سلوك الأمن الفلسطيني في الضفة..الحكمة السياسية قبل الضرورة المهنية!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 كلما تصاعدت "حركة التمرد الوطني" ضد العدو الاحلالي في الضفة والقدس، تسارع أدوات أجهزة دولة الكيان بتنشيط مختلف خلايا "متعددة الأسماء" والمهام، للعمل بكل فاعلية لكبح تطور ذلك المسار وحرفه نحو جوانب مختلفة، جوهرها نقل المشكلة من "صدام مع غازي الى صدام مع الذات".

بعد معركة جنين، وما أنتجته من تعزيز البعد الكفاحي – الفدائي، وكسر هيبة جيش الغزاة، وخروجهم بمشهد لن يزول سريعا من الذاكرة الوطنية، مقتل جندي من الغزاة برصاص لم يسكت سوى مع مغادرة آخر آلية للمحتلين، سارعت دولة الكيان، بإيقاظ "خلاياها المحلية" سريعا لسرقة لحظة "النشوة الوطنية" عبر فتح معارك ضد السلطة الفلسطينية وأجهزتها، والقيام بإطلاق نار على مراكزها، مع ما كان حادثة حول قيادة فتح، ثم "تسهيل الشاباك" لتنفيذ عملية قلقيلية قرب مستوطنة "قدوميم"، ولاحقا الحديث عن اطلاق "صواريخ توكتوكية" كإعلان مدفوع الأجر من قبل دولة الكيان.

وبالتزامن، مع ذلك فتحت وسائل إعلام عبرية حملة منسقة ومتسقة، حول مكانة السلطة الفلسطينية مقابل حركة الإخوان المسلمين في الضفة الغربية (حماس)، بدأت عبر استطلاع خاص، ثم اتسعت جوانبه، للحديث عن انهيار السلطة إن لم تسارع حكومة التحالف الفاشي الحاكم لنجدتها، وأن الأمن الفلسطيني فقد السيطرة وسيناريو غزة على الأبواب.

ودون الوقوف على ما صدر من بيان لحكومة الفاشية اليهودية بقيادة الثلاثي الإرهابي نتنياهو – سموتريتش – بن غفير، كشروط اذلال وانهاء، فالحقيقة أن دولة الكيان بكامل أجهزتها هي من يقف وراء محاصرة السلطة الفلسطينية، والعمل على انهاء آخر بقاياها التي بدأت منذ مايو 1994، بعدما مرت بأكبر عملية تدمير من 2000 – 2004، مهدت لتسليم قطاع غزة الى "الحكم الإخوانجي" بانقلاب تم صناعته في مركز "الكرياه" بتل أبيب.

وراهنا، تعيد دولة العدو، ذات السيناريو للخلاص من أخر مظاهر "الكيانية الفلسطينية" واستبدلاها بـ كيانية مشوهة" تحمل مسميات خاصة، وجوهرها وظيفة أمنية كاملة مقابل دور وامتيازات، بشكل ليس انقلابي بل عبر نشر فوضى عسكرية تخلط بين حرب على مقار السلطة وربما عمليات اغتيال لشخصيات دون تحديد، بالتزامن مع قيام تلك الجهة بتنفيذ بعض عمليات "محسوبة" ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه، في خطين متوازيين، كي يبدو منفذي مخطط الفوضى الأمنية العامة كطرف "مقاوم" بغير حقيقتهم..وتجربة 1993 – 1996 لا يجب أن تغيب أبدا عن الذاكرة الوطنية، بل يجب ان يعاد تقييمها استراتيجيا من كل الوطنيين الفلسطينيين قبل الذهاب لتكرار أحداث "النكبة الكبرى الأولى" عام 1948، بشكل مستحدث.

