هارتس : لا تنخدعوا: الاحتجاج عسكري في قيادته وشعاراته

جدعون ليفي.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 

 



هاكم قصة عن جيش كانت له دولة. جاءت حكومة عملت على قلب ترتيبات الحكم في دولة الجيش. عندها قام الجيش بالاحتجاج ضد الحكومة. حتى بعد المسيرة الشعبية المدهشة التي سارت، أول من أمس، نحو القدس، التي هي غير مسبوقة، لا يمكن طمس طبيعة الاحتجاج العسكرية التي تغطي على أسسه المدنية.
هذا الاحتجاج ملون باللون الخاكي الفاتح والأزرق الذي هو لون زي الطيارين. لغته عسكرية ومعظم قادته هم من رجال الجيش والأمن السابقين، ورفض الخدمة في الجيش هو سلاحه الناجع، وهدفه النهائي هو الحفاظ على الدولة كما كانت في السابق. بعد أن أصبح من الواضح أن إسرائيل قد نضجت وتم فطامها من أمراض طفولتها العسكرية وعن تقديس الجنرالات وعبادة الخدمة العسكرية، جاء الاحتجاج وأظهر أن العسكرتارية لم تضعف ولم تتلاشَ، بل على العكس، هي في الذروة. لا يوجد أي دليل دامغ على ذلك اكثر من قيام حركة احتجاج ديمقراطية أخيرا في إسرائيل تستند إلى أسس عسكرية.
لا توجد تناقضات كبيرة أكثر من التناقض بين الجيش، وهو تنظيم غير ديمقراطي بشكل واضح، وبين الديمقراطية. لا توجد ديمقراطية مع الجيش، والجيش غير ديمقراطي بالضرورة. هل الآن الجيش هو حارس عتبة الديمقراطية؟ هل أصبحنا نشبه تركيا؟ أين بالضبط تعلم الجنرالات لدينا الديمقراطية، في الثكنات؟ هل في قصبة نابلس؟ هل من خلال فرض الديكتاتورية العسكرية على شعب آخر، التي هي أساس نشاطاتهم منذ عشرات السنين؟ ذهبت إسرائيل أبعد من ذلك أيضا. حتى رؤساء التنظيمات السرية السابقون هم الذين يدافعون عن ديمقراطيتها.
الأشخاص الذين التنكيل هو عقيدتهم، وروتين حياتهم اليومي هو التصفيات والاعتقالات السياسية وابتزاز وحشي بشكل جماعي واستغلال الضعف والتحقيق تحت التعذيب واختطاف بدون أي رقابة قضائية، الآن هم رؤساء الاحتجاج الديمقراطي. نداف ارغمان، يورام كوهين ويوفال ديسكن، يقفون الآن في واجهة النضال الديمقراطي بعد أن وقفوا على رأس جهاز يعمل في "المناطق" بطرق الشتازي (وزارة أمن الدولة في ألمانيا الشرقية (سابقاً) حيث كانت في الوقت ذاته جهاز المخابرات والشرطة السرية، وكانت رسمياً «وزارة الأجهزة المسلحة» داخل مجلس وزراء الجمهورية - المحرر) وهم الذين يشرحون لنا كم هي ثمينة الديمقراطية.
اصغوا أيضا للمصطلحات العسكرية: "جبهة الاحتجاج" و"مقر قيادة" النضال و"ائتلاف المتهربين من الخدمة" (ائتلاف نتنياهو)، احتجاج الطيارين، وكان أول من أمس مؤتمر صحافي "دراماتيكي" لجميع أجهزة الاحتياط.
لا يمكننا الهرب من الوجوه العسكرية في قيادة الاحتجاج: إيهود باراك ودان حلوتس والأولاد القدامى، "أخوة في السلاح" بالقمصان باللون البني وتنظيمات التي هويتها تم تحديدها فقط حسب نوع الخدمة العسكرية لصديقاتها، أيضا جمعيات وعرائض لخريجي وحدات، هي إشارة التشخيص المهمة والمثيرة للانطباع أكثر من أي شيء آخر، فكل الاحتجاج هو عسكري. حتى المخلص القديم – الجديد الذي بزغ في نهاية الأسبوع، يوآف غالانت، الجنرال وقائد عملية "الرصاص المصبوب" واليميني. أين تعلم غالانت قوانين الديمقراطية؟ في حي الزيتون، الذي كان فيه، عندما كان قائد المنطقة الجنوبية، والمسؤول عن قتل 23 شخصاً من عائلة سموني؟ وعن قتل بنات عائلة أبو العيش؟ ربما أن غالانت قد غير صحبته والآن هو ديمقراطي مشهور، بل أصبح جون لوك الإسرائيلي. وربما أن تحويله إلى أمل الاحتجاج الليبرالي يحكي كل القضية. وممتعة أيضا حقيقة أن معظم فعاليات الاحتجاج تنبع من طابعه العسكري.
ليوقف الأطباء عملهم، وليجتمع رؤساء فروع الاقتصاد، وليشارك المحاضرون في المسيرة، وليهدد رجال الهايتيك، وليوقع الكتاب والشعراء – في النهاية من سيوقف الانقلاب هم الجنرالات.
وإذا لم يكن هذاً كافياً ليدلل على المجتمع الإسرائيلي فما الذي سيدلل؟ يجب علينا تأدية التحية للمحتجين، لا سيما بعد نهاية الأسبوع الأخير، على المشاهد المثيرة. ولكن يجب التذكر بأن أداء التحية نفسه هو إشارة عسكرية واضحة.
"يوجد لي ابن في حوارة وهذا ما يفعلونه بنا"، صرخ في نهاية الأسبوع في تل أبيب أحد المتظاهرين الذي كان يضع على جسمه علم إسرائيل إزاء المياه التي أمطرتها عليهم سيارة رش المياه العادمة. يوجد له ابن يمارس الاضطهاد في حوارة، يتفاخر. ولذلك هو يناضل من أجل الديمقراطية.

عن "هآرتس"