لقد نشرت مجلة الفورين أفيرز عبر دراسة لآربعة من اساتذة العلوم السياسية البارزين مايكل بارنيت وناثان براون ومارك لينش وشبلى تلحمى وتعتبر تحديا غير مسبوق للخطاب والمقاربة السياسية التي تتبناها الإدارة الأمريكية للرئيس بايدن ومن سبقها من الإدارات وهى مقاربة حل الدولتين. الدراسة او المقالة تحمل عنوان:واقع الدولة الواحدة في إسرائيل حان الوقت للتخلى عن جل الدولتين.
إبتداء وقبل تحليل مكونات هذه المقالة واهميتها وتداعياتها ومقارباتها أنها كتبت من قبل أربعة من أساتذة العلوم السياسية المرموقين وهذا يعطى لرأيهم وتحليلهم مصداقية كبيرة.وألأمر الثانى أن المقالة موجه للإدارة الأمريكية للتخلى عن خطابها بحل الدولتين والذى ثبت فشله ووهمه وموجه لإسرائيل وللفلسطينيين طرفا الصراع الرئيسيين وقد يكون للفلسطينيين اكثر حتى لا يعيشوا في وهم حل الدولتين ووهم السياسة الأمريكية .
والأمر الثالث يطرح الموضوع للنقاش رغم أنه ليست المرة ألأولى الذى يطرح فيه الموضوع كما سنرى في مقالة أخرى للدكتور مروان المعشر في مقالة له في نفس المجلة , وهذا يعنى لماذا لا تبادرمنظمات البحث والتفكر بتقديم الحلول والآليات لتحول الموضوع لمبادرة سلام. هذا والطرح ليس سهلا كما يبدو بل قد يواجه التحديات والمعيقات سواء من الجانب الإسرائيلي وقانون القومية اليهودية والتمسك بمفهموم إسرائيل دولة للشعب اليهودى فقط ,حتى الجانب الفلسطينى ما زال يتمسك بحل الدولتين على إعتبار ان الدولة تحقق الهوية الوطنية والمستقلة للشعب الفلسطيني.وهنا ابرز الوقائع والحقائق التي تؤكد على هذه المقاربة :أولا ان الدولة الواحدة قائمة تحت الحكم الإسرائيلى على جميع الأراضى الفلسطينية ، حتى غزة وليس كما يطرح إسرائيليا انها تشكل نواة دولة واحده خارج الحكم الإسرائيلى والأمر ذاته للسلطة الفلسطينية فالحقيقية أن إسرائيل تفرض دولة الأمر الواقع بالقوة.وثانيا ان سكان دولة الأمر الواقع الواحده والمتوازنون سكانيا ما يقارب ال8-6 مليون لليهود والفلسطينيين ما بين النهر والبحر.
وأن الفلسطينيين يخضعون لنظام فصل عنصرى في النهاية سيفرض حلا واحدا ، وهذه السياسة تتناقض مع ما تقوله إسرائيل عن ديموقراطيتها وليبراليتها وهى أساس دعم الغرب لها.حيث يتمتع اليهود بحقوق مواطنة كاملة قاصرة لهم فيما يخضع الفلسطينيون لقوانين وسياسات تقوم على التمايز وحرمانهم من حقوقهم السياسية المواطنية.وثالثا نفاذ كل فرص التسوية وفشل كل المفاوضات والفشل في قيام الدولة الفلسطينية التي كان يفترض ان تقوم مع نهاية 1999.
ورابعا اليوم تحكم إسرائيل من قبل إئتلاف يمينى متطرف ومتشدد يقوم على رفض فكرة الدولة الفلسطينية ، ويدعو لهجرة الفلسطينيين قسرا.
وخامسا حدو ث تطورات وتغيرات في الرأي العام على المستوى الأمريكى وألأوروبى وخصوصا لدى الأجيال الشابة تجاه مسالة الحقوق ونقد ما تقوم به إسرائيل من عنصرية وتنامى إهتمام الشباب اليهودى بالصراع الإسرائيلي الفلسطينيى وتزايد مخاوفهم من تداعيات السياسات العدائية.
وسادسا تحول الصراع إلى موضوع يتصل بالسياسة الداخلية الأمريكية وإلى حالة إستقطاب حزبى.
سابعا :تعذر إدماج إسرائيل عربيا بدون حل القضية والتوصل لسلام مع الفلسطينيين و لا مستقل للسلام العربى الإسرائيلي بدون إكتمال السلام في الجانب الفلسطيني.ويضاف إلى ذلك أن إسرائيل ينظر إليها على أنها أفضل إستثمار كما قال الرئيس بايدن بما تقدمه من 3 مليار دولا، وأن هذا الإستثمار رهن بحفاظ إسرائيل على الديموقراطية والقيم الليبرالية.وان هذا الإستثمار يتعرض لتراجع بالتغيرات والتحولات التي تطرا على السياسة الإسرائيلية وأبرزها كما نرى ما يسمى بالإصلاحات القضائية.والخلاصة ان إسرائيل اليوم ليست دولة ديموقراطية وفلسطين ليست دولة قيد التشكل.ويبقى ان هذا الخيار والذى تدفع به إسرائيل بما تمارسه تفرضه من وقائع على ألأرض ويتوقف على الرؤية الفلسطينية والمقاربة التي يتم تبنيها ، فهذه المقاربة أساسها الحقوق وكشف الطابع العنصرى الذى تمارسه إسرائيل وزيادة الضغوطات الدولية التى ستضع إسرائيل امام حقيقة الدولة الواحده التي تقوم على مبدا الحقوق والمواطنه.
هذه المقاربة تحتاج إلى نضال فلسطينى سلمى وشامل يبرز الجانب العنصرى الذى تمارسه إسرائيل على شعب كامل .والتمسك بالشرعية الدولية وتفعيل دور العوامل الداخلية في إسرائيل التي ترفض التوجهات اليمينية المتشددة وجعل القضية الفلسطينية قضية إهتمام وإنتخابات داخلية في الولايات المتحده والغرب.وهنا نعيدالتذكير بالنموذج الجنوب الأفريقي وكيف نجح نيلسون ما نديلا بتحويل القضية إلى قضية حقوق وتمايز عنصرى وهذا يتعارض مع القيم الليبرالية التى تسودها.ولعل أهم المعيقات والتحديات امام هذه المقاربة القومية اليهودية والتي تبرز معالمها بالكثير من القوانين والسياسات وأبرزها قانون القومية اليهودية وهذا القومية ترفض اى شكل من اشكال الإندماج.
والمعيق الثانى فلسطينيا والتمسك بالهوية القومية والتي تعبر عن نفسها من خلال مقاربة الدولة .فى ظل ه1ه المعيقات يصبح الطرح أقرب للمثالية , ولا يبدو في الأفق كما حل الدولتين ومن هنا البحث عن الحلول البديلة وأبرزها مقاربة الحقوق،والمقاربة الاقتصادية التي تطرح كما في مبادرة الرئيس ترامب السابقة. نحن أمام نموذجا مركبا يفوق قدرات أطرافه وكما نشأت القضية بفعل دولى تجتاج أيضا إلى فعل وإرادة دولية قويه. .