يؤكد أهالي الجولان المحتل كل يوم تمسكهم بأرضهم وهويتهم العربية السورية، في مواجهة مخططات الاحتلال التي تستهدف مصادرة أراضيهم، وبناء المشاريع الاستيطانية عليها وتهويدها، وبعد أكثر من خمسة عقود ونصف على احتلال الجولان السوري، لا يزالون متمسكين بهويتهم وعروبتهم، في مواجهة كل سياسات الاحتلال الاستعمارية والعدوانية التي تستهدف ترحيلهم وتهجيرهم من أرضهم ومنازلهم، ويقدمون التضحيات الجسام من الشهداء والمعتقلين في سبيل الدفاع عن أرضهم وحقوقهم الوطنية.
ومع كل مشروع إسرائيلي استيطاني جديد، يؤكد أهل الجولان انتماءهم العربي الأصيل، ويواجهون صلف الاحتلال بكل قوة وصلابة وبصفوف موحدة، وفي إطار مواجهة مخططات الاحتلال هبت جماهير الجولان للدفاع عن أرضها، يوم الثلاثاء الماضي 27/6/2023 دفاعًا عن أراضيهم الزراعية المستهدفة بالمصادرة لاقامة مشروع توربينات الهواء عليها، وذلك إثر اقتحام ممثلين عن الشركة الإسرائيلية المسؤولة عن المشروع للأراضي، معزَّزة بقوات من الشرطة. ونصب التوربينات العملاقة في قرى الجولان، يأتي بموجب قرار صدر عن حكومة الاحتلال بهذا الشأن، وموافقة هيئات التخطيط الإسرائيلية.
حيث أكد أهالي الجولان أن إقامة التوربينات ستعيق زراعة الأرض من حولهم وستكون خطرا بيئيا وصحيا، علما أن المحاولة الأولى لبدء أعمال نصب التوربينات، كانت في كانون الأول/ ديسمبر 2020، وقد قوبلت بمقاومة شديدة وموحدة من الأهالي واعتبروها "إعلان حرب" على قراهم. فيما أعلنت الفعاليات الشعبية في الجولان يوم الأربعاء 21/6/2023 يوم إضراب وغضب، بقرار من الهيئة الدينية والزمنية في الجولان، ضد الإجراءات التعسفية والإجرامية بحقهم وبحق أراضيهم، وقد توجهت جماهير الجولان بعد تجمعهم صباحاً في مقام النبي اليعفوري، للدفاع عن الأراضي المحاصرة".
سيؤدي هذا المشروع الاستيطاني الجديد إلى مصادرة سلطات الاحتلال الإسرائيلية لـ4500 دونم من الأراضي الزراعية في القرى الثلاث التي يقطنها الآلاف، من بين نحو 27 ألف نسمة يعيشون في الجولان المحتل. وتعتمد المئات من العائلات على الزراعة كمصدر رزق، منها زراعة التفاح، والكرز، والفواكه الأخرى.
إن الهبة الشعبية التي بدأها أهلنا الصامدون في الجولان العربي السوري المحتل رفضًا لمشاريع التهويد والاستيلاء الإسرائيلية، والتي تتجدد بمشروع (التوربينات) يهدف لمصادرة أراضي أهلنا في الجولان والاستيلاء عليها، ويلحق الأضرار البيئية والصحية والمس برزقهم الذي بغالبيته العظمى من العمل في أراضيهم الزراعية، تؤكد من جديد تصميم وإصرار اهلنا في الجولان على الدفاع عن أرضهم، وانتمائهم الأصيل لها، وهذا هو الموقف الوطني النضالي المشرف الذي يعرفه الجميع لأهالي الجولان.
لم يتأخر أهالي الجولان يوما عن التصدي للاحتلال ومقاومته منذ الأيام الأولى لاحتلال هضبة الجولان في حزيران عام 1967، حيث نظموا المقاومة بمختلف أشكالها المسلحة والشعبية ونظمو الاحتجاجات والاضرابات والمظاهرت، ضد الاحتلال ومشاريعه الاستعمارية والاستيطانية والتهويدية، وفي عام 1981 وردا على قرار الاحتلال بضم الجولان تحرك أهالي الحولان ورفعوا شعار "المنية ولا الهوية"، في دلالة على صلابة موقفهم، رفضاً للهوية الإسرائيلية وقرار الضم، ونظموا إضراباً شاملاً في 14 شباط/فبراير 1982، حيث كان الإضراب جماهيرياً واسعاً، وشارك فيه الآلاف من أهل الجولان. واشتبك الأهالي مع قوات الاحتلال في الساحات العامة، وأصواتهم تصدح بـ"الإضراب حتى النصر".
وهو ما تحقّق لهم، إذ تعهّدت سلطات الاحتلال بعدم فرض الجنسية الإسرائيلية، وعدم فرض التجنيد الإجباري، وإقامة الجسور المفتوحة بين الجولان وسوريا، وعدم مصادرة أراضي السكان، وإعطائهم حقوقهم المائية لري مزروعاتهم.
وفي عام 2018، عندما حاولت قوات الاحتلال فرض انتخابات للمجالس المحلية، أحرق الأهالي البطاقات الانتخابية الإسرائيلية أمام جنود الاحتلال، وقاطعوا الانتخابات مقاطعة شاملة، لتفشل خطط الاحتلال بإعطائها أيّ شرعية، وكانت هذه المحطات النضالية مثالا لصمود أهالي الجولان وتمسكهم بأرضهم، ومقاومتهم لمشاريع ومخططات الاحتلال الاستيطانية والتهويدية.
ويدرك أهالي الجولان أن ما يجري اليوم من مخططات عدوانية من قبل دولة الاحتلال وعصابات المستوطنين، ضد الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة، يتطلب توحيد كل ساحات النضال والمقاومة، لمواجهة هذه المخططات العدوانية، حيث تشكل هبة أهلنا في الجولان محطة هامة من المحطات النضالية الكثيرة للأهل في الجولان الذين عرفوا تماماً أن وحدة المسار مع الشعب الفلسطيني ومع الشعب اللبناني هي العنوان الأكبر للمرحلة الحالية والمراحل القادمة. التي توحد النضال والمقاومة من جنين ومخيمها إلى مجدل شمس وضاحيتها مسعدة إلى كل الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة.
ولا تزال هبة أهالي الجولان مستمرة ومتصاعدة ومتواصلة حى تحقق أهدافها، بافشال مخطط مصادرة أراضيهم الزراعية، ورفض اقامة المراوح الهوائية عليها لصالح مشاريع الاحتلال الاستيطانية والتهويدية، كما أفشلت من قبل مخططات الاحتلال العدوانية والاستعمارية، ونحن على ثقة بقدرة أهالي الجولان على الصمود ومواصلة المقاومة حتى افشال هذا المخطط كم أفشلت كل مخططات الاحتلال العدوانية السابقة مهما بلغت التضحيات.