قدّم مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، رسالة عاجلة لكل من رئيسة مجلس الأمن الدولي، مندوبة الإمارات الدائمة لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة، مطالبًا خلالها مجلس الأمن والأمين العام أنطونيو غوتيرش باتخاذ إجراءات فورية لمساءلة "إسرائيل" وميليشيات المستوطنين الإرهابية التابعة لها عن جرائمها بحق شعبنا الفلسطيني.
جاء ذلك، بناء على تعليمات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قائلًا في رسالته: "إن التصعيد الخطير للإرهاب والعنف الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني يجبرني على توجيه نداء عاجل آخر إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل بعد يوم واحد فقط من رسالتي الأخيرة إليكم".
وأضاف: "تقوم إسرائيل وقواتها العسكرية وميليشيات المستوطنين بإحراق القرى وترهيب المجتمعات وتهجير العائلات وسرقة الأراضي الفلسطينية، والاعتداء على المدنيين الفلسطينيين وقتلهم وجرحهم، بمن فيهم الأطفال".
وتابع: "على الرغم من أن العالم يشهد عدوانًا إجراميًا آخر ضد شعبنا، إلا أنه ما زال يفشل في توفير الحماية التي يحتاجها شعبنا بشدة ويستحقها وفقًا للقانون الدولي الإنساني، كأشخاص محميين تحت الاحتلال العسكري المتواصل من 56 عامًا".
واستكمل: "إنه أمر أكثر واضح: على الرغم من الإدانات والمطالبات التي لا حصر لها بالتوقف، فإن هذه الحملة الإرهابية المستمرة منذ عقود ضد الشعب الفلسطيني أصبحت أكثر ضراوة لأن المسؤولين والعسكريين والمستوطنين الإسرائيليين تجرأوا وأصبحوا يعتقدون أنه يمكنهم الاستمرار في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية دون عاقبة واحدة حيث تظل المساءلة غائبة".
وأشار منصور، إلى أنه "يتجلى هذا الإفلات من العقاب اليوم في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على ترمسعيا واللبن الشرقية وسنجل وبلدات وقرى أخرى في الضفة الغربية المحتلة"، منوهًا إلى أن المئات من المستوطنين الإسرائيليين، تحت أنظار وبدعم من قوات الاحتلال الإسرائيلي، هاجموا المدنيين الفلسطينيين، وأضرموا النار في المنازل والمركبات، متعمدين ارتكاب مثل هذا العنف كشكل من أشكال الانتقام وإرهاب جميع المواطنين.
ولفت إلى استشهاد الشاب عمر جبارة (أبو القطين) 25 عاما خلال هجوم المستوطنين الإسرائيليين على بلدة ترمسعيا، فيما أصيب عدد آخر من المواطنين المدنيين بجروح. كما أضطرت عائلة أخرى في جنين إلى دفن طفلتها، حيث استشهدت الطفلة سديل غسان نغنغية (15 عاما) متأثرة بإصابتها الحرجة في الرأس برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين في 19 حزيران/يونيو، موضحًا أن سديل أصيبت برصاصة في مقدمة رأسها، أطلقها جندي إسرائيلي مختبأ في مركبة عسكرية مصفحة أثناء توغلها بعيدًا عن منزل عائلتها في مخيم جنين للاجئين.
وأضاف: "ومع ذلك، لا توجد محاسبة، وما زالت إسرائيل غير مدرجة في قائمة منتهكي حقوق الطفل".
وأشار منصور إلى أن المشاهد في البلدات والقرى الفلسطينية التي تعرضت للهجوم اليوم تذكرنا بالهجوم الإرهابي على بلدة حوارة في شهر شباط الماضي والذي اعتبره حتى الإسرائيليون مذبحة، ولم تكن هناك أية مساءلة على الإطلاق. وبالتالي، جاء هجوم اليوم من قبل عصابات المستوطنين المتطرفين الذين أحرقوا ما لا يقل عن 30 منزلا و60 مركبة وارتكبوا أعمال عنف أخرى لا حصر لها".
وأكد منصور، على أن "الحقيقة هي أن إرهاب المستوطنين الإسرائيليين برعاية الدولة: يتم مساعدته وتشجيعه ودعمه ماليًا وسياسيًا ودبلوماسيًا، من قبل كل أركان الحكومة الإسرائيلية. علاوةً على ذلك، فإن هذا الإرهاب الذي ترعاه الدولة يتم التغاضي عنه بشكل علني، بل ويحتفل به من قبل المسؤولين الإسرائيليين، مضيفا أن "من بينهم من يدعون إلى مثل هذه الهجمات الانتقامية ويتفاخرون ويتابعون بشكل علني ودون اعتذار هيمنة إسرائيل وقهرها للشعب الفلسطيني وسرقة وضم الأراضي الفلسطينية بكل الوسائل والإجراءات".
وقال: "نتيجة لذلك، ما تزال حياة الفلسطينيين معرضة للخطر، ويصبح هذا الاحتلال الاستعماري غير الشرعي ونظام الفصل العنصري أكثر ترسخًا وخروجًا على القانون، مما يهدد مستقبل كلا الشعبين والمنطقة ككل، ويهدد السلم والأمن الدوليين".
وشدد منصور في رسالته أنه "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، وتفكيك نظام الفصل العنصري المقيت، فقط يمكن أن يضمن حماية الشعب الفلسطيني وإعمال حقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك العيش كشعب حر في وطنه".
وتابع إن "القيادة الفلسطينية تدين بأشد العبارات الممكنة كل هذه الجرائم البشعة بحق شعبنا، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والعمل على وجه السرعة لوقف هذا التصعيد الخطير وحماية الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "يقع على عاتق مجلس الأمن والأمين العام وجميع الجهات الدولية الفاعلة، واجب التصرف وفقًا للميثاق وجميع أحكام القانون الدولي الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك اتخاذ إجراءات فورية لمساءلة إسرائيل وميليشيات المستوطنين الإرهابية التابعة لها إلى أقصى حد يتيحه القانون، وهو أمر حاسم لفرض تكلفة ووقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ضد شعبنا في نهاية المطاف".
وأوضح أن هذه الرسالة تأتي متابعة لرسائلنا البالغ عددها 794 رسالة بشأن استمرار الظلم التاريخي ضد الشعب الفلسطيني والجرائم التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، التي تشكل أراضي دولة فلسطين.
واستكمل بالقول: "تشكّل هذه الرسائل المؤرخة من 29 أيلول/ سبتمبر 2000 (A/55/432-S/2000/921) إلى 20 حزيران/ يونيو 2023 (A/ES-10/942-S/2023/_) سجلاً أساسيًا للجرائم التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني منذ أيلول/ سبتمبر 2000.
وأكد منصور على أنه "يجب محاسبة إسرائيل على جميع جرائم الحرب وأعمال إرهاب الدولة والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، وتقديم الجناة إلى العدالة"، داعيا رئيسة مجلس الأمن الدولي إلى العمل على إتاحة هذه الرسالة لأعضاء مجلس الأمن للنظر الفوري والقيّم فيها، وتوزيعها أيضا كوثيقة رسمية من وثائق المجلس.
يذكر أن السفير منصور، سيعقد سلسلة اجتماعات مع المجموعة العربية ومكتب الأمين العام للأمم المتحدة ورئاسة الجمعية العامة، حيث من المتوقع أن يعقد مؤتمرا صحفيا بعد هذه المشاورات والاتصالات.