إسرائيل بحاجة إلى مبادرة للخروج من الوحل السياسي

54v7gf87graa
حجم الخط

 

 
 


الصورة السياسية، الآخذة في الاحتدام في الاسابيع الاخيرة الى جانب التدهور الامني، لا تبشر بالخير. والمؤشرات على الارض كثيرة، وآخرها المبادرة السياسية الفرنسية. لا يمكن لاسرائيل أن تواصل خوض معارك دفاعية والاعتقاد بانها «تدير النزاع»، دون أن يكون هناك أي امل في الوصول الى تسوية. لسنوات طويلة لم تكن هناك مبادرة اسرائيلية. تحت قيادة نتنياهو وحكومته اليمينية اختفت الجسارة، الابداع، والشجاعة التي تميز اسرائيل في مجالات عديدة. ويؤدي تقديس الوضع الراهن الى نهاية دولة إسرائيل كيهودية – ديمقراطية.
أما الفراغ الذي يتسع بين اسرائيل وبين العالم والواقع، وهو فراغ نشأ نتيجة لانعدام الفعل، فيمتلئ بمبادرات سيئة. نهايتنا ان يفرضوا علينا حلا قصريا، لا يراعي لا المصالح القومية لاسرائيل ولا اعتباراتها الامنية. هكذا، مثلا، تنطوي المبادرة الفرنسية («إما مؤتمر دولي أو دولة») – حسب الصيغة التي في ايدينا – على عديد من المشاكل: 
1. البند في موضوع اللاجئين يتضمن خيارات العودة الى الوطن واعادة اسكان اللاجئين، الامر الذي لا يمكن لاسرائيل ان توافق عليه باي شكل.
2. لا يوجد أي تمييز بين خطوات احادية الجانب تكون ضارة وبين خطوات مستقلة – بناءة، تؤدي الى واقع الدولتين. هذه وتلك محظورة.
3. مع أن قرار الامم المتحدة رقم 242 مذكور، وهو كما يذكر يتناول الانسحاب من مناطق (وليس من المناطق)، ومع أنه يذكر تبادل الاراضي، يدور الحديث في المقدمة بصراحة عن دولة فلسطينية تقوم على الاراضي المحتلة منذ 1967.
4. المبادرة الفرنسية تشجب المستوطنات بحدة، وتعتقد ان ليس لها اساس قانوني، ولكنها تمتنع عن أي شجب لـ «الارهاب» او للتحريض الفلسطينيين.
 5 دون صلة بالوضع على الارض، يملى ان تكون غزة، التي تحكمها «حماس»، جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية.
في الوضع الحالي فإن مبادرة اسرائيلية هي افضل من أي مبادرة دولية اخرى. وبدلا من الحرص بشكل مبادر على مستقبلنا، ونقود نحو واقع الدولتين – وهي مصلحة اسرائيلية صرفة – تواصل حكومة اسرائيل اغراق عربة الصهيونية في الوحل. هذا هو الوقت لمبادرة سياسية موزونة، بواسطتها يتم ضمان مستقبل اسرائيل كدولة قومية ديمقراطية وآمنة للشعب اليهودي. ينبغي السعي للانفصال عن الفلسطينيين. مطلوب تقسيم اقليمي للارض التي بين النهر والبحر الى دولتين قوميتين. ينبغي اتخاذ سياسة مبادرة لترسيم حدود اسرائيل بحيث تعكس اسس وجودها، كما وجدت تعبيرها في اعلان الاستقلال: دولة ديمقراطية فيها اغلبية يهودية.
في ضوء صعوبة التقدم في قنوات الحوار الاقليمية والثنائية، ينبغي العمل على خلق واقع الدولتين وتحديد الحدود بينهما بخطوات مستقلة، الى أن تنضج الظروف للاتفاق على الحدود الدائمة. وتناول موضوع المستوطنات، التي خارج الكتل، سيكون محتما ويتطلب اعداد الرأي العام واشراك الجمهور في الحاجة الى حسم الموقف من اجل مستقبل الدولة اليهودية – الديمقراطية. كل هذا، في ظل الحفاظ على قدرات اسرائيل الامنية في «المناطق» وحتى نهر الاردن، الى أن يتوفر بديل واقعي آخر.
هذا هو السبيل، حين يكون من اليمين – التطرف الديني القومي، الذي سيؤدي الى دولة ابرتهايد فيها اقلية يهودية، ومن اليسار – شلل واوهام عن السلام الحقيقي، الذي لا يمكن أن يتحقق في هذا الوقت.
وعليه، فان من يرفض المبادرة الفرنسية ملزم بان يفهم بانه من اجل اخراج اسرائيل من الوحل السياسي والامني هناك حاجة الى مبادرة: حدود، مع اتفاق او بدونه، حول اغلبية يهودية، وديمقراطية. مبادرة اسرائيلية، في صالح اسرائيل ومن اجل أمننا. خلافا لرئيس الوزراء، تنبه رئيس المعارضة هرتسوغ وقرأ الخريطة على نحو صحيح، حين عرض خطته السياسية الحديثة. رغم الانتقاد الذي تعرض له اقتراح هرتسوغ من اليمين ومن اليسار، هذا طريق واقعي، بلا اوهام، للحفاظ على الرؤيا الصهيونية، لخلق واقع الدولتين، بخطوات تؤدي الى الانفصال الى دولتين قوميتين.

عن «معاريف»

-