يديعوت : الانقلاب القضائي: بدأتُ أخجل من كوني أشكنازياً

حجم الخط

بقلم: سيفر بلوتسكر

 



نتنياهو، لفين، سموتريتش وروتمان، كلهم أصحاب أسماء عائلات أشكنازية مفتخرة، هم السياسيون الذين يتصدرون الإصلاح القضائي. لم يكن في تاريخ دولة إسرائيل إصلاح "أشكنازي" أكثر منه، على الأقل حسب أصول رواده، كما أن أصل بعض البروفيسوريين في القانون ممن يؤيدونه هم من شتات الأشكناز.
تعريف الطائفية الأشكنازية والشرقية اليوم مشوش وسائل. ولكن لا يزال في تاريخ إسرائيل لم يقع إصلاح أكثر "أشكنازية من الحالي". ظاهراً، واضح الأمر أيضاً في أوساط من لا يعتبرون من رواده: منتخبو "شاس" الذين يعرفون ظاهراً كممثلين لمقترعين من "طوائف الشرق" أكثر اعتدالاً بكثير ويتحفظون عليه أكثر من منتخبي "يهدوت هتوراة"، وكذا كبار الليكود من أصل شرقي، في قسم منهم يدفعون باتجاه الحل الوسط والتوافق. ومن يعارض كل حل وسط الجناح الهجومي المتماثل في معظمه كأشكنازي.
العدوانية، في هذه الحالة، تخفي الغباء. تغطيه. فكروا بجدية وعمق في مشروع القانون المطروح الآن في الكنيست لتقليص علة المعقولية في القرارات القضائية. فهل كان مشرع عاقل يمكنه أن يصوت إلى جانب تشريع يقيد حق التفكير الحر للقضاة ممن يقادون حسب مبادئ العدالة؟ فكل قرار لقاض أو عضو هيئة قضاة هو في نهاية الأمر تعبير عما هو معقول أو غير معقول في نظرهم، ولا تهم الصياغة الرسمية.
حتى في القضاء الجنائي يتم قبول أو رفض البينات من القضاة وفقاً لأفضل تفكيرهم معتقدين أنها معقولة أو لا. هكذا أيضاً بالنسبة لحجج الادعاء العام والدفاع في كل إجراء قضائي بصفته هذه. إن محاولة التقييد بالتشريع لعلّة المعقولية مثلها كمحاولة التقييد بالتشريع والتفكير والتفسير للقضاة كبشر وإلغاء القول الأكثر شهرة في تاريخ الفلسفة: أنا أعتقد/أفكر/أشكك معناه أني موجود (ديكارت).
ينبغي للمرء أن يكون أحمق تماماً كي يحاول أن يقيم في دولة إسرائيل في القرن الـ 21 شرطة أفكار في صيغة متطرفة وغريبة على نحو خاص: شرطة أفكار القضاة. مهما كانت نتيجة التصويت في الكنيست، فإن قضاة إسرائيل سيستخفون بالتشريع وسيواصلون التفكير في أثناء مداولاتهم فيما هو معقول وغير معقول، ما هو مقبول على العقل وما هو غير مقبول. هذا واجبهم المهني الأول والمبدئي. هذا أمر ضميره.
ماذا يشبه الأمر؟ تشريع يقيد حق الأطباء في تشخيص أمراض المرضى وحق المعلمين في تعليم الألف باء. الأمور قد تكون ممكنة في أنظمة شمولية، وحتى هناك يكون لازماً قبل كل شيء تطهير جماعي لمنظومة القانون والعدالة كي يوافق "القضاة" الجدد على القضاء، تحت تهديد السلاح، دون قانون ودون عدالة.
أيها الوزير لفين هل مثلاً ستبعث بالحرس الوطني كي يعتقل القضاة الذين يتجرؤون على مراعاة معقولية التعيينات الحكومية؟ لا يوجد لمثل هذه الخطوة احتمال في البلاد، وهي تتعارض أيضاً مع جوهر القضاء العبري، إلا إذا كنا سنعود إلى العصور الوسطى ومحاكم التفتيش أو محاكمات الأطباء اليهود لدى ستالين. هذا لن يحصل.
الطبيعة آنفة الذكر للغباء والحماقة المختبئتين في صورة أيديولوجيا وفكر صحيحة أيضاً بالنسبة لبنود الإصلاح القضائي الأخرى التي تقيد حرية القضاء. لا فرق بين هذه البنود وبين تشريع يطالب القضاة ألا يستندوا في قراراتهم إلى الوجود البشري. هذه هي اللحظة للاعتراف بما في قلبي: أمام الأقوال العابثة لسموتريتش، لفين، وروتمان، أمام الشروحات والتعليلات عديمة الحكمة لديهم، أبدأ بالخجل من كوني أشكنازياً. ولعلي حتى سأغير أصلي الطائفي إذ إني ولدت في أوزباكستان الآسيوية.

عن "يديعوت أحرونوت"