأساسية، التي سمعها من شتيرن. "شعب، أرض، وطن، وحلفاء"، قال. أراد المحقق معرفة ما هو المقصود بـ "حلفاء".
أجاب هرشمان: "جهات أجنبية مستعدة لمساعدتنا في حل مسألة اليهود في أرض إسرائيل بالقوة".
وعندما طلب منه الشرح قال: "هدف التنظيم هو الوصول إلى الحكم، الحكم يوجد في يد بريطانيا... من يستطيع أن يكون مهتماً بأن لا توجد بريطانيا هنا بالتأكيد؟". وبعد ذلك أورد بالتفصيل قائمة الجهات التي يمكن أن تتجند لهذه المهمة، من بينها دول المحور".
في هذه المرحلة سأل المحقق هرشمان: أليس تفسير هذا الأمر وكأن شتيرن قام بإعدادكم من أجل تولي مهمة الكفسلينغ، أي العملاء، (هكذا في الأصل) في أرض إسرائيل؟.
فيدكون كفسلينغ كان رئيس حكومة النرويج التي تعاونت مع النازيين، وتحول اسمه إلى مرادف لكلمة خائن. أجاب هرشمان: "ربما". صمم المحقق: كيف تفسر بأنهم وافقوا على هذه الأيديولوجيا. من الصعب فهم ذلك. شخص يعد اليهود الصهاينة لدخول العدو رقم واحد للشعب اليهودي ويتصل مع هذا العدو ويحصل منه على الحكم؟". أجاب هرشمان: "هم شباب مخلصون لفكرة يعتبرونها صحيحة. السيطرة على الحكم كأسلوب لحل مسألة اليهود بصورة يعتقدون أنها صحيحة، بالقوة... غير مهم بأي وسيلة يستخدمون القوة".

لا نرى شراً في العلاقة مع دول المحور
شخص تم التحقيق معه من قبل "الهاغاناة"، وهو يعقوب بولياكوف، وهو من مؤسسي "الليحي" ومن القادة الكبار فيها، أبلغ المحققين معه عن لقاء أجراه مع شتيرن. "تحدث شتيرن معنا حول هذه العلاقة... هو أراد التلمس... وقد عبر لنا عن رأي يقول إنه يجدر الاتصال في ظل ظروف معينة مع دول أجنبية كي تعطي الأموال والسلاح لليهود"، قال.
حسب أقواله فإن شتيرن أيضا "أعطى مثالاً من الحرب السابقة" (الحرب العالمية الأولى)، وقال إن "اليهود حاربوا من أجل بريطانيا، وفي الوقت ذاته شخص ما أجرى مفاوضات مع ألمانيا في حالة انتصارها".
اقتبس بولياكوف من اللقاء مع شتيرن وقال: "نحن حاصرناه بالأسئلة: إذا كانت هناك دول تالية لهذا فهي ألمانيا وإيطاليا، وهي تضطهد اليهود. فأجاب بأنه ليست هناك أحاسيس في الحرب. من يعطي المال والسلاح يجب عليك العمل معه. معظم اليهود يعملون مع البريطانيين فلماذا لا نعقد صفقة مع دولة هي عدوة بريطانيا، وفي حالة انتصارها سيكون هذا جيداً؟".
وأضاف بولياكوف إنهم أيضاً في "الإيتسل" انشغلوا بفكرة التعاون مع ألمانيا النازية.
وقال إن يعقوب مريدور، الذي ترأس "الإيتسل" لسنتين، 1941 – 1943، وبعد ذلك أصبح عضواً في الكنيست ووزيراً من "الليكود"، قال: "نحن أنفسنا جربنا وبدأنا علاقتنا مع ألمانيا وخسرنا. لا نرى أي شر في الاتصال مع دول المحور. وإذا أدى بنا هذا إلى الاستقلال فنحن مستعدون للاتصال مع الشيطان نفسه".
توجه بولياكوف في هذا السياق للمحققين معه في الهاغاناة وقال إنهم أيضاً في قيادة الإيتسل "غازلوا دول المحور".
ليس فقط النازيون هم الذين كانوا هدفاً لتعاون رجال اليمين في البلاد في الحرب العالمية الثانية. فقد كُشفت وثيقة، مؤخراً، من ملفات "الهاغاناة" شملت عنوان "عن توجه إيطاليا". "شخص واحد تم إبلاغه من قبل معارفه في الحزب التنقيحي، بأنه داخل الحزب يوجد تيار يطالب بتعزيز العلاقات مع إيطاليا؛ لأن انتصار الفاشية مؤكد، وأنه يجب الإعداد مسبقاً لإمكانية التعاون مع إيطاليا.
هم يفكرون في التمييز بين هتلر وموسيليني في هذا الشأن"، كتب في الوثيقة. الوثيقة غير الموقعة وغير المفصلة كتب فيها أيضاً أن رؤساء هذا التيار هم الشاعر، وبعد ذلك عضو الكنيست لـ "حيروت"، أوري تسفي غرينبرغ، وآبا احيمئير من رؤساء مفكري اليمين.
في هذه الوثيقة كتب أيضاً بأن تسفي مارسا، رجل الأموال لـ "ليحي"، قال في حفل خاص: "لن يكون فظيعاً إذا قام الإيطاليون بغزو البلاد. سيكون بالإمكان التوصل معهم إلى تفاهمات".
شخص آخر حققت معه "الهاغاناة" هو ناشط "ليحي"، مناحيم بيرغر، الذي أصبح بعد ذلك رئيس نقابة المحامين. في التحقيق معه قال إن "عدداً من الأصدقاء" تحدثوا "عن الاتصالات مع دول المحور"، من بينهم شتيرن نفسه وإسحق شامير، الذي كان في حينه أحد نشطاء ليحي، وبعد ذلك أصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية. مع ذلك حسب قوله فإنه عندما اهتم بهذا الموضوع ردوا عليه: "هذا ليس إلا محاولة لإقامة علاقة لم تنجح".

عن "هآرتس"