يديعوت : وحدها التظاهرات الحاشدة جداً يمكنها حماية الديمقراطية

سيفر بلوتسكر.jpeg
حجم الخط

بقلم: سيفر بلوتسكر



وفقاً لاستطلاعات الرأي العام، فإن نحو ثلثي الجمهور في البلاد يعطون علامة راسب لحكومة سموتريتش – بن غفير – بيبي في معظم مجالات الحياة، وبخاصة غلاء المعيشة، ومعالجة الجريمة، والأمن القومي. برأيهم، لم يخدم أمر من الأمور التي فعلتها هذه الحكومة مصلحتهم. ويظهر الغضب أيضا في أوساط ناخبيها، الذين يقدرون الاستقرار والهدوء لكنهم يستيقظون كل صباح على جنون سياسي آخر. شعبية الوزراء تلاصق الأرض، وشعبية رئيس الوزراء نفسه أدنى من شعبية رؤساء الدول غير الشعبيين في الغرب. محاولات الائتلاف تطبيق الفكر المسيحاني لـشركائه المتطرفين تثير ضده الأغلبية. غير أن هذه أغلبية هادئة وصامتة؛ لا يوجد ملايين من المتظاهرين المحتجين في الشوارع.
ماذا حصل؟ قيادة الاحتجاج، التي تتشكل من نساء ورجال رائعين، ابداعيين، وأكفاء على نحو رهيب وذوي تجربة إدارية وتنظيمية غنية، اقتنعت في مرحلة معينة بأنه يمكن تجنيد الجماهير المستائين بدعوى أن بنيامين نتنياهو هو ديكتاتور على الطريق، وان اقتصاد إسرائيل يتدهور إلى الهوة. الادعاء لم يفحص؛ لا يوجد في الماضي السياسي الغني والمتلوي لبيبي مؤشر إلى ميول طغيان وليس في المعطيات الاقتصادية الموضوعية مؤشر على الانهيار. بالمقابل، فإن الخوف من إضعاف المؤسسات الديمقراطية كان ولا يزال مشتركا لجماهير واسعة ومتنوعة. من الواضح لهم انه من أجل أن يجتاز فترة محاكمته وهو رئيس الوزراء انكب نتنياهو على تنفيذ سياسة اكثر المتطرفين ممن يتبنون فكرا مسيحانيا، مؤيدا للضم وغير ديمقراطي. تغرف الغالبية الساحقة من هذه السياسة، وتخاف إهمال روحها من الخطر على مستقبلها ومستقبل الدولة. إلى هذه الأغلبية يجب التوجه وتجنيدها للتظاهرات. وبالفعل، قبل بضعة أشهر، ظهر مئات آلاف الإسرائيليين القلقين من كل شرائح الشعب ينضمون ويوسعون التنوع. تبول الائتلاف في لباسه ورائحة النصر حامت في الهواء.
منذئذ تبخرت؛ فهل ستعود؟ في منتهى السبت وان كان مرة أخرى وصل إلى تظاهرات الاحتجاج اكثر من مئة وخمسين ألف إسرائيلي، حسب التقارير في كل وسائل الإعلام، لكن المدى تقلص. هذا تطور لا يمكن وقفه من خلال تكرار تلك الهتافات المتواترة واختلاق تعابير مثل "قوة كابلن". حين يتركز التقرير على الاحتجاج في مسألة هل نجح المتظاهرون أم لا في أن يغلقوا لساعات معدودة مسارات أيالون في مركز تل أبيب واضح أنه يخرج عن الاتجاه الصحيح. ليس لإغلاق أيالون أي مساهمة في الدفاع عن الديمقراطية وهو يعتبر كلعبة القط والفأر مع الشرطة. لخطاب البروفيسور يوفال نوح هراري يوجد دليل.
في الاحتجاج، المثبت تاريخيا، ينجح قانون الأعداد الكبيرة. وهاكم المثال الأكثر شهرة: الأنظمة الشيوعية في شرق أوروبا لم تسقطها في العام 1989 إلا تظاهرات الاحتجاج الجماهيرية بمشاركة مئات الآلاف بل والملايين التي جرت في السنة ذاتها في براغ، في بودابست، في صوفيا، في برلين، في فيلنا، في كييف، في وارسو، في غيدانسك وبتأخير ما في ايران أيضا. في ضوء محيط الاحتجاج فهم قادة الأنظمة هناك بأنه انتهى حكمهم؛ انتصرت الديمقراطية، رغم أنه لم تطلق أي رصاصة، ولم ترشق أي زجاجة حارقة ولم تنشب أي حروب أهلية.
من المدهش بالتالي أن المروجين للعصيان المدني في البلاد ينسون ذكر الاحتجاج التاريخي ذاته، ويأتون بدلاً منه بنماذج مغلوطة من كفاحات غير ذات صلة. وحدها التظاهرات لحماية الديمقراطية بمشاركة نصف مليون حتى مليون إسرائيلي، في الميدان وليس في الاستطلاعات، يمكنها أن تحبط مؤامرات روتمان – بن غفير – سموتريتش. الأعداد وليس المناورات ستقرر مصيرنا.

عن "يديعوت"