جماهير جنين هي التي ستحسم

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

 

كثيرون من أبناء هذا الشعب عموما، وأبناء جنين خصوصا، نظروا لزيارة الرئيس محمود عباس بعد كل هذه السنوات نظرة مفعمة بالامل والايجابية نحو رأب الصدع الذي ما زال يعصف بالوطن ومقدراته، ويستنزف قواه وطاقاته، حتى وجدنا من بعض الأنظمة العربية من يعلق موبقاته في التقرب من "إسرائيل" وإقامة علاقات معها على مشجب التشرذم الفلسطيني، والكثير من المقالات التي دبجت في الاعلام الرسمي و غير الرسمي حول هذه الروحية المتفائلة المطعمة بالطبع بالأدعية والابتهالات ان تتكلل الزيارة بالتوفيق والفلاح وان تشكل اللبنة الأولى في مدماك الوحدة الوطنية وجمع شمل الفلسطينيين وان ينصرهم الله على القوم الكافرين .... الخ من هذه الادعية ، متناسين ان هذه مكانها المساجد والكنائس، لا الصحف والمنابر الإعلامية التي تذهب أكثر في التحليل والتركيب .


قد لا تحتاج المروحية الأردنية التي أقلت الرئيس من المقاطعة في رام الله الى جنين، الى تنسيق امني إسرائيلي فلسطيني، حيث اعلن من توّه انه توقف، لكنها بالتأكيد تحتاج الى تنسيق اردني إسرائيلي في شأن فلسطيني، وحتى لو قرر الرئيس استقلال سيارته ليذهب الى جنين الخارجة لتوها من معركة تدميرية إمحائية، فإنه سيحتاج الى تنسيق أمني، فقد قال ذات مرة : ان ذهابي الى الخليل يحتاج الى تصريح .


البعض رأى في الزيارة عدم تكرار خطأ غزة، التي لم يزرها الرئيس منذ انفصالها عن الضفة او استقلالها عن السلطة، حتى أعادتها إسرائيل من بوابة العمل، حيث سمحت لنحو عشرين الف عامل غزي بالعمل داخلها، الذي بالطبع لم يتم مجانا ولا بدون تنسيق، لكن جنين مخيما ومدينة ومحافظة، ليست قطاعا كغزة يقطنه مليونا انسان، وفيها اليوم ما فيها من الصواريخ التي عجزت إسرائيل عبر خمس حروب ان تركعها او تفكك ترسانتها .


صحيح اننا مقدمون على مؤتمر مصالحات مزمع لأمناء الفصائل في القاهرة نهاية الشهر الجاري، ولكن من قال ان حضور المؤتمر لا يتطلب تصريحا وموافقة من إسرائيل، على الأقل للأمناء المقيمين تحت الاحتلال في الضفة او القطاع على حد سواء، ومن اين نضمن ان البعض لا يقدم تقريرا عما حصل في المؤتمر لدى انفضاضه ثمنا للسماح الاسرائيلي ، و حتى نتجنب كل هذا الحرج سواء في الذهاب او الإياب ، لا تشكل الفصائل اليوم الا نسبة قليلة من الالتفاف الشعبي حولها، باستثناء الحركتين الحاكمتين ، كان يكفي ان تتفقا بأي طريقة كانت ، فتتوافق معهما بقية الفصائل ، أليس هذا ما حدث في تقارب جبريل الرجوب وصالح العاروري في موضوع الانتخابات قبل سنتين؟، بل لقد اتفقا ان تخوض الحركتان الانتخابات في قائمة موحدة وبرئيس واحد .


لن تسمح السلطة ل"حماس" ان تضع يدها على جنين ، ولا غير جنين ، بعد غزة ، و لن تسمح إسرائيل للسلطة ان تكون جنين – ولا غير جنين – عاصمة لمقاومتها المسلحة. فهل حسمت الزيارة أي شيئ من هذا القبيل ؟ الجواب : جماهير جنين هي التي ستحسم .