في وقت كتابة هذه السطور يقترب الجيش من ناحيته من استيفاء أهدافه، كما حددتها له القيادة السياسية، من حملة اجتياح موضعية في مخيم جنين.
يدور الحديث عن حجم قوات من نحو لواء بمساعدة تغطية من الجو بهدف ضرب البنى التحتية لـ "الإرهاب"، والتي حددت مسبقا كأهداف في عملية جمع المعلومات وتركيزها، استغرق بعضها شهوراً طويلة في قيادة المنطقة الوسطى.
مثال على ذلك هو مختبرات المتفجرات، كالمختبر الأكثر أهمية الذي اكتشفه، أول من أمس، مقاتلو "مجلن"، أو أهداف نوعية أخرى.
وكله بهدف ضرب قدرات منظمات "الإرهاب" في مخيم جنين، وكذا لتحقيق هدف الردع والإظهار بأن الجيش الإسرائيلي قادر ومتمكن من الوصول إلى قلب المخيم وضرب منظمات "الإرهاب".
الاستجوابات التي نفذت في الميدان، أول من أمس، واعتقال نحو 30 مشبوهاً في المشاركة في "الإرهاب" ممن نقلوا إلى إسرائيل لمواصلة التحقيق لدى "الشباك" قد تقدّم للجيش ولـ "الشاباك" قطعاً أخرى في لوحة المعلومات الناقصة في صورة وضع "الإرهاب" الحقيقية في مخيم اللاجئين.
في هذا المعطى قد تكون ثمة أهمية كبرى قبيل حملات أخرى في جنين، إذا ما وعندما تخرج إلى حيّز التنفيذ.
ومنذ أول من أمس كانت هناك عدة حالات استغلت فيها الفرص لاكتشاف بنى تحتية "إرهابية"، لم تكن معروفة من قبل.
ضربة البداية من الجو وكمية المقاتلين الكبيرة التي اجتاحت جنين، هي التي قدمت للجيش في نهاية الأمر عنصر المفاجأة. وذلك رغم أنهم في مخيم اللاجئين فهموا على ما يبدو قبل ساعات من ذلك بأن مقاتلي الجيش الإسرائيلي سيجتاحون مخيم اللاجئين ليلاً.
إلى جانب الرضا عن أداء القوات وعن أن مستوى المقاومة أدنى مما قدروا، في الجيش يفهمون جيداً، مثلما يفهم أيضاً وزير الدفاع، يوآف غالانت، كم سريعاً يمكن أن تتغير صورة المعركة، وبخاصة حين يكون عدم تماثل واضح بين قدرات ومزايا الجيش الإسرائيلي وبين منظمات "الإرهاب" في جنين.
توصيفات الاجتياح متواضعة، والفهم هو أن حملة واحدة، مهما كانت ناجحة، لن تحل مشكلة "الإرهاب" في "يهودا" و"السامرة". وذلك حين تكون المسألة العسكرية هي فقط عنصر واحد في مسائل معقدة أخرى تؤثر على الاستقرار الأمني في الميدان فيما فقدت السلطة الفلسطينية في شمال "السامرة"، وأساساً في جنين، سيطرتها السلطوية والأمنية في المنطقة.
تحددت أهداف الاجتياح بتواضع لدى الجيش، وأقرت من وزير الدفاع ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
في نقطة البدء لم تعرّف إسرائيل العملية كحملة واسعة، وبالتأكيد ليست "السور الواقي 2"، كما أنها غير معنية بأن تنجر إلى مثل هذه الحملة، لا في "يهودا" و"السامرة"، ولا بالتأكيد في قطاع غزة.
يدور الحديث عن تحديد نوايا إلى جانب ضرب قدرات عملياتية في "غابة الإرهاب" في جنين، وإشارة إلى أنه من ناحية إسرائيل – بعد أكثر من سنة ونصف السنة من "الإرهاب"، وحين يوصف حجم "الإرهاب" في الأشهر الأخيرة في الجيش بأنه الأخطر والأكثر فتكاً منذ حملة "السور الواقي" – فقد حان الوقت للارتفاع درجة في شدة عمل الجيش في قلب المدن الفلسطينية.
لكن هنا أيضاً نصل إلى معضلة إسرائيل. فتصعيد إضافي في "يهودا" و"السامرة" يقف على نقيض تام مع مصالح أمنية – سياسية أخرى لإسرائيل والرابح الأساس من هذا هو إيران.
في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أن "حماس" مثلاً ستبذل جهوداً كي لا تنجر وتجر قطاع غزة إلى الجلبة في جنين. لكن حتى لو كان هذا التحليل صحيحاً و"حماس"، لمصالحها، غير معنية بمواجهة أخرى مع غزة فإنه كلما استمرت الحملة لزمن أطول وكان عدد القتلى الفلسطينيين أعلى فبالنسبة لها سيتقلص مجال المناورة، وسيتعاظم الضغط عليها للرد بالصواريخ.
منذ حملة "حارس الأسوار" نجحت المنظمة في تعليل قراراتها في ألا تدخل غزة مواجهات أخرى مع إسرائيل. لكن في محافل الأمن أيضاً كان هناك من قدروا، أول من أمس، في تقويمات الوضع في المستويات العليا بأنه كلما ارتفع عدد القتلى يمكن أن ترتفع إمكانية إطلاق الصواريخ من محافل "الإرهاب".
يصبح تحديد نقطة الخروج معضلة مهمة على نحو خاص عندما تعتبر العملية – حتى الآن – ناجحة وتخلق إغراء للتمديد بزمن أطول.
حتى لو لم يقل هذا صراحة، فإن التقدير هو أن الجيش الإسرائيلي سيعمل على إخراج قواته اليوم (أمس)، إن لم يكن قد فعل هذا في الليل.
حتى حينئذ بالطبع يمكن أن تقع أحداث شاذة، مثلما هو الوضع في حالات من هذا النوع، يمكن لها أن تجعل الاجتياح حدثاً عملياتياً مركباً وأكثر تعقيداً بكثير.
إسرائيل غير معنية بهذا، والإنجازات حتى الآن تعطيها بالتأكيد نقطة خروج مريحة.
عن "معاريف"
سموتريتش يعقد اجتماعًا لبحث الخروج من الائتلاف الحاكم
16 يناير 2025