سلّط الإعلام العبري، اليوم الأربعاء 21 يونيو 2023، الضوء على عملية إطلاق النار التي وقعت عصر أمس الثلاثاء، قرب مستوطنة "عيلي" على الطريق الواصل بين رام الله ونابلس، أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين، وإصابة آخرين، واستشهاد المنفذين.
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم، تقريبًا أعده مراسلها العسكري يوسي يهوشع، مشيرًا إلى أن هجوم الأمس يتطلب التركيز على جبهة الضفة الغربية وفهم مدى التعقيدات هناك، وليس الاكتفاء بالتركيز على القضية الإيرانية.
وأوضح أن هذا هو ثاني أسوأ هجوم منذ بداية العام الجاري بعد أن كان قتل 7 إسرائيليين في عملية إطلاق نار بالقدس المحتلة بداية يناير الماضي، ليرفع عدد القتلى منذ ذلك الحين إلى 28 مقارنةً بـ 20 في نفس الفترة من العام الماضي، كما أن عدد التحذيرات بشأن مزيد من الهجمات مرتفع أيضًا مقارنةً بالعام الماضي.
وقال: "على الرغم من أن الأرقام لا زالت لا تذكر بأيام الانتفاضة الثانية، لكن من الواضح أن الخلايا المسلحة تعمل بثقة متزايدة في النفس وجرأة أكبر، وهذا ما ظهر في جنين أول أمس، وفي رد حماس بالهجوم الذي وقع أمس عند مستوطنة عيلي، في عملية مخطط لها، وليس كما كان قبل من خلال عمليات تنفذ بشكل فردي أو مجموعات صغيرة مثل "عرين الأسود".
وأشار إلى أن ما جرى بالأمس مجرد دعوة للاستيقاظ، ويجب أن لا يفاجئ رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير جشيه يؤاف غالانت، خاصة وأنه مضى وقت طويل منذ أن قدم الجيش إلى المستوى السياسي تقييمه حول الوضع بالضفة الغربية.
وأضاف التقرير بالقول: "تلزم هذه التطورات إسرائيل بإجراء تقييم متجدد للوضع في السياسة المتبعة بشكل خاص تجاه حماس في غزة، خاصة وأن يحيى السنوار ومحمد الضيف يغذيان "الإرهاب" في الضفة الغربية، ويتمتعان بالهدوء في غزة، في ظل ثروة من التنازلات الإسرائيلية التي تقدم لهم.
وأشار إلى أنه تم عرض هذا التقييم على المستوى السياسي، لكن هذا لا يعفي الجيش والشاباك الداعمين الرئيسيين لخطة شراء الهدوء بغزة، من المسؤولية عن الوضع الحالي، متطرقا إلى المطالبات بتنفيذ عملية عسكرية واسعة شمال الضفة الغربية.
وبيّن أن ما يتوفر من خطط في قيادة الجيش تتعلق بعملية محدودة وقصيرة وفي منطقة محدودة، ولا يمكن أن تكون هناك عملية "سور واقي2"، ويجب أن ينسى مثل هذا الخيار، كما أن الجيش والشاباك مقتنعون بأني منفذي الهجمات يتواجدون فقط في مخيمات نابلس وجنين، بينما 3 ملايين فلسطيني لا يهتمون بالحرب، بل يسعون لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. على حد قوله.
ولفت إلى أن نتنياهو وغالانت يتفقان مع المستوى العسكري على عدم تنفيذ عملية واسعة النطاق، مشيرًا إلى أن هناك ضغوطًا أميركية تمارس لتفادي مثل هذه الخطوة، وهناك جهود تبذل لمحاولة إيجاد حل مؤقت يساعد على شراء السلام وتهدئة المنطقة، من خلال حلول اقتصاية مثل زيادة عدد دخول العمال إلى إسرائيل، لكن ليس من المؤكد أن هذا سيكون كافيًا ويلبي الاحتياجات اللازمة من أجل استعادة الأمن.
وأشار إلى أن تركيز جيش الاحتلال سيكون في الوقت الحالي على مزيد من الاعتقالات ونشر مزيد من القوات، والحصول على معلومات استخباراتية أكثر مما هي عليه اليوم، لإحباط مزيد من الهجمات ومنع محاولة إلحاق الضرر بالقوات التي تقتحم جنين ونابلس من خلال استخدام العبوات الناسفة كما جرى أول أمس.
وأورد التقرير العبري: "في النهاية، يعود كل شيء إلى ما يقوله الجيش مرارًا وتكرارًا، والمستوى السياسي لم يعد بإمكانه غض الطرف عن تفكك السلطة الفلسطينية، التي أصبحت أضعف من أي وقت مضى، والنبأ السيئ هو أن نهاية حكم أبو مازن تقترب، وعلى الجانب الإسرائيلي أن يستعد لذلك.
