انتهى مؤتمر جنيف ٣، إلى نهاية متوقعة، رغم ما أثير حول انعقاده من ضجيج، ومنذ بدايات الدعوة إليه، والإعداد لعقده، بأن ثمة مراهنة رسمية سورية، وتقديرات روسية، بأن الأمور الميدانية على الأرض، قد اختلفت لدرجة صرح بها مسؤول روسي، بأن التدخل الجوي الروسي، قلب الموازين على الأرض.
من يدرس الخارطة السياسية - الجغرافية السورية، يعرف تمام المعرفة، بأن ما يزيد على ٧٠٪ من الجغرافيا السورية، لا تزال تحت سيطرة المتمردين، ومعظمهم من أطياف "داعش" و"النصرة". كما أن معظم أوراق المعارضة السورية، وبعضها من أطياف الإسلام السياسي - الأصولي، لا تزال تلتف مع إطار المعارضة السورية، التي ترتضيها السعودية وقطر وتركيا .. وبأن أي مؤتمر دولي بشأن سورية، ستعمل تلك الدول الإقليمية، ومعها دول عظمى، على دعم حضور هذا المحور المعارض، وستحول دون تهميشه.
السيد دي ميستورا، خاض تجربة عقد مؤتمر جنيف ٣، وكان واضحا من أدائه كم هي الضغوط التي مورست عليه، لدرجة جاءت تصريحاته الرسمية، متفاوتة، بل ومتناقضة ومضطربة، وبعد اقل من ثلاثة أيام على محاولات عقده، باءت تلك الجهود بفشل ذريع.
لدرجة وصف بها إعلامي بريطاني بارز، تلك الجهود، بالجهود المضحكة. حاول كل طرف مشارك إقليمي، أم دولي، ان يمارس ما يراه مناسباً، وان يفرض اجندته السياسية على سير المؤتمر، لدرجة أفقدت دي ميستورا التوازن، وفقدان خطوط اللعبة. صحيح أن المبعوث الدولي، اعلن تأجيل جلسات المؤتمر الى ٢٥ من شباط الجاري، لكن هذا الأمر، يندرج في مصاف الكلام الافتراضي، ذلك ان حل ملفات الخلافات ما بين المعارضة من جهة، والسلطة السورية من جهة أُخرى، إضافة لتباعد الرؤى بين الأطراف الدولية، خاصة روسيا وأوروبا، يجعل من تحديد هذا التاريخ، تحديداً افتراضيا ليس إلا.
هناك ملفا العنف والإرهاب، ملف العنف واستخدام السلاح، بل والسلاح الاستراتيجي، من طيران روسي، متطور وصواريخ عابرة للقارات، لإطفاء الحريق السوري، مع ما يتسببه ذلك من قتل ودمار وخراب، بات وقف ذلك، شرطاً تبرزه المعارضة السورية، للبدء في مفاوضات مع السلطة. السلطة السورية ترى في ذلك، شرطاً غير مقبول، ذلك انه يأتي في سياق الحرب على الإرهاب.
المعارضة ترى في الغارات الروسية، وتدخل حزب الله، ميدانيا في الأزمة السورية، الإرهاب بعينه وترى في فرض الحصار على مدن وبلدات سورية، إرهاباً ما بعده إرهاب.
نقاط التباعد، كثيرة وكبيرة وعميقة، ولا يحسمها السلاح، مهما بلغت قوته.
الازمة السورية، ومنذ بدئها تم اطلاق تحذيرات واضحة، خاصة من السوريين المعارضين للنظام، والمكافحين من اجل الحرية والاستقلال. وجد النظام السوري، بأن بدء العلاج، يكمن في الكي، ولا يزال يؤمن ويعمل من اجل ذلك.
لا أبالغ قولاً، بأن مراحل ومستويات الأزمة السورية، وصلت حد ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام، وبأن فرض حل على السوريين، قد يأتي عبر مؤتمر دولي، وعبر قرارات يتبناها مجلس الأمن!!.
-