خلال اليومين الماضيين تحدثت العديد من التقارير "الإسرائيلية" عن احتمالية إعلان السلطة الفلسطينية إفلاسها إذا استمرت "إسرائيل" بالتضييق المالي عليها واستمر الاقتطاع من أموال المقاصة (وهي الضرائب التي تجبيها "إسرائيل" نيابة عن السلطة الفلسطينية على المعابر الفلسطينية ثم تعيد تحويلها للسلطة الفلسطينية عبر آلية تسميها المقاصة)، وبالتالي تفاقمت الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية.
الإجابة على هذا السؤال سياسة قبل أن تكون اقتصادية وهي كما يلي:
أولا: علينا أن نعود لأصل المشكلة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية والتي بدأت مع توقيع بروتوكول باريس الملحق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو والذي كبل السلطة الفلسطينية ماليا واقتصاديا ومنح "إسرائيل" السيطرة على المعابر التي تربط الأراضي الفلسطينية مع العالم الخارجي، وبالتالي جعل من الأراضي الفلسطينية منطقة جغرافية تابعة لإسرائيل عمليا وإن كنا نظريا قد حصلنا على دولة مراقب في الأمم المتحدة إلا أنها منزوعة الصلاحيات.
ثانيا: علينا أن ندرك بأن مصطلح افلاس لا ينطبق على السلطة الفلسطينية وانما يمكن أن نقول بأن الحكومة أو السلطة الحاكمة أصبحت عاجزة عن الإيفاء بمتطلبات سكانها.
ثالثا: تكرر على لسان رئيس الوزراء "الإسرائيلي" نتانياهو بأنه لن يسمح بسقوط السلطة الفلسطينية وإنما يريد أن تظل قائمة دون أن تتحول السلطة الفلسطينية إلى دولة، وبالتالي فإن استمرار الانقسام ووجود حكومتين في الضفة وغزة غير قادرتين على توفير احتياجات السكان الفلسطينيين يسهل على "إسرائيل" السيطرة والتحكم في الأراضي الفلسطينية.
رابعا: من مصلحة "إسرائيل" أن تضل السلطة الفلسطينية في ضائقة مالية عاجزة عن الإيفاء بمتطلبات الفلسطينيين حتى تظل قادرة على ابتزازها سياسيا والحصول على مكاسب أمنية من الفلسطينيين بشكل دائم.
خامسا: لا يمتلك مسؤولي السلطة الفلسطينية سوى التلويح باتخاذ إجراءات وقرارات تتعلق بإغلاق المكاتب الحكومية وتعليق الخدمات للمواطنين أو التلويح بوقف التعاون الأمني من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية، ولكن عمليا فإن الأمر صعب ولا تستطيع الحكومة أو السلطة الفلسطينية أو حتى منظمة التحرير الفلسطينية على اتخاذ أي إجراء حقيقي لأن ذلك سيكون اعلانا صريحا بفشل اتفاق أوسلو وانهاء وجود السلطة الفلسطينية.
ختاما فإن الخروج من حالة العجز الحالية تتطلب اللجوء إلى خيارات سياسية واقتصادية صعبة تحتاج إلى التحمل والصمود مثل ترشيد النفقات وتخلي المسؤولين عن الكثير من الامتيازات التي يتمتعون بها.