عام يذهب واخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوء يا وطني، كما قال الشاعر الراحل محموددرويش، والتباس المفاهيم والبؤس والسوء، ومن الذي يمثله وأوصل الفلسطينيين إلى هذهالحالة. ويتجلى السوء والبؤس في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاستجدائي منعلى منبر الامم المتحدة في ذكرى النكبة.
خطاب البائس والمطالبة بحماية الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال الاسرائيلي،وارهاب المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ليس بهذه الطريقة.
والقول: "إحمونا، عم ناكل أتل كل يوم وبنندبح كل يوم وبنصيح كل يوم! لو كان عندكحيوان ما بتحميه"؟ خطاب بائس لا يعبر عن حقيقة الشعب الفلسطيني وعنفوانه ومواجهته لدولة الاحتلالوالقتل اليومي، برغم بؤس أوضاعهم، التي تزداد سوءاً، فهم محكومون بما تمثله القيادةالفلسطينية وتحريف الحياة السياسية والنضالية.
لكنهم يتعلقون بأمل يأتي ويذهبويتمسكون به. لأنه إن أردت أن تكون فلسطينياً، فواجبك أن تدافع عن كرامتك وارضك. خطاب لم يسعفه ولم تساعده كلمات الاستجداء، وهو لم يدرك أن من يسعفه الشعبالفلسطيني ويستطيع أن الدفاع عن نفسه والارض، وليس من تسبب في المأساة. الجرائم الاحتلالية واضحة والانفجار مسألة وقت، وتسليح اليهود، وسهولة الضغط علىالزناد عندما يتعلق الامر بالفلسطينيين، العنصرية والفاشية والتحريض، كل ذلك وصفةلاستباحة الدم الفلسطيني. كما تركت كل منطقة من فلسطين ان تدافع عن نفسها، وتحل مشكلاتها وحيدة، ومواجهةسياسة التفكيك الصهيونية. الآن تركت القرى الفلسطينية في الضفة الغربية وحيدة، كلقرية تحاول مواجهة البرابرة المتوحشين وحيدة. اليوم قرية أم صفا تناشد القرى المجاورة لمساندتها للتصدي للهجوم الوحشي منعصابات المستوطنين الارهابية وجيش الاحتلال الفاشي. وقبل أيام هاجم نحو 200 مستوطن مقنع وبعضهم مسلح من البرابرة قرية ترمسعيا،وأشعلوا النار وألحقوا أضرارا فادحة بالمنازل، والممتلكات، وأحرقوا ودمروا. لم يصلالجيش الإسرائيلي إلا بعد حوالي ساعة، فقط بعد أن تجمع مئات الفلسطينيين لصدالمستوطنين المهاجمين، ورافقوا المستوطنين في طريقهم للخروج من البلدة. وخلال اقتحام الجيش، أصيب مواطن يبلغ من العمر 27 عاماً بالرصاص واستشهد متأثراً بجراحه. كما حدث في مذبحة بلدة حوارة في فبراير / شباط الماضي، حيث ارتكب المستوطنينمذبحة، واعتبرت حدثا غير عادي وحظيت باهتمام كبير على الصعيد الدولي. لكن من دونالعمل على الاستفادة من درس حوارة وما جرى ويجري خلال الأسابيع الأخيرة، وحمايةالسكان، وأصبح حرق القرى الفلسطينية أمراً روتينياً. وتحت حماية الجيش والشرطةوتواجدهم في مكان المذبحة، ولم يمنعوا الهجمات. منذ اسبوع لم تتوقف اعمال الارهاب والقتل والتدمير في قرى الضفة الغربية، ونفذالمستوطنين عشرات الاعمال الارهابية في جميع أنحاء الضفة الغربية، وأغلقوا الطرقأمام حركة المركبات الفلسطينية واعتدوا على الفلسطينيين. وتفاخر المستوطنون أنفسهمبأعمالهم الارهابية التي نفذوها من خلال مجموعات داخلية. وعندما يسمح الجيش للمستوطنين بمهاجمة جماعية، ولا تستطيع الشرطة الفلسطينيةالتدخل لأن هاتين المنطقتين (ج وب)، فإن حقيقة أن سكان ترمسعيا يعرفون أن أحداً لنيحميهم من عنف المستوطنين برعاية الحكومة الفاشية العنصرية. كل رعب او عمل متوحش له ما يبرره لدى دولة الاحتلال، رعب قتل الطفل محمد التميمي،تم تبريره، أطلق الجنود النار من نقطة الحراسة العسكرية المحصنة رداً على نيران"إرهابية". ولم يكن اي اطلاق للنار. المستوطنون والجيش الإسرائيلي واحد، والادعاء إن السلطة الفلسطينية "تفقدالسيطرة"، السلطة لم تفقد السيطرة، إنها تسيطر على ما تريد غرسه في الممارسةوالوعي، إنها تفعل ذلك متعمدة، لا يوجد "فقدان السيطرة". توجد مصالح للنخبة التيتدير السلطة، وتنفذ تلك السياسات والاتفاقيات حتى النهاية. ما الذي يمنع قوات الأمن الفلسطيني من حماية الفلسطينيين والقرى الفلسطينية، ومنعارهاب المستوطنين اليهود وتنفيذ مذابح وحرق البيوت