لا يمكن اغفال الجانب المعنوي المهم الذي تلعبه ايران سواء المعلن او السري لدعم القضية الفلسطينية منذ سنوات طويلة مضت رغم خلافات طفت على السطح في ضوء النتائج التي افرزتها حرب الخليج المدمرة بين العراق وايران لسنوات طويلة حيث انتقدت ايران بوضوح الدور الفلسطيني المنحاز انذاك للعراق .
بعد تغييرات عديدة على خارطة الشرق الاوسط وما حملته نتائج الربيع العربي والتحرك الدولي الدبلوماسي المكثف في السنوات الاخيرة للجم وصد امكانية نشوب حرب كبيرة في المنطقة تكون اطرافها الدولة الشيعية الكبرى وحلفائها في المنطقة وفي المقدمة حزب الله والفصائل الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ، فان امكانية نشوب هذه الحرب بشكل واضح وصريح تبدو بعيدة حيث ان الجهود الدولية الاخيرة نجحت بتوفير ارضية خصبة يتجنب من خلالها الجميع حربا مدمرة وقاسية ..
في موازاة ذلك يبدو ان الدور الايراني بالتسلل الى منطقتنا وفرض بصمة في سوريا ولبنان والعراق ومن ثم في الاراضي الفلسطينية واضحا للعيون وماثلا وله من الامثلة والنماذج الكثير الكثير وليس ادل على ذلك من القصف الاسرائيلي المتكرر خلال السنوات الماضية على مراكز وتجمعات ومنشآت في سوريا تحديدا يدعي الاحتلال الاسرائيلي انها تعتبر موطئ قدم لايران في المنطقة ..
هذا التغلغل البطيء وصل الى الضفة الغربية مؤخرا من خلال تحسن كبير طرأ على العلاقة بين الحركات الاسلامية ( حماس والجهاد) مع ايران واصبح واضحا ان الدعم الايراني الذي يصب في جهود اشعال وتيرة وجذوة المقاومة ضد الاحتلال يعتبر احد الاهداف المهمة حاليا في السياسة الايرانية الخارجية والسؤال الذي يطرح نفسه في ضوء تطورات الاشهر الاخيرة وسعي ايران لتعزيز نفوذها في الضفة الغربية بعد قطاع غزة يتعلق بالتحديات التي سيفرضها هذا الواقع الذي لن ترضى به اسرائيل على الاطلاق ..
هذه التحديات تحمل في طياتها عبئا ثقيلا على منطقتنا لا سيما وان التوجه الايراني اصبح معلنا وواضحا في خضم الصراع على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط بين طهران وتل أبيب، حينما أعلن القائد العام للحرس الثوري الإيراني أن الضفة الغربية سوف تتسلح أيضاً ضد الإسرائيليين.
وجاءت تصريحات القائد الايراني ، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لمكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، قال فيها إن "غزة ليست ميدان المقاومة والنضال الوحيد، لكن هذا الكفاح انتقل أيضا إلى الضفة الغربية"
ومضى المسؤول الايراني مهدداً: "لا يوجد أي هامش آمن في أي وقت لإسرائيل وسكانها"، وتطرق إلى صواريخ حزب الله فقال إن القوة النارية للقوات الفلسطينية أصبحت إلى جانبها، مضيفاً: "يمكن أن تكون جميع أجزاء إسرائيل الأخرى تحت رحمة الصواريخ".
وفي الوقت الذي تتهم جهات سياسية حكومية ومستقلة في منطقة الشرق الأوسط طهران بالسعي لاستغلال القضية الفلسطينية لفائدة مصالحها ضمن الصراع على مناطق النفوذ مع إسرائيل إلا أن طهران تقول إنها تدعم ما تصفه بـ "جبهة المقاومة" التي تشمل النظام في سوريا إلى جانب المليشيات المتحالفة مع إيران في المنطقة.
وفي ضوء هيمنة اسرائيل التكنولوجية والامنية العالمية شاهدنا مرارا وتكرارا هجمات من نوع سايبر على المنظومات الاسرائيلية الالكترونية الفاعلة لكن ايا منها لم يحقق نتائج مهمة لايران التي تتهمها اسرائيل بالوقوف خلف هذه الهجمات وهو جزء مهم من التوجه الايراني لفرض نفوذ كبير في الشرق الاوسط ..
وتصف ايران نفسها من الاصدقاء الحقيقيين لفلسطين وتعتبر نفسها من الذين يقفون في المواقف الصعبة حتى النهاية مؤكدة ان تسليح الضفة الغربية سيمضي على قدم وساق لمواصلة الكفاح الفلسطيني والمقاومة .
وفي تحليل لتصريحات المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قبل عدة سنوات إن "الضفة الغربية ستتسلح بالتأكيد"، يتضح ان ايران طلبت من كل من يستطيع تسليح الضفة الغربية أن يفعل ذلك إذا كان يريد "تخفيف معاناة الفلسطينيين" على حد تعبيره.
وخلال العدوان المتكرر من إسرائيل على حركة الجهاد الإسلامي في غزة، والذي تزامن مع زيارات للامين العام لهذه المنظمة الفلسطينية، زياد النخالة، إلى طهران، زعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الهدف وراء زيارة النخالة إلى إيران هو إيقاظ الخلايا النائمة لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، بغية زيادة النشاط المسلح في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة وعليه تم العام الماضي اعتقال بسام السعدي احد قياديي الجهاد الاسلامي في جنين .
تبدو التحديات كبيرة في اطار محاولات ايران للتوسع في منطقتنا وستكون لذلك اثار سلبية كبيرة جدا على الفلسطينيين سيما وان هذا التوسع قد يتسبب بمزيد من الاضطرابات في المنطقة .
ونختم بالقول ان اللعبة هي خارج الشعارات وتوظيف الورقة الفلسطينية في المشروع الإقليمي الإيراني.
فالدور العسكري الإيراني هو دائماً دور بالوكالة من خلال ميليشيات تابعة لفيلق القدس. وليس على "أجندة" ايران العملية شن حرب واسعة مع إسرائيل، لا من غزة، ولا من لبنان، ولا من سوريا، وليس في شعارات طهران سوى رفض التسوية السياسية وحل الدولتين في الصراع العربي - الإسرائيلي ومن هنا فمن مصلحتها في المرحلة الحالية التمدد وتوسيع نفوذ الانتشار الاقليمي كهدف مرحلي تسعى فيه لتسليح الضفة كما تم تسليح قطاع غزة الامر الذي سيكون له نتائج قاسية في مستقبل قريب .