ناقشت دولة فلسطين، اليوم الثلاثاء، تقريرها المتعلق بالتزامها بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وذلك أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
وترأس فريق دولة فلسطين وزير العدل محمد الشلالدة، إذ ضم الوفد الجهات ذات العلاقة بمضمون مواد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
واستعرض واقع حقوق الإنسان في فلسطين، والجهود التشريعية والقضائية والإدارية والسياسية الرامية إلى دمج المعاهدات الدولية والارتقاء بواقع حقوق الإنسان في فلسطين، بالرغم من معيقات الاحتلال وجرائمه اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
من جهته، قال وزير العدل في معرض كلمته أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان: "اليوم في ظل استمرار السياسات الممنهجة واسعة النطاق للاحتلال الاستعماري الإسرائيلي بأدواته المختلفة من مسؤولين مدنيين وعسكريين ومن جيش الاحتلال ومن المستوطنين المستعمرين، أؤكد أهمية وضرورة اهتمام لجان المعاهدات وأجهزة ومكونات هيئة الأمم المتحدة كافة بهذه الهجمات، والعمل على وضع التدابير والإجراءات التي قد تحول دون تفاقمها ووقوع ما نخشى وقوعه من عمليات قتل وتهجير قسري وتدمير ممنهج للممتلكات الفلسطينية".
وأشار إلى أنّ هذه الهجمات والأعمال العدائية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، على تماس وعلاقة كبيرة بالعهدين الدوليين لانتهاكها لجميع الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني، بل تنتهك أهم وأساس حقوق الإنسان وحرياته، وعلى رأسها المادة الأولى المشتركة في العهدين الدوليين التي أكّدت على حق الشعب في تقرير المصير، بالإضافة إلى حق الإنسان في الحياة وحقه في الأمن والأمان، وحقه في صون وحماية ممتلكاته، وحقه في الكرامة الإنسانية، وليس هذا فحسب، بل تمثل التصريحات التي تصدر عن قادة سلطة الاحتلال غير المشروع والتنظيمات الإرهابية الاستيطانية دعوة صريحة للكراهية القومية والعرقية والدينية والعنصرية.
واستكمل: "ولا شك في أن الاحتلال والحقوق أمران متناقضان ولا يمكن اجتماعهما، ولهذا ندرك كما يدرك شعبنا الفلسطيني أن الوصول إلى التمتع والممارسة الفعلية لحقوقهم وحرياتهم لا يمكن له أن يتحقق طالما الاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته جاثمة على أرضنا".
وأردف: "إنّ فلسفة الحقوق والحريات قد انطلقت من كرامة وإنسانية الإنسان، وهي ما لا يمكن الحديث عنه في فلسطين في ظل ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات، والتي بلغت ذروتها في عقاب أبناء الشعب الفلسطيني الأموات، عبر احتجاز جثامينهم ورفض تسليمها، وليس هذا فحسب، بل بلغت جرائم الاحتلال اللاإنسانية في استكماله تنفيذ العقوبة على بعض الشهداء الفلسطينيين بحجز جثامينهم لاستكمال مدد اعتقالهم".
وتابع: "رغم هذه الأوضاع ورغم ما يعانيه الشعب الفلسطيني، لم نتوانَ ولم نتردد في الانضمام إلى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان وإلى غيرها من المعاهدات الدولية، لقناعتنا المطلقة بأن هذه المعاهدات قد وُضعت لخدمة الإنسانية ولتعزيز قيمها القائمة على العدالة والمساواة، ولهذا انضمت دولة فلسطين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وسائر المعاهدات الأخرى فور أن سنحت لها الظروف بإرادتها الحرة، إيمانًا منها بهذه الحقوق وبضرورة تجسيدها في الإطار التشريعي والإداري والسياساتي والقضائي".
وأضاف: "وهذا ما تبناه القانون الأساسي الفلسطيني، ومسودة الدستور الرابعة التي أنجزتها لجنة صياغة الدستور برئاسة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، ولهذا نحن ننظر إلى الحوار والنقاش البناء مع لجنتكم الكريمة وسائر هيئات المعاهدات الدولية باعتباره فرصةً ثمينة للمراجعة الذاتية والتحليل السليم لأوضاعنا، من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في فلسطين، لقناعتنا وإيماننا بأن شعبنا الفلسطيني الذي يعاني الاحتلال والظلم يستحق أن يتمتع أسوة بشعوب المعمورة بجميع الحقوق والحريات التي كفلها العهد".