لي صديق أعتبره أخاً لي. قرابة 30 سنة خدمنا معاً في الاحتياط، في الحروب، وبين الحروب. محادثات لا حصر لها في ليال لا حصر لها في مواقع لا حصر لها. أحياناً تجادلنا بحماسة، وأحياناً توافقنا بهدوء. في بداية الصراع على ما يسمى "الإصلاح القضائي" اتصلت به هاتفياً. تساءلت ما الذي يفكر به شخص ذكي وضالع مثله، متدين، يميني، ليبرالي، حول الوضع. كان هذا خطأ، خطأ كبيراً، فاجأني؛ إذ بدأ بمناجاة وكأنها أُخذت من أحد الخطابات المريرة، السامة، لكتلة اليمين المليء. حين أنهينا المحادثة علمت أنني سأواصل محبته كالسابق. إذا ما علمت انه علق- لا سمح الله - في مشكلة فسأقف الى جانبه، مع باقي الرفاق. لكن سحر الأحاديث بيننا نفد. منذئذ لم أرفع اليه الهاتف، وهو أيضاً لم يرفع الهاتف ليتصل بي.
انقلاب لفين، روتمان، بن غفير وزملائهم نزع من إسرائيليين كثيرين جدا القدرة على الانصات الواحد للآخر. هذا مجرد عنصر واحد في السالب العام لكنه أليم على نحو خاص. يمكن للديمقراطيات ان تزدهر بلا دستور. إسرائيل مثال ممتاز، لكنها لا يمكنها أن تزدهر بدون قواعد لعب متفق عليها، وبدون ثقة أساسية بالمؤسسات، وبدون الحد الأدنى من الانصات المتبادل. ائتلاف انتخب حسب القانون اختار أن يخرق المطالب الثلاثة الأساسية هذه: قواعد اللعب خرقت، والثقة خرقت، والانصات توقف. هذا سيئ للفرد وخطير على المجتمع، بخاصة للمجتمع الإسرائيلي الذي يتعلق وجوده بوحدته الداخلية.
أول من أمس، في كابلان، في ختام يوم التظاهرات في كل البلاد، جاء مرة أخرى آلاف الأشخاص، معظمهم شبان. فقد علموا بأن مجيئهم لن يوقف طموح التشريع لدى الائتلاف، ومع ذلك جاؤوا. احساسهم بالالتزام يفاجئني كل مرة من جديد.
الشرطة، التي كانت نشطة جدا في كابلان في ساعات النهار، اختفت من الشوارع المجاورة. الشرطيون والشرطيات وقفوا خلف الشاحنات الكبرى التي سدت الطرق الى ايالون. وحظي انفاذ القانون بالتمثيل أساساً بفضل الزنزانة الكبيرة لوحدة نحشون في مصلحة السجون، التي توقفت في مركز المفترق، قرب محطة القطار.
شددت الشرطة، أول من أمس، إجراءاتها تجاه المتظاهرين. استخدام الخيول وسيارات المياه العادمة شذ أحياناً عن الحاجة، وعرض المشاركين في المظاهرات وافراد الشرطة للخطر. لا يمكن استبعاد إمكانية أن تكون تصريحات وزراء الحكومة، بما في ذلك الكذبة الفظة والوقحة عن تنفيذ انتقائي مزعوم، أثرت في سلوك افراد الشرطة، ويحتمل أن يكون الحر والرطوبة اخرجا العدوانية من الطرفين. على أي حال الشرطة ليست القصة.
الاحتجاج والائتلاف قطاران يندفعان الواحد تجاه الآخر. لا توجد آلية سياسية توقفهما، وبالتأكيد ليس في هذه المرحلة. فقط حدث دراماتيكي، عالمي، يمكنه أن يسرق الأوراق من جديد. السيناريوهات عديدة، من دهس مقصود لمتظاهر او متظاهرة، ينتهي بمأساة، وحتى حرب في الشمال. ثمة من يعول على الإدارة الاميركية، وثمة من يعول على الضرر الاقتصادي: كلف الانقلاب اقتصاد إسرائيل حتى اليوم 150 مليار شيقل، واليد لا تزال ممدودة.
عن "يديعوت"