يعتبر اليوم الثامن من شهر ذي الحجة هو يوم التروية، ويتجه فيه الحجاج إلى مشعر منى، حيث يبيتون ليلاً ويؤدون 5 صلوات، بما في ذلك صلاة الفجر التي تكون في يوم عرفة الذي يليه.
لماذا سمي يوم التروية بهذا الاسم؟
سُميَ يوم التروية بهذا الاسم لأن الحجاج كانوا يروون فيه من الماء من أجل ما بعده من أيام، قال العلامة البابرتي في "العناية شرح الهداية" وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ بِالْمَاءِ مِنْ الْعَطَشِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَحْمِلُونَ الْمَاءَ بِالرَّوَايَا إلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى.
وقيل إنه سمي بذلك لحصول التروي فيه من إبراهيم في ذبح ولده إسماعيل عليهما السلام؛ قال العلامة العيني في "البناية شرح الهداية" إنما سمي يوم التروية بذلك؛ لأن إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ رأى ليلة الثامن كأنَّ قائلًا يقول له: "إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك"، فلما أصبح رؤي، أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح؛ أمِنَ الله هذا، أم من الشيطان؟ فمِن ذلك سمي يوم التروي".
ويتضمن يوم التروية عدة أعمال مستحبة، مثل الإحرام والتكبير والتهليل والتحميد والدعاء والذكر، ويستمر الحجاج بقول لا إله إلا الله وسبحان الله والحمدلله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ويجوز عدم الذهاب إلى منى في يوم التروية، لأن الوقوف بمنى من السنن وليس من أركان الحج.
وينزل الحجاج في منى والإقامة فيها ليلة التاسع من ذي الحجة، والدعاء والذكر والتوبة والاستغفار والتضرع إلى الله في هذا اليوم المبارك.
ماذا يفعل الحجاج في يوم التروية؟
1- إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة استحب للذين أحلوا بعد العمرة، وهم المتمتعون أو من فسخوا إحرامهم إلى عمرة من القارنين والمفردين، أن يحرموا بالحج ضحى من مساكنهم، وكذلك من أراد الحج من أهل مكة، أما القارن والمفرد الذين لم يحلوا من إحرامهم فهم باقون على إحرامهم الأول.
لقول جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم: "فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج" مسلم 2137.
2- يستحب لمن يريد الإحرام الاغتسال، والتنظف، والتطيب، وأن يفعل ما فعل عند إحرامه من الميقات.
3- ينوي الحج بقلبه ويلبي قائلاً: لبيك حجاً، وإن كان خائفاً من عائق يمنعه من إتمام حجه اشترط، فقال: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وإذا كان حاجاً عن غيره نوى بقلبه الحج عن غيره، ثم قال: لبيك حجاً عن فلان، أو عن فلانة، أو عن أم فلان إن كانت أنثى, ثم يستمر في التلبية، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وإن زاد: لبيك إله الحق لبيك، فحسن لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4- يستحب للحجاج التوجه إلى منى ضحى اليوم الثامن قبل الزوال والإكثار من التلبية.
5- يصلي الحاج بمنى الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر التاسع قصراً بلا جمع، إلا المغرب والفجر فلا يقصران؛ لقول جابر رضي الله عنه: "وركب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس" رواه مسلم 2137".
ويقصر الحجاج من أهل مكة الصلاة بمنى، فلا فرق بينهم وبين غيرهم من الحجاج، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالناس من أهل مكة وغيرهم قصراً ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان واجبا عليهم لبينه لهم.
6- يستحب للحاج أن يبيت بمنى ليلة عرفة، لفعله صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى فجر اليوم التاسع مكث حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت سار من منى إلى عرفات ملبياً أو مكبراً، لقول أنس رضي الله عنه: "كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه" رواه البخاري 1549 بلفظه، ومسلم 2254، وقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، لكن الأفضل لزوم التلبية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لازمها.
7- ما تم ذكره من أعمال اليوم الثامن يسن للحاج فعلها تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم، وليست واجبة، فلو قدم إلى عرفة يوم التاسع مباشرة جاز، لكن لابد أن يقف بعرفة محرماً، سواء أحرم يوم الثامن أو قبله أو بعده.
أدعية مستحبة
يكون دعاء الحجيج إلى الله تضرعاً أن يتقبل منهم حجهم، وألّا يردّهم خائبين، أما غير الحجيج فيدعون الله أن يكتب لهم زيارة بيته الحرام ويتقبل منهم صالح الأعمال، ويفضل للمسلمين جميعاً الدعاء في يوم التروية، ويستحبّ أن يكون الدعاء شاملاً، وأن يدعو المسلم بما دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو جوامع الدعاء التي جمعت كل الخير في الدنيا والآخرة، لذا ينشر موقع صدى البلد دعاء يوم التروية وجوامع الادعية.
- اللهم إني أعوذ بك من السلب بعد العطاء.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرْكِ الشَقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيِعِ سَخَطِكَ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
- اللهمَّ إني أسألكَ من الخيرِ ما سألك عبدُك ورسولُك محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلم وأعوذُ بك من شرِّ ما استعاذكَ منه عبدُك ورسولُك محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلم، وأسألكَ ما قضيتَ لي من أمرٍ أنْ تجعلَ عاقبتَه لي رشداً.
جوامع الدعاء
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ: "اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآَجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ تَقْضِيهِ لِي خَيْراً".