بناء على طلب فلسطيني اعتمدت الجمعية العامة في الأمم المتحدة القرار بطلب رأي استشاري من أعلى هيئة قضائية دولية (محكمة العدل الدولية) حول ماهية الاحتلال القانونية.
أصدرت المحكمة في هولندا بتاريخ ٨-٢-٢٠٢٣ قرارا بأن الأمم المتحدة والدول الأعضاء قادرة على تقديم معلومات حول الأسئلة المقدمة إلى المحكمة عملاً بالمادة ٦٦ من نظامها الأساسي، وحددت يوم ٢٥-٧-٢٠٢٣ كحد زمني لتقديم البيانات المكتوبة حول الأسئلة إلى المحكمة، وتاريخ ٢٥-١٠-٢٠٢٣ كحد زمني للدول والمنظمات يجيز لها تقديم تعليقات او اعتراضات مكتوبة على البيانات المكتوبة التي قدمتها دول أو منظمات أخرى.
السؤال الذي أتمنى إدراجه ودراسته, وأكرره في كل لقاء سياسي او دبلوماسي, بعد ٧٥ عاما على الاعتراف بدولة إسرائيل في الأمم المتحدة, وبعد تعنت الدول الأعضاء- التي تنادي بحل الدواتين على مدار عقود- عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية, ومن هنا ان كان هناك توافق دولي على ضرورة انهاء الاحتلال لِمَ لا نطرح الأسئلة التالية:
لِمَ لا تطالب الأمم المتحدة دولة إسرائيل بتحديد حدودها الجغرافية، أسوة بباقي الدول الأعضاء وعملا بأساسيات المنظومة الدولية؟ بناء على جواب صريح, تقرر الدول الأعضاء فيما اذا تستمر بطرح حل الدولتين او الاستغناء عنه احتراما للحقائق المفروضة على الأرض.
أليس من الحكمة ان تتعامل المنظومة الدولية مع الاحتلال كمسألة قانونية أممية وليست موضوعا للتفاوض عليه؟ ألم يحن الوقت لإدراك ان المفاوضات بحد ذاتها وسيلة وليست غاية؟
هل فعلا أداة "المفاوضات الثنائية" بين الفلسطينيين والاسرائيليين هي (أداة وحيدة وكافية) لتحقيق السلام ولتأمين دولة فلسطينية مستقلة سياسياً؟ ألم يحن الوقت للفت انتباه المحكمة أن تنظر في اتخاذ تدابير سلمية ووسائل حل نزاع أخرى غير "المفاوضات" لتحقيق نفس الهدف؟ أليس من الحكمة اللجوء للوساطة أو التوفيق أو التحكيم، من الطرائق التي قد تراها المحكمة مناسبة مع بقاء الهدف النهائي بتحقيق السلام للشعبين؟ وتجنب المزيد من المماطلة وتحقيق تقرير المصير للشعب الفلسطيني أسوة بغيره، فهو حق غير قابل للتصرف في المنظومة الأممية.
ضروري للفلسطيني ان يتعلم من تجاربه في هذه الساحات، ففي عام 2004 حيث صدر رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية حول الجدار, أكد على واجب إنشاء دولة فلسطينية في أسرع وقت ممكن وأكد عدم شرعية الجدار ووضع مسؤولية على الأمم المتحدة، الا ان الراي الاستشاري لم يتم البناء عليه كما يجب وهو غير ملزم في نهاية الأمر!
تدرك المنظومة الدولية تصميم الحكومة الإسرائيلية المتطرفة على مواصلة احتلالها وتقويض حق تقرير المصير الفلسطيني. هذه المرة، لتقدم المحكمة رأي استشاريا بشرعية الاحتلال الاسرائيلي طويل الأمد. ضروري ان تتمحور البيانات والأسئلة حول فضح الغرض الاستيطاني الاستحواذي المتمثل في إطالة أمد الاحتلال والذي يعتبر انتهاكا صريحا للمعايير القطعية للقانون الدولي, بالتالي نتمنى من الفريق القانوني والدبلوماسي الفلسطيني إجراء جلسة استماع وتغذية للجمهور بمستجدات الجلسات, ضروري عرض البيانات المكتوبة والتعليقات والردود الدولية لتحقيق المصلحة الفلسطينية العليا. وضروري إعادة تفعيل اللجان الوطنية والقانونية لحشد الجهود وتوحيدها لمتابعة الملف وتجنب تضييع أي فرصة!
التوجه لـ ICJ تزامناً مع حكومة إسرائيلية متطرفة دموية, خطوة دبلوماسية فلسطينية إيجابية لطلب رأي استشاري، تشكل مبادرة للخروج من دائرة الفراغ الى توجيه الجاذبية نحو "الاحتلال" وضرورة البدء بإنهائه.
ـ دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي, كلية الدراسات العليا, الجامعة العربية الأمريكية.