كشف عوفر أديرت في "هآرتس"، يوم الجمعة الماضي، الوثائق الرسمية التي تثبت أنه في العام 1972 قام الجيش الإسرائيلي بتسميم أراضي قرية عقربا من أجل إقامة مستوطنة غيتيت في غور الأردن.
وكشفت الوثائق بفضل مشروع مركز تاوب في جامعة نيويورك، الذي كشف أرشيفات مشروع الاستيطان.
حسب أقوال الدكتور يعقوب لازوفيك، مسؤول أرشيف الدولة السابق ورئيس المشروع الآن، فإن ما ظهر بوضوح في الأرشيفات هو الدور الرئيس لجميع حكومات إسرائيل، الدفع قدماً بمشروع الاستيطان.
بعد مرور عشرات السنين على التسميم الممأسس بغرض تهويد الغور، وقف ممثل "الشاباك"، الأسبوع الماضي، للنقاش في الكنيست من أجل تأييد قانون لتهويد الجليل.
في مشهد غريب بشكل خاص تم وضع رجل "الشاباك" خلف الستارة كي يستطيع تقديم التفاصيل، دون معرفة هويته، حول لماذا الحضور الجسدي في المنطقة بوساطة الاستيطان يُعتبر حجر أساس في تحقيق السيادة والسيطرة على منطقة الجليل مثلما في الضفة.
في موازاة ذلك، في الأسبوع ذاته، وجد معظم الإسرائيليين صعوبة كبيرة في فهم لماذا يتشكك "إخوتهم" الدروز جداً في التوربينات التي تريد الدولة وضعها على أراضيهم.
في المقابل، مشروع التهويد الواضح جداً كما يبدو في "المناطق" المحتلة، الذي ينعكس الآن بالعنف الجسدي المتزايد ضد الفلسطينيين وإقامة البؤر الاستيطانية غير القانونية، استقبل في المعارضة بالإدانة من الجميع، لأنه دائما من الأسهل اتهام "المستوطنين العنيفين" الذين يتطاولون وكأنهم ينفذون المذابح في "المناطق" على مسؤوليتهم، وليس المؤسسة والسياسة هي التي تمكنهم من فعل ذلك.
صحيح أن حكومة الهراءات الحالية من السهل اتهامها، لأنه في دعوتها "اركضوا إلى التلال" هي تتبول من فوق خشبة القفز. من السهل اتهام بتسلئيل سموتريتش بما حدث في حوارة وترمسعيا. ولكن أين الجيش الذي يتم احتضانه من قبل من يعارضون الانقلاب؟
في أعمال الشغب في حوارة سارع الكثيرون إلى نشر صورة لجندي وهو يساعد عجوزاً فلسطينية، وضباط اقتبسوا كمن "يشعرون بالخجل". ولكن دلائل جمعتها بعد ذلك "هآرتس" و"سي.ان.ان" أثبتت أن الجيش هو الذي مكن من حدوث هذا الرعب.
أيضاً في هذا الأسبوع، بعد أعمال الشغب في ترمسعيا، تم الاقتباس عن شخصيات رفيعة في جهاز الأمن، بأنهم حذروا المستوى السياسي من أن "عنف المستوطنين سيؤدي إلى الفوضى". ولكن لا أحد من "جهاز الأمن" منع الفوضى، بدلاً من البكاء بأثر رجعي.
الصعوبة العاطفية لكثير من الإسرائيليين في اتهام أجهزة الدولة، وعلى رأسها الجيش بدلاً من التركيز فقط على مبعوثيهم المستوطنين وعلى الحكومة، هي الصعوبة ذاتها التي تمنع الانشغال بالنكبة أو التسميم في عقربا: الخوف من الاتهام الذاتي. من السهل اتهام الآخر الذي يسمى "مستوطناً".
تتمثل هذه الصعوبة أيضاً في التجاهل شبه الساحق لهدف الحكومة الحقيقي وهو محو "الخط الأخضر" وتهويد كل الفضاء، من البحر وحتى النهر.
إن ما يحدث في "المناطق"، الآن، هو تفرع طبيعي لسياسة حكومة سموتريتش – بن غفير التي تسعى بشكل علني إلى خلق تفوق لليهود على جانبي "الخط الأخضر": تعزيز قانون القومية، ولجان القبول والتنكيل بطالبي اللجوء هي فقط أمثلة فردية. لا يوجد أي يوم دون مبادرة لتحصين مكانة اليهود على حساب غير اليهود. ودعوة "اركضوا إلى التلال"، هي جزء من لوحة الفسيفساء الكبيرة. كان يجب على المعارضة أن تهب ضد هذه الأيديولوجيا. إلى جانب الفلسطينيين العرب في إسرائيل، الدروز، وكل أقلية غير يهودية، يتم اضطهادهم الآن.
ضد كل الآليات التاريخية والآنية، التي تسمح بالتمييز العنيف، وليس فقط ضد المستوطنين الذين هم العرض الأشد لكل هذه الأيديولوجيا.
عن "هآرتس"