والممتلكات. السماء لم تسقط، السلطة الفلسطينية تواصل روتينها، وطورت بالفعل سياسة اللامبالاةالعميقة، عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية والأخلاقية، والتنسيق الأمني وشرعيةوجودها. ما يحدث الآن في الضفة الغربية هو ببساطة دليل يثير الغضب على أنه عندما ترغبالاجهزة الامنية في العمل، فإنها قادرة على العمل وبسرعة وبدء عمليات اعتقالللمعارضين والطلاب وغيرهم وقمعهم لاخافة الفلسطينيين وارضاء الاحتلال، وتشاركالنيابة العامة والسلطة القضائية وباقي السلطات في تحليل انتهاكات حقوق الانسان بحق الفلسطينيين. إنها تفعل ذلك لأن الأمر يتعلق بسلطة ونخبة تدافع عن مصالحها،واخافة الناس بسيطرة حماس على الضفة، والخشية من تكرار الانقلاب كما حدث فيغزة؟! وليس عندما يتعلق الأمر بحماية الفلسطينيين وأمنهم الشخصي. المستوطنون يرعبون الفلسطينيين، دولة الاحتلال لا تمنعهم وتريد من السلطة أن تتعاونمعها، وهي مستمرة بالتعاون. في كل لحظة أننا على بعد خطوة واحدة فقط من إراقة دماء كثيرة وترحيل وحرق وتدميرقرى بأكملها. ويتوجه معالي رئيس الوزراء للقرية المحترفة، وهو يرتدي الزي الرسمي وكأنه ضيف جاءللتضامن، ويستمع معاليه لغضب الناس الساطع وقهرهم، وفقدانهم الثقة به وبحكومتهالتي لا تملك من نفسها إلا الألقاب. إن العيش في وسط لا يمر فيه يوم دون هجوم واعتداءات وقطع الاشجار وملاحقة الرعاة،وارهاب وعنصرية في كل مكان، وعليك أن تنتظر متى سيتم اقتلاعك من بيتك وارضك، هيفكرة مرعبة، وفكرة أن كل شخص يعيش في هذا الوسط أنه أمر مرعب. الحكومة والجيش والمستوطنين واحد، يسارعون الزمن، لا يريدون الأرض فقط، يريدونإمبراطورية يهودية يكون فيها الفلسطينيون رعايا، وليسو بشر ، كل ذلك نابع من كراهيةللفلسطينيين، المستمدة من التوراة وتعاليم الحاخامات اليهود المتطرفين، وبدعم منالحكومة وسياستها العنصرية. وفي الوقت الذي يعلق فيه الشعب الفلسطيني آماله على توحيد ساحاته والمقاومةالفلسطينية المستمرة والمتصاعدة في الضفة الغربية. وتربك دولة الاحتلال، وعدم قدرتها على القضاء على المقاومة، واعتبارها تحد كبير، ولم يستطع الاحتلال بمكوناته المختلفةومنظومته الامنية والعسكرية وما تملكه من قدرات تكنولوجية وعسكرية فائقة، ايجادحلول، وكل ما يقوم به مزيد من العدوان والقتل والهدم ومصادرة الاراضي والاستيطان. والبحث عن صور لانتصارات وانجازات صغيرة، وجرائم تنفذ بشكلٍ يومي. وبدل من اعادة ترتيب البيت الفلسطيني، تعيش الساحات الفلسطينية ظروف غاية فيالتعقيد والبؤس والتحريض والكذب. وغياب تام لاي افق بالاتفاق على برنامج وطنيموحد، واعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني ومواجهة الاحتلال الاسرائيلي،وسياسة التفكيك التي تمارسها الحكومة الاسرائيلية اليمنية الفاشية العنصرية. التيتعمل بشكل حثيث على استكمال المشروع الصهيونى الاستعماري الاستيطاني وحسمالصراع وضم الضفة الغربية. وهي بدأت عملياً بتنفيذه من خلال الائتلاف اليميني الفاشي والاتفاقات التي وقعت بيناطرافه، وفرض الفوقية والسيادة اليهودية في الضفة. السياسة اليائسة والفاشلة التي تمارسها القيادة الفلسطينية في مواجهة الحكومةالاسرائيلية وسياساتها. وتخليها عن دورها في النضال الوطني وقيادة عموم الفلسطينيين، اللذين تركوا وحدهموتحولهم لمجموعات متفرقة ومنبوذة، تعاني الشرذمة واليأس والاحباط، والاحتقار منقبل القيادة السياسية التي تقود الشعب الفلسطيني منذ نصف قرن. وتمارس نفسالسياسة بالتفرد والاقصاء والانتظار عل وعسى تتغير الظروف وتحسين وضع السلطةومنحها مزيد من الاموال والامتيازات. وفي مقابل سياسة التفكيك والصم الاسرائيلية، تمارس القيادة الفلسطينية ذات السياسةوالقرارات غير الشرعية، والتي لا تتوافق مع ارادة ورغبة الشعب الفلسطيني. وفي النتيجة فهي تصب في خدمة المشروع الصهيونى سواء بطريقة مباشرة أو غيرمباشرة. الاحتلال مستمر والانقسام مستمر، بين جميع مركبات عموم الشعب الفلسطيني فيالاراضي المحتلة والشتات، وفي الداخل الفلسطيني والدم النازف