الكهرباء وما أدراك ما الكهرباء

رامي الغف.jpg
حجم الخط

بقلم رامي الغف

 

 

 ظاهرة إرتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف، ظاهرة طبيعية ولكن الغير طبيعي في الأمر هو نفاذ صبر الجماهير وقوة تحملهم وخاصة مع ازدياد ساعات القطع للتيار الكهربائي في عموم القطاع والذي يصل في بعض الأحيان إلى 12 ساعة يوميا وفي بعض المناطق يتعدى هذه الأرقام.

يبدو أن شركة الكهرباء ماضية في نهجها الاستفزازي لمشاعر الجماهير في المحافظات والقرى والحواري في قطاع غزة، فبعد أن كانت تعمد طوال السنوات الماضية إلى تقنين إمدادات الطاقة الكهربائية إلى حدود غير مرحب بها من قبل المستهلكين، اعتمدت هذه الشركة توجها جديدا على خلفية تطوير آليات عملها، إذ تبنت احد أكثر السبل تأثيرا في مهمة إلحاق الضرر بالمواطن.

وبغض النظر عن مجموعة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية والإنسانية لازمة الكهرباء المتفاقمة، فان إجهاض رغبات الجماهير في التمتع بنعمة الكهرباء يعد انتهاكا صارخا لمفاهيم حقوق الإنسان التي كفلها القانون وأقرتها المواثيق والاتفاقيات الدولية التي لا يعرف عنها جماهيرنا سوى ما يثار بين الفينة والفينة من بعض أصحاب القرار حول الحقوق المفترضة لهم ولأبنائهم.

إن المتابع للواقع المرير للوطن والجماهير، يشعر أن حالة من التذمر والاستياء تعمه من جنوبه إلى شماله، وسبب تفاقم حالة الاستياء والتذمر هذه هو شعورهم أن شركة الكهرباء، ليس لها سوى كيفية الحصول على المكاسب والامتيازات، وان كانت على حساب ومصلحة الوطن وجماهيره، وإلا ماذا يمكن أن تفسر بطئ وإيجاد الحلول السريعة لإنهاء هذا البلاء المسمى بالكهرباء.

هل حل مشكله الانقطاع المتكرر للكهرباء، يعتبر مشكله بحد ذاته؟ وهل الكلام عن هذه المشكلة أصبح شي يثير الأعصاب؟ بحيث يستفز المقابل ويبدأ بالشتم والسباب وهذه عاده معظم جماهير اهل غزة الذين يتميزون بشكل عام بصعوبة إرضائهم وسهوله إغضابهم واستفزازهم، إلا ما عصم ربي، وهل نظل ندور بهذا الفلك الدوار عن أسباب ومسببات انقطاع التيار الكهربائي كأننا ندور حول حلقة مفرغه التي بدأت منذ نشأة الإنسان، وهل أن حل أحجية الكهرباء تحتاج منا أولا حل الأحجية الشهيرة، هل أن البيضة أتت من الدجاجة أم الدجاجة أتت من البيضة؟ وربما أن حل تلك الأحجية أصبح من الصعوبة بمكان، فقد أمست معضلة تردي الكهرباء التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه واحدة من المكابدات اليومية للجماهير يتجرعوها على مضض وينظرون إلى الوعود الكهربائية التي تطن مسامعه بين حين وحين بعين اليأس حتى سأم المواطن من الحديث حول هذا الموضوع الذي صار مملولا من مملولاته.

لا نريد بكلامنا هذا أن نبخس الجهود التي يبذلها موظفي ومنتسبي وكوادر والطواقم الهندسية والفنية لشركة الكهرباء، ولكننا لابد أن نضع النقاط على الحروف ونقول أن ثمة خلل واضح وفاضح في سياسية الشركة لحل المعضلة الكهربائية، التي ينبغي على رئاسة الوزراء في الحكومة، التدخل المباشر وإحداث تغير جذري والعمل سريعا على حل هذه المشكلة المستعصية، وكذلك تشكيل خلية أزمة كهربائية على غرار خلية الأزمات الاقتصادية والمالية خصوصا ونحن في صيف لاهب لا يبقي ولا يذر.

اليوم أصبحت الجماهير تصرخ في الأماكن العامة وتوجه ندائها إلى أصحاب القرار في هذا الوطن، ارحموا من في الأرض لان الجماهير أصبحت بركان من ثورة غضب ولا يعلم أحد متى يمكن إن يثور هذا البركان وبشكل سلمي للمطالبة بحقوقها التي يكفلها لها القانون والدستور، وبالطبع فأن جماهيرنا قدمت التضحيات تلو التضحيات منذ مئات السنين وحتى يومنا هذا، فأنهم بحق يستحقون الكثير من العطاء من قبل أصحاب القرار والمسؤولون والحكومة، ولابد لهم من إنهاء هذا العذاب ووضع مصلحة الجماهير فوق كل الاعتبارات الفئوية والحزبية والفصائلية.