ذلك ليس استنتاجا سياسيا، بل ما أعلنه نتنياهو نصا صريحا، بأنه لا دولة فلسطينية وهذا حلم يجب تدميره، وهو لا يمكنه ذاتيا فعل ذلك، فلذا لا بد من "صديق محلي" بتقديم تلك الخدمة الكبرى، وأن ما يبحث عنه في الضفة طرفا يؤدي وظيفة "الحكم الإخوانجي" في غزة..أمن مقابل امتيازات مالية – سياسية محدودة، لن يقف كثيرا عما يطلق عليها من مسميات وألقاب، ما دام الجوهري يتم تحقيقه.

أمام ذلك المخطط المكشوف جدا لكل مبتدئ سياسي، لا بد أن تقف "قيادة السلطة الفلسطينية" لتفكر بعيدا عن "ردة فعل" على ما تراه من تصرفات بعضا صبياني جدا، وأن تحدد الجوهري من الثانوي، بحيث لا تقع في "فخ المحتلين" لدفعها أن تفقد "البوصلة" من التركيز على الخطر الحقيقي الى الغرق بهوامش يمكن السيطرة عليها، بل يمكن كبحها، وخاصة ما يتعلق بالموقف من أطراف مشاركة في الثورة والمنظمة وكذلك حركة الجهاد، وكلاها لن يكون شريكا في "بديل العدو الموازي"، كما أنهم ليسوا شركاء في "الحكم الإخوانجي" في قطاع غزة، رغم حالة "الارتعاش" التي تصيبهم من أي نقد لجرائم ترتكب، ولغدر تكرر بل واتهامات معيبة طالت الجهاد، قيادة وكادرا.

بالتأكيد، هناك محاولة من "الفصيل الأفعى" الذي يزحف لبث السموم ولدغ ما يمكنه لدغه، بتسهيلات احتلالية نادرة، لاستغلال بعض شباب القوى الوطنية، ومن بينهم شباب فتح، عبر المال والسلاح، كما حدث خلال المواجهة الكبرى، عندما سهلت حكومة شارون لهم وصول المال مع خنق السلطة وحصارها 2000 – 2004، وبديلا لفتح معركة مع الشباب المستغل من "الأفعى"، والذهاب لشن حركة اعتقالات مجانية، يجب البحث في طريقة حصار المخطط الاحتلالي وأداته الخاصة.

وكي لا يذهب المسار لتحقيق جوهر المشروع الاحتلالي وأداته الخاصة، من المفيد بحث سبل حصار تلك النزعات الانفلاتية، والوقوع في شرك المكذبة، عبر تشكيل "آلية خاصة" بين السلطة ومؤسساتها الأمنية مع القوى التي يتورط بعض عناصرها في القيام بأفعال بلا وعي، بل بخديعة وضلال.. آلية أو خط ساخن يكون هو الحل وليس الاعتقال، قطعا لمؤامرة مركبة الأبعاد وتمييزا للغث عن السمين، بعيدا عن كل تبرير ساذج.

"الحكمة السياسية وليس فقط الضرورة الأمنية"، ما يجب أن يكون ناظم العمل العام في الضفة الغربية، بين السلطة الفلسطينية بكل أجهزتها، والقوى الوطنية غير المتورطة بمخطط البديل المرغوب إسرائيليا.

ملاحظة: اصدار البيت الأبيض بيانا يطالب حكومة "الفاشية اليهودية" بحق التظاهر للناس ووقف القمع والإرهاب شي جديد لنج...كأنه الحديث عن دولة مش هاي اللي الأمريكان هلكونا بأنها "نموذج في الديمقراطية: رغم أنها "أم العنصرية والإرهاب وقبلهم الاحتلال والاغتصاب".

تنويه خاص: جرائم القتل المتلاحقة في قطاع غزة..وتسجيلها ضد مجهول أو اعتبارها قتل ذاتي تشير أن القتلة من أصحاب السطوة...طبعا مش حنقول وينكم يا فصائل "الغرفة السوداء" لانكم أجبن من الحكي..بس غيرهم مش لازم يسكتوا.. اقله يحققوا ويعلنوا شو صار..زمان قالوا الانسان اثمن رأسمال..في غزة صار أرخص من الرخص!