أشبه بعملية خططت لها خلية

4201517182824
حجم الخط

 


كما هو معروف، الآن، فان «المخربين» الذين عملوا، أول من أمس، في القدس لم ينتموا الى أي تنظيم معين مثل باقي «المخربين» في الأشهر الاخيرة. لكن في هذه المرة لا يمكن الحديث عن «ذئب وحيد». ليس فقط بسبب عدد المشاركين بل ايضا مستوى التخطيط المسبق المطلوب للعملية. حصل «المخربون» على السلاح، وسافروا من شمال الضفة الى القدس، ونجحوا في تجاوز جدار الفصل دون أن يُكشفوا.
هذه عملية «خلية ارهابية» محلية حتى وان كانت غير خاضعة لتسلسل تنظيمي معروف. ويتوجب الآن معرفة ما اذا كانت هذه التحضيرات للثلاثة يجب أن تضيء الضوء الاحمر للاستخبارات الاسرائيلية.
عملية اطلاق النار، التي قتلت فيها مجندة من حرس الحدود تسمى هدار كوهين في باب العمود، هي احدى المحاولات الاولى لـ «مخربين» فلسطينيين للقيام بتنفيذ خطة معقدة نسبياً في الصراع الحالي. الشبان الثلاثة من سكان مدينة قباطية شمال «السامرة» لم يخرجوا لتنفيذ عملية ضد هدف قريب، حاجز الجلمة القريب على الخط الاخضر، بل اختاروا هدفا اعتبروا أن إجراء العملية فيه سيثير صدى أكبر، وهو البلدة القديمة في القدس. إضافة الى السكاكين فقد حملوا رشاشات وعبوات ناسفة من صنع محلي. والرد السريع لطاقم شرطة حرس الحدود هو الذي منع اصابة الكثيرين بالاضافة الى المجندة التي قتلت، واخرى اصيبت إصابة متوسطة.
ويبدو أنه مثل معظم «المخربين» في الاشهر الاربعة الاخيرة فان «المخربين» الثلاثة الذين عملوا، أول من أمس، لم ينتموا لتنظيم معين. لكن في حالتهم لا يمكن الحديث عن ذئب وحيد، ليس بسبب عدد المشاركين بل ايضا بسبب التخطيط لهذه العملية.
يبدو أن لـ «الشاباك» هنا الكثير من العمل في تتبع الخط الذي سار فيه الثلاثة واستيضاح الطريقة التي نجحوا فيها في دخول القدس. وتبين، أول من أمس، أن أحدهم كان ممنوعاً من الدخول الى اسرائيل لاسباب أمنية. وهل دخلوا وهم مسلحون، الاستنتاج هو أنهم استغلوا ثغرة في الحراسة. هل حصلوا على السلاح في القدس، وهناك ضرورة للكشف عمن نقلهم. في كل الاحوال من الصعب الآن الغاء حقيقة قيام شخص آخر بمساعدتهم.
سؤال آخر يحتاج الى الاستيضاح وهو التخطيط المسبق للثلاثة. ألم يكن من المفروض أن ينكشف للاستخبارات الاسرائيلية. منذ اشهر تحاول إسرائيل ايجاد طريقة للتغلب على «المخرب» الوحيد قبل تنفيذ العملية. لكن في هذه المرة يدور الحديث عن خلية منظمة أكثر قد تكون تركت خلفها علامات تشير الى نيتها. في المواجهة الحالية قتل 6 شبان من قباطية هم منفذو عمليات طعن في حاجز الجلمة. والفحص الذي أجرته الاجهزة الامنية تظهر أن «المخربين» من قباطية جاءوا من نفس الدائرة الاجتماعية، وأن التقليد والانتقام كانا المحرك الاساسي لأفعالهم. نشر أحدهم، مؤخراً، في الفيس بوك وهدد بتنفيذ عملية انتقامية بسبب موت أحد اصدقائه.
يبدو أن هذه هي الخلفية ايضا للعملية الحالية. هذه ليست ظاهرة استثنائية، فقد تكررت عدة مرات في الآونة الاخيرة. وقد كانت هناك صلة بين خمسة «مخربين» من العائلة ذاتها من قرية سعير في شمال الخليل والذين قتلوا الواحد تلو الآخر في عمليات في المنطقة. وتبين في سعير أن «مخربا» خرج لتنفيذ عملية بعد أن كان يحمل صديقه في الجنازة، الذي قتل قبل ذلك بيوم.
يوجد لقباطية تاريخ طويل في الصراع الفلسطيني. ففي 1988 مع بدء الانتفاضة الاولى، قام أبناء القرية بعملية فتك بأحد الجيران في نابلس للاشتباه بالتعاون مع اسرائيل. وكانت هذه هي الحادثة الاولى التي قتل بعدها مئات الفلسطينيين المشبوهين بالتعاون. وقد فرض الجيش الاسرائيلي في حينه طوقا كاملا على المدينة امتد لاسابيع. ايضا في الانتفاضة الثانية شارك العشرات من سكان البلدة وخصوصا نشطاء «فتح» و»الجهاد الإسلامي» في العمليات ضد اسرائيل.
إن عودة «الارهاب» الى القدس بعد بضعة اسابيع من الهدوء النسبي وتراجع العنف في المدينة منذ كانون الاول، ستلزم الشرطة بالاستمرار في تعزيز تواجدها في العاصمة، لا سيما على الخط الاخضر وشرقي المدينة. التواجد المكثف للشرطة يثبت نفسه في اعطاء الاجابة السريعة والفعالة كما حدث، أول من أمس.
مع ذلك، رغم الرد السريع للشرطة (المجندة التي قتلت استطاعت قتل أحد «المخربين» الذي طعن صديقتها) يطرح السؤال حول صحة قرار ضم مجندتين من حرس الحدود لم تنهيا بعد التدريب وتجندتا قبل شهر فقط. يمتنع الجيش الاسرائيلي عادة عن فعل ذلك، ويبدو أن الشرطة والجيش سيضطران الى إعادة النظر في هذه السياسة.

عن «هآرتس»

-