كما نشرت الصحيفة، أن الاجتماع الذي عقده نتنياهو أمس مع كبار الوزراء والضباط، واستثنى منه وزير الأمن القومي المتطرف إيتامار بن غفير، بحث جميع الخيارات بما في ذلك عملية واسعة النطاق في جنين، لكن يبدو أن هذا الخيار لن يكون قريبًا بسبب رغبة نتنياهو وغالانت في عدم التحرك من باب رد الفعل، وقبل كل شيء للحفاظ على عنصر المفاجأة.
ونقلًا عن مسؤولين كبار في حكومة الاحتلال، قالوا: "كل شيء سيكون في الزمان والمكان المناسبين وبالوقت الذي نختاره"، وردًا على تصريحات بن غفير من مكان الهجوم الذي طالب بتنفيذ عملية واسعة وقصف المباني بالضفة جوًا، قالت ذات المصادر: "هناك اعتبارات سياسية دولية هنا وهناك، أيضًا هناك مغزى لعنصر المفاجأة".
وردًا على تصريحات المتطرف بن غفير، أضافت المصادر في الحكومة: "مثلما لم يستمعوا إليه حول غزة، لن يستمعوا إليه فيما يجري بالضفة .. نحن نعمل لاعتبارات مهنية وذات صلة فقط، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة".
ونوهت الصحيفة العبرية، إلى أن المستوى السياسي يواجه معضلة تتعلق بأنه يصل إلى التصعيد في وقت يكون مستوى الشرعية الدولية لأي عمل عسكري واسع منخفضًا جدًا، ويتوقع أن أي عملية واسعة تعرض المدنيين الفلسطينيين للأذى وفي ظل سياسة البناء في المستوطنات، ستواجه انتقادات شديدة في العالم.
وبينت: "في المقابل ينفذ صبر شركاء نتنياهو في الائتلاف، وخاصة بن غفير، وسموتريتش، وكذلك داخل الليكود، خاصة وأن هذه حكومة يمينية كاملة وإحدى وعودها الأساسية إعادة الحكم والأمن الشخصي للإسرائيليين، فيما يتوقع الجمهور الإسرائيلي ردًا حادًا بشكل خاص عسكريًا واستيطانيًا".
كما أصدرت صحيفة "إسرائيل" اليوم" العبرية، تقريرًا أشارت إلى أن خيار تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق شمال الضفة الغربية قيد النظر منذ عدة أشهر، خاصة في ظل زيادة الهجمات الفلسطينية ومع وجود كمية جنونية من الأسلحة والعبوات الناسفة والتحريض على مزيد من الهجمات وغياب سيطرة السلطة الفلسطينية الأمر الذي أدى إلى حالة من الفوضى.
وبنيت الصحيفة: "كل هذه الأمور ستؤدي في نهاية المطاف إلى قيام الجيش الإسرائيلي بعملية واسعة النطاق في شمال الضفة، ويمكن أن يكون لهذه العملية محفزان: الأول، هجوم غير عادي كما جرى أمس، والثاني هو تراكم معلومات استخباراتية عالية الجودة ومركزة من شأنها أن تؤدي إلى إحداث ضرر منهجي عميق للبنية التحتية للخلايا المسلحة".
ولفتت إلى أن المستوى السياسي قد يعطي الضوء الأخضر لمثل هذه العملية في حال توفرت معلومات استخباراتية دقيقة لتنفيذ عملية واسعة وسريعة، مع فهم المخاطر أنه في حال عدم وجود مثل هذه المعلومات قد يؤدي إلى إطالة أمد العملية وقد تكون نتائجها غير كافة، وأن تتعرض لنقد دولي، وربما بضرر على الساحة الفلسطينية أمام التشابك الميداني ما بين غزة والضفة، وهذه أمور يجب أخذها بالحسبان مسبقًا، وعلى إسرائيل أن تبني شرعية دولية لمثل هذه العملية.
ورأت الصحيفة، أنه على "إسرائيل" أن تدرس آلية الرد على اللعبة المزدوجة التي تقودها حماس في الضفة الغربية بينما تحافظ على الهدوء بغزة، مشيرةً إلى أن "إسرائيل" هاجمت الجهاد الإسلامي في غزة لنفس الأسباب، ولذلك عليها أن تسأل نفسها كيف ستقوم بعمل تكتيكي ضد حماس حتى ولو كان على حساب تصعيد متجدد من الجنوب.
وقالت: هناك حاجة ماسة من أجل إعادة الأمن الفوري في الضفة الغربية، لكن التدهور الأمني في الأشهر الماضية في جميع الجبهات يظهر أن تراجع مستوى الردع في الضفةـ،يشجع على مزيد من الهجمات، وسيمنح جبهات أخرى ومنها حماس بغزة لقبول أي تحدي.
