هارتس : نتنياهو يجرّ إسرائيل للارتطام بالجدار

حجم الخط

بقلم: يوسي فيرتر

 

 



مزيج قاتل من النشوة والغطرسة والوقاحة أعاد بنيامين نتنياهو ثلاثة أشهر إلى الوراء، إلى آذار الماضي. الدولار واليورو يرتفعان، الشيكل يضعف، محافظ بنك إسرائيل يحذر من الانهيار، جنود الوحدات المختارة والطيارون ورجال الاستخبارات يفحصون خطواتهم، الأميركيون يشددون النغمة، والاحتجاج يتعاظم.
مرة أخرى، مثلما كان في الربع الأول من هذه السنة، يسارع رئيس الحكومة السير نحو الجدار ويقود الدولة إلى أماكن خطيرة، من ناحية أمنية واقتصادية – اجتماعية، يمكن ألا تكون ثمة رجعة عنها. وتصميمه على أن يمرر بالقراءة الأولى إلغاء ذريعة المعقولية بعد يوم من الانقضاض العنيف لمخصيّيه على المستشارة القانونية للحكومة وطاقمها، أعاد إلى الاحتجاج اللمعان في العيون. التظاهرات الضخمة في منتهى السبت الماضي، ويوم المقاومة المثير للانطباع، أول من أمس، فقط مقدمة لما ينتظرنا في الأسابيع القادمة: نضال حازم للجمهور الديمقراطي الليبرالي أمام حكومة عنصرية قومية متطرفة ومسيحانية، يترأسها شخص خطير، لا يتردد في المقامرة بعدم مسؤولية جنائية تماماً، على وجود الدولة.
بعد أسبوعين ناجحين سجلهما في الجبهة القانونية، مع الشك الذي وضعته هيئة القضاة حول احتمالية إدانته ببند الرشوة، ومع الشهادة المتقلبة والمضللة لأرنون ملتشن، عادت لنتنياهو ثقته بنفسه. زوجته، كما تقول مصادر مقربة من الزوجين، التي عادت وهي مسرورة من برايتون، على قناعة بأن نظرتها الحادة وعناق شاهد النيابة الرئيس في الملف 1000 دمرت "القضية" للنيابة. أيضاً في الاستطلاعات ظهر انتعاش بسيط.
استنتج نتنياهو من ذلك أنه يمكنه تنظيم احتفال كنوع من إحراق الساحرات للمستشارة القانونية. وأنه أيضاً سينجح في تمرير إلغاء ذريعة المعقولية، التي سعت أبواقه في وسائل الإعلام إلى عرضها كبند هامشي. جزء صغير من الخطة الكبيرة، ليس أقل من ذلك. هو نفسه نشر فيلم فيديو شوّه فيه كالعادة أقوالاً، حول المعقولية، لاثنين من قضاة المحكمة العليا هما نوعم سولبرغ الحالي وإيلا بروتكتشيا المتقاعدة، التي سارعت إلى إجراء مقابلة من أجل أن تضع الأمور في نصابها. سولبرغ ممنوع من الرد، لحسن حظ رئيس الحكومة (هاكم عبرة للمقتبس: إذا أراد مواصلة التشويه وإخراج الأمور عن سياقها، فيجدر به الاعتماد فقط على القضاة الذين ما زالوا في مناصبهم أو أنهم ماتوا).
مرة أخرى، مثلما في كانون الثاني الماضي، وفي نقاط زمنية أخرى في الطريق، فإن نتنياهو قام بحسابات خاطئة. حتى بعد 28 أسبوعاً على الاحتجاج الضخم وبمستوى تاريخي فقد فشل في قراءة صورة الوضع. هو يعمل بعمى مشابه أيضاً أمام الولايات المتحدة، التي تبتعد وتتخلى عنه وعن حكومته. هو لم يتنصل من المقولة الغبية للطائش المناوب في حكومته، الوزير عميحاي شكلي، الذي قال (في مقابلة مع راديو "كول براماه"): إن يائير لابيد يشغل الإدارة الأميركية ضد حكومة إسرائيل.
"في كل مرة تريد فيها المعارضة إشعال النار تأتي فجأة مقولة من جهة الرئيس"، قال وزير الشتات. "توجد درجة معينة من التنسيق بين رجال الرئيس ولابيد وأيهود باراك".
إن عدم استنكار وعدم دعوة الوزير إلى النظام بالطبع تعتبر موافقة على أقواله. لم يكن ليقول ذلك تقريباً لو لم يسمع هذه الأقوال من رئيس الحكومة أو مقربيه. طريقة التفكير البارانوية هذه أيضاً تناسب نتنياهو. فهو وبحق يؤمن بأن لابيد وباراك ينقلان رسالة، وبايدن يمتثل. هو كما يبدو تنازل بصورة دائمة عن زيارته للبيت الأبيض. فليكتفِ وليهنأ بالمبعوثين.

عن "هآرتس"