كما نشرت الصحيفة العبرية تقريرًا آخر، نوهت خلاله إلى أن قضية العملية الواسعة في الضفة مطروحة منذ أسابيع، لكن هناك خلافات بشأنها حتى داخل المؤسسة الأمنية حول ضروريتها وفعاليتها، بينما يرى البعض أنها مهمة وأنه في النهاية لا مفر منها لمنع وقوع مزيد من القتلى الإسرائيليين.
ونوهت إلى أن جيش الاحتلال يفحص فيما إذا كان الهجوم نفذ أمس بتوجيه من قيادة حماس بغزة، لافتةً إلى أن المؤسسة الأمنية تناقش منذ فترة طويلة فيما إذا كان سيتم الرد على لعبة حماس المزدوجة بتشجيع الهجمات بالضفة وشراء الهدوء بغزة.
كما نشر المراسل والمحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" العبرية عاموس هرئيل، تقريرًا، أشار خلاله إلى أن عملية أمس قد تسرع الاستعدادات لعملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية، وفي حال حدثت فإنها ستتعرض لضغوط سياسية دولية، مشيرةً إلى أن المؤسسة الأمنية تريد الاكتفاء بعملية محدودة من أجل الحصول على تهدئة مؤقتة في المنطقة.
وبينت الصحيفة، أن الهجمات الفلسطينية تتركز مؤخرًا على الطرق الاستيطانية وهي مناطق مفتوحة، ولا تجد الخلايا المسلحة أي صعوبة في تحديد أهدافها لتنفيذها، مشيرةً إلى أن منفذي عملية أمس أظهروا شجاعة أكبر واختاروا هدفًا كثيفًا وثابتًا لزيادة عدد القتلى.
وذكرت أن معظم العمليات التي نفذت هذا العام، نفذها فلسطينيون بشكل فردي أو ينتمون لخلايا محلية مثل عرين الأسود في نابلس، وكتيبة جنين، لكن هذه المجموعات تتلقى تمويلًا من حماس وأحيانًا حزب الله وإيران، ولكن هذه المرة الهجوم نفذ من قبل حماس نفسها.
واعتبر هرئيل، أن عملية أمس بمثابة نجاح تسجله حركة حماس في أعقاب أحداث جنين، وقد تؤدي العملية إلى محاولات لتقليدها، فيما سيزداد الضغط على الجيش الإسرائيلي لتقديم حلول واضحة لمواجهة هذه الهجمات، بعد أن أقنع سابقًا الحكومة الحالية والسابقة بأن عمليات الاعتقال وتكثيفها سيؤدي لمنع انتشار الهجمات، لكن في ضوء التوترات المتواصلة ربما يبحث عن حل آخر، قد يتمثل بعملية محدودة لقتل واعتقال وجمع الأسلحة، وما يأمله من ذلك هو فترة راحة مؤقتة.
وقال: "المزيج الحالي للظروف، بوجود حكومة يمينية متطرفة تعتمد على المستوطنين، وضعف السلطة الفلسطينية لا سيما في شمال الضفة الغربية، لا يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار .. يصبح الحفاظ على الاحتلال مهمة أكثر صعوبة ودموية بعد فترة طويلة، ومنذ نهاية الانتفاضة الثانية بدا فيها بشكل عام أن إسرائيل تستطيع الحفاظ على الوضع العام بأقل تكلفة"، مشيرًا إلى تصريحات سابقة لسموتريتش بهذا الصدد حول رغبته بتوطين مليون يهودي في الضفة وقلب حكم السلطة واستعادة السيطرة على الضفة بأكملها والتي قد لا تكون منفصلة عن هذا الواقع. كما يقول.
وتابع: "لنتنياهو اعتباراته الخاصة، وعلى رأسها الرغبة في التهرب من المحاكمة بوقف الإجراءات الجنائية ضده، لكن شركاؤه في اليمين لديهم حسابات أخرى، وكان الهدف من إضعاف النظام القضائي هو التمكن من توسيع المستوطنات وإدامة الاحتلال، وما يحدث في مناطق الخط الاخضر لا ينفصل عما يجري في الضفة، وهذان جانبان متكاملان لنفس الخطة الخطرة".
يذكر أن عملية إطلاق نار وقعت أمس الثلاثاء قرب مستوطنة عيلي نجم عنها مقتل 4 إسرائيليين وإصابة آخرين، فيما تم الإعلان لاحقا عن استشهاد اثنين من منفذي العملية ، التي جاءت بعد ساعات من شن عملية عسكرية في محافظة